من شنكال إلى أفغانستان.. مقاومة حطمت سياسة الإبادة

سوزان علي_

استطاعت المرأة الإيزيدية، التي تعرضت لسياسة الإبادة من خطف، وقتل، واغتصاب؛ بالهجوم اللا إنساني لداعش على شنكال في الثالث من شهر آب عام 2014م، وارتكاب مجزرة بحق الشعب الإيزيدي المتمسك بأصالته وثقافته، وقيمه المجتمعية؛ تنظيم نفسها وردّ ممارسات الإبادة تلك بحقها، والعودة إلى الحياة بعد التحرر من براثن داعش.

لم تقف المرأة الإيزيدية عاجزة أمام المجزرة، التي ارتكبها داعش إثر هجومه على شنكال بالرغم مما تعرضت له النساء الإيزيديات من خطف، وقتل، واغتصاب، وبيع في أسواق الرقة إماء، وإرغامهن على تغيير دينهن، واعتناق الدين الإسلامي قسراً؛ ذلك أنها أدركت خطورة عدم التنظيم والحماية الذاتية في الوقوف يائسة عاجزة تحتاج إلى أيد تقدم لها العون حال تعرضها للخطر، فشكلت قوات خاصة بها هي وحدات مقاومة شنكال ـ المرأة وكذلك مؤسسات وتنظيمات نسائية عدة منها، اتحاد المرأة الإيزيدية، وحولت ألم الفقد في تلك المجزرة إلى إرادة حرّة في الاستمرار بالحياة، والنضال في سبيل الحياة الكريمة لها، ولسائر الشعب الإيزيدي.

جرائم داعش وممارساته بحق النساء الإيزيديات تماثل ممارسات طالبان في أفغانستان، التي سيطرت على أفغانستان في 15 آب عام 2021م، بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان، وعلى الفور أعلنت طالبان عداءها للمرأة، وذلك بحرمانها من الحياة الطبيعية، وجعلها أسيرة لقوانينها البعيدة عن القيم الإنسانية كمنعها من ارتياد العمل، والخروج مع محرم، وفرض النقاب، وما إلى ذلك من قوانين تعسفية بحقها.

وأمام هذه الممارسات، والجرائم المرتكبة بحق النساء؛ نلتمس صمتاً دولياً في عدم الاعتراف بتلك الجرائم، وعد الكثير منها “جرائم شرف” لا غير، وعدم محاسبة الجناة، ولا سيما داعش وطالبان. ولهذا؛ وبهذا الصدد أعلنت منظومة المرأة الكردستانية عن البدء بحملة لوضع حدّ للمجازر، التي ترتكب بحق النساء والطبيعة تحت شعار “نقف مع نساء أفغانستان، وشنكال ضد هجمات الرجل المهيمن”؛ وذلك في الفترة الممتدة بين الثالث والخامس عشر من شهر آب المقبل بمناسبة ذكرى مجزرة شنكال في الثالث من آب، واستيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان في 15 آب 2021. وتهدف حملة منظومة المرأة الكردستانية إلى الاعتراف بقتل النساء على أنه جريمة ضد الإنسانية، وكذلك الحدّ من قتل النساء، والتركيز على سياسات إبادة النساء، التي تنتهجها الذهنية الذكورية المهيمنة، وأن تصبح الحملة صوتاً لجميع النساء في شخص نساء شنكال، والنساء الأفغانيات، مع حض المجتمع الدولي على تحرير النساء المختطفات من داعش، وإعادتهن إلى ديارهن مع الشعب الإيزيدي. ومن جانبها أعربت الجمعية الثورية لنساء أفغانستان عن امتنانها لمنظومة المرأة الكردستانية لوقوفها مع النساء في أفغانستان.

من حق النساء في كل من شنكال وأفغانستان، وكذلك سائر النساء المضطهدات، الدفاع عن النفس، واتخاذ الحماية مبدأ لهن، وذلك بتنظيم أنفسهن، والتسلح بالتدريب فكرياً وجسدياً، لئلا تتكرر مجازر أخرى بحقهن، والوقوع ضحية لهيمنة الرجل، والأنظمة الاستبدادية.