مَنْ المستفيد من الرد الإيراني على إسرائيل؟

 هيفيدار خالد_

دخل الصراع الإسرائيلي الإيراني خلال الأيّام الماضية مرحلة جديدة من التوتر، بعد استهداف القنصلية الإيرانية في العاصمة السوريّة دمشق، من قبل إسرائيل، والذي قُتِلَ فيه قياديون إيرانيون ومن بينهم محمد رضا زاهدي الذي يعتبر مسؤولاً بارزاً في ما يُعرف بفيلق القدس، ويتولّى مسؤولية ملفات سوريا ولبنان وملفاتٍ أخرى.

هذه الحرب التي باتت بالفعل حرب معقّدة وغامضة؛ إذ تعددت أطرافها وتشابكت مصالحها في صراعٍ تاريخي دامٍ، إلا أنّ الشيء الوحيد الذي يمكننا فهمه، هو أن الجميع مستفيد من ديمومتها وتفاقمها باستثناء شعوب المنطقة.

مع بدء رد إيران على استهداف قياداتها في سوريا، هرعت كافة وسائل الإعلام العربية والإقليمية وخاصةً الإعلام الخليجي للتقليل من شأنه، وتصويره على أنه عملية شكلية ومسرحية هزليّة، وتمثيلية مُتفق عليها مُسبقاً بين واشنطن وطهران، وأنها ذر للرماد في العيون، خاصةً أن هذا العدد من المُسيّرات والصواريخ، لم يحقق أي أهداف عسكرية، على اعتبار أنه لم يلحق أي ضرر بإسرائيل، بعد أن أكدت الأخيرة أنها أسقطت مع حلفائها 99 بالمئة من الصواريخ والمُسيّرات التي أُطلقت باتجاهها، وأن العملية لم تحقق أي هدف يُذكر .

الجدير ذكره إن إيران المحرجة من الضربات الإسرائيلية حققت مكاسب كبيرة وأرسلت رسائل في عدة اتجاهات خاصة وأن ردها كان إعلامياً سياسياً أكثر ممّا هو عسكري، لتعيد اعتبارها مرةً أخرى خاصةً في أوساط الشارع الفلسطيني، حيث خرج سكانٌ من قطاع غزة في اليوم الثاني للعملية وتحدّثوا أمام الكاميرات وقالوا إنها كانت الليلة الوحيدة التي ناموا فيها ولم يسمعوا أصوات القصف والغارات، ما يعني وصول أول رسالة من إيران بنجاح، فقد كسبت سكان غزة إلى جانبها مرةً أخرى، بعد أن وُجِّهَت إليها أصابع الاتّهام بـ “مشاركتها وضلوعها” في الهجوم الذي شنته حماس ضد إسرائيل في الـ سابع من أكتوبر من العام الماضي، محاولة أن تبرهن أنها “قادرة على الرد متى شاءت”.

أما عن إسرائيل التي تعاني من أزمة حقيقية في داخلها فقد حققت مكاسب ربما لم تكن بالحسبان، فقد استغلت الأمر أشد استغلال، وحاولت إظهار نفسها مرةً أخرى أمام المجتمع الدولي أنها هي “المظلومة والمعتدى عليها”، في حين أن تصريحاتها بشأن اعتراض جميع الصواريخ والمُسيّرات التي أطلقتها طهران باتجاهها، كانت موجهة بالدرجة الأولى للداخل، في محاولة لكسب الشارع الإسرائيلي الذي خرج مرات عديدة في مظاهرات مطالبة برحيل حكومة نتنياهو.

وحتى الدول الغربية وجدت في الهجوم الإيراني فرصة لتمرير أجنداتها ومصالحها في المنطقة ووقوفها إلى جانب إسرائيل وخاصةً الرئيس الأمريكي الذي ينتظره موسم انتخابي حاسم في الخريف القادم  .

يوماً بعد آخر تتأزّم الأوضاع وتتزايد معاناة الشعوب المتضررة من هذا الصراع المستمر، إسرائيل تطالب بفرض مزيد من العقوبات على إيران التي تحذر من أن أي إجراء ضد مصالحها سيقابل بردٍّ قاسٍ. سيناريوهات عدة ترسمها نتائج الرد الإيراني، فيما تتحدث تل أبيب عن الرد أيضاً، مما قد يصعّب التكهن بالقادم من الأحداث التي بدأت تتسارع خطواتها ولا ندري إلى أين ستقود المنطقة؟ إلا أن جميع المعطيات على الميدان تشير إلى أنّ هناك تصعيداً قادماً، وسيكون لإيران دورٌ كبير فيه.