جل آغا/ أمل محمد –
تقع قرية باتزان على بعد خمسة عشر كيلو متراً من ناحية جل آغا‘، وتُعرف القرية بطبيعتها الساحرة، وبأشجارها الحراجية التي تكسبها جمالاً لافتاً، ولكن ما يُميز هذه القرية عن باقي قرى المنطقة، وجود الينابيع بكثرة في محيطها الطبيعي، ينابيع تتدفق على مرأى العين، تخطف القلوب، وتأسر العيون، ومن أهم الينابيع، وأكثرها شهرةً هو “نبع المسجد” كما هو معروف بهذا الاسم من قبل الأهالي.
وعن تاريخ هذا النبع، وأهميته الرمزية لدى الأهالي حدثتنا شوّافة عبدو خضر، وهي امرأة خمسينية من أهالي المنطقة قائلةً: ” تتميز قريتنا بكثرة ينابيعها ولكن نبع المسجد يُعدّ عراب الينابيع في القرية، كان مجرد نبع يُغدق بالمياه بشكل طبيعي، فقام أهالي القرية ببناء مسجد حوله، ومن هنا جاء اسمه نبع المسجد، وكسب شهرة واسعة”.
وتابعت شوافة حديثها: “قام شبان القرية ببناء، ووضع الأحجار السوداء، والتي تكثر في قريتنا حول النبع لتُضيف جمالاً له منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، ليُذاع اسمه في المنطقة بشكل عام، ويُصبح مقصداً للأهالي والزوار، وتعيش الأسماك الصغيرة في مياه النبع، التي تكون دافئة في فصل الشتاء، وباردة في فصل الصيف”. وعن الأهمية الروحية للنبع فيما يتعلق بالأهالي قرية باترزان قالت شوافة: “نبع المسجد ليس مجرد نبع فهنالك العديد من الينابيع، ليس فقط في القرية إنما أيضاً في باقي القرى، ولكن مكانة هذا النبع كبيرة في نفوسنا، وهناك شيء خفي يشُدنا إليه، هو المكان الذي تجتمع فيه النسوة للحديث، والغناء لدينا ذكريات جميلة معه وهو المكان الأمثل لتُروّح عن روحك”.
وأكدت شوافة أنه بالرغم من توفر المياه في المنازل، إلا أن هناك قسم كبير من سكان القرية، يأتون للنبع للشرب من مياهه العذبة وزادت: “يقع النبع في طرف القرية، ومع ذلك تلجأ النساء إليه إما لأخذ قسط من الراحة أو للشرب من مياهه، ففي الآونة الأخيرة وبعد تساقط الثلوج، وانهيار أبراج الكهرباء، أدى ذلك إلى انقطاع المياه عن بيوت القرية، فكان هذا النبع مورد الماء الوحيد للأهالي”.
ومن جهته حدثنا عبد الله نبي شاب في مقتبل العمر، أنه يحمل في جعبته ذكريات جميلة مع هذا النبع، فهو المكان الذي يحتضن الأهالي، وخصوصاً الأطفال للعب وللترفيه عن أنفسهم قائلاً: “في طفولتنا كنا نلعب ونمرح حول النبع، وإلى الآن نلتقي أنا وأصحابي هنا حتى مغيب الشمس، علاقة صداقة وألفة تجمعنا بهذا المكان، ولطالما سمعنا قصصاً وروايات من قبل كبار السن حول أيامهم، التي قضوها حول هذا النبع”.
وأضاف: “تجتمع العائلات هنا للصلاة في حرم المسجد، والوضوء من مياه النبع، ومن ثم يمارسون نشاطاتهم، إما اللعب وخصوصا من قبل الشباب والأطفال أو سرد الحكايات، واحتساء الشاي، المسجد والنبع هو عنوان قريتنا لذا نحافظ على نظافة وقدسية هذا المكان”.
