القيادية نوبلدا هركول: بتوحيد الصف النسائي تُحَلُّ الذهنية الإقصائية والذكورية

قامشلو/ بيريفان خليل ـ

---

لازالت وحدات حماية المرأة مستمرة بحماية النساء دون سواء، ودعمها للثورة النسائية “Jin, Jiyan, Azadî” أحد الركائز التي من خلالها تساهم في توحيد الصف النسائي في أنحاء العالم ضد الذهنية السلطوية والذكورية، كما أكدته القيادية نوبلدا هركول في تقييمها لثورة الحرية، والديمقراطية، التي تقودها المرأة.

في ظل ثورة نسوية اندلعت في روج آفا، واتسعت إلى شمال وشرق سوريا، ثورة التاسع عشر من تموز 2012، فكان تأسيس وحدات تدافع وتحمي شعوب المنطقة دون استثناء ضرورة ملحة، ولأن ثورة روج آفا كانت ثورة المرأة بجدارة كان من الضروري إنشاء وحدات خاصة بحماية المرأة، تقود ثورة الدفاع والحماية في المنطقة كما غيرها من الثورات.

أّسِّست وحدات حماية المرأة (YPJ) التي تعرف العالم على ثورة روج آفا من خلالها في الرابع من نيسان 2013 وكان لها الدور الكبير في تحرير المنطقة، وتخليص الشعب والمرأة التي عانت تحت سيطرة مرتزقة داعش، التي أخافت العالم أجمع بأساليبها اللاأخلاقية، واللاإنسانية، والوحشية، وتمكنت هذه الوحدات من إلحاق الهزيمة، وبعث الخوف في نفوسهم.

وبذلك لعبت الوحدات الدور الأساسي في كسب نجاحات وتقدمات مثالية ضمن ثورة روج آفا، ولازالت مستمرة بإنجاز أكثر، داعمة ثورة حرية المرأة في العالم أجمع.

بمرور أحد عشر عاماً على ثورة المرأة، التي لازالت قائمة سنستذكر تفاصيل عن هذه الوحدات، وكيف استطاعت أن تكون القوة المثالية، التي يُحتذى بها العالم أجمع، كيف أُسِّست هذه القوة، وكيف تمكنت من تجاوز الصعوبات؟ ووكيف استطاعت أن تحقق الإنجاز الأعظم المتمثل بهزيمة مرتزقة داعش، وأيضاً إلى أي مدى تشارك هذه الوحدات في ثورة المرأة العالمية “Jin, Jiyan, Azadî” وذلك من خلال لقاء أجريناه مع قيادية وحدات حماية المرأة، نوبلدا هركول.

البداية الصعبة والأساس المتين

منذ تأسيس وحدات حماية الشعب 19 تموز 2012 بداية لعبت المرأة دوراً كبيراً في حماية المنطقة والدفاع عن الشعوب، ولكن كان هناك ضرورة لتأسيس وحدات خاصة بالمرأة هذا ما بينته القيادية نوبلدا في بداية حديثها عن الظروف، التي أُسِّست فيها الوحدات، والهدف من تشكيل هذه القوة: “منذ الإعلان عن تأسيس وحدات حماية الشعب، وبعيداً عن التمييز في العدد، شغلت المرأة دوراً فيها، وكانت نظرة المجتمع لهذه المشاركة والدورة نظرة تعجب، كيف للمرأة أن تنخرط ضمن قوة شعبية، وهذا كان دفعاً لانضمام أكبر عدد من المقاتلات إلى صفوف وحدات حماية الشعب آنذاك، وبازدياد العدد تم تشكيل كتائب خاصة بالمقاتلات (تابور) ضمن وحدات حماية الشعب، وأول كتيبة تشكلت في عفرين، وكان الازدياد مستمراً نظراً للتأثر بالثورة أكثر، والعدد الهائل من المقاتلات، دفعها إلى الإعلان عن وحدات حماية المرأة، حيث كان هناك ضرورة لتشكيل قوة حماية خاصة بالمرأة، فوحدات حماية الشعب كانت قوى لحماية الشعب، وتشكيل قوة دفاعية خاصة بالمرأة كان مهماً أيضاً لحماية الشعب والنساء”.

تغيرت نظرة المجتمع لقدرات المرأة بعد تشكيل وحدات حماية المرأة، كما أشارت إليه نوبلدا: “في المجتمع كانت المرأة الأكثر معاناة، حيث كانت تغتصب حقوقها، وتعنف وتعيش في العبودية، فيما يخص هويتها ووجودها، لم يكن ينظر إليها كأساس للقوة، بل ككائن حي مجرد من القوة، أعمالها محصورة في المنزل فقط، إلا أنه بعد تشكيل وحدات حماية المرأة، بحمل المرأة السلاح، وبإصرار المقاتلات تغيرت نظرة المجتمع لها، المجتمع الذي شهد على الواقع فأصبحت لديه ثقة بقدرات المرأة، وبالتالي صارت  المرأة منبع القوة، وبذلك كسر القالب المصطنع لها في المجتمع، وضمن هذه الوحدات تعرفت على إمكاناتها وقوتها”.

وزادت على قولها: “التصدي لذهنية كانت تعدُّ المرأة لا وجود لها، ولا تمتلك قوة، لم يكن بالشيء الهين، فلم يكن يتوقع أن تحمل المرأة بيدها السلاح، وتقاوم في الجبهات الأمامية، إلا أن وجودها في تلك الجبهات أكسبتها الثقة التي حققت بها انتصارات كثيرة، والتالي تحرير المزيد من الأراضي”.

وأفادت أيضا، “رؤية المرأة وهي تحارب وتقاوم دون خوف أو تراجع في ساحات القتال، وتحقيق الانتصارات أحدثت تغييراً كبيراً في شخص المرأة، وفي المجتمع أيضاً، حيث كانت هناك جرأة في التغيير، وأعطتها دفعاً وثقة في كل بقعة أرض تم تحريرها”.

قوة نسوية ضد التمييز والعنصرية

ضمن ثورة روج آفا، المعروفة باسم ثورة المرأة كسرت وحدات حماية المرأة القالب، الذي فُرض على الإنسانية حلقة تلوى الأخرى، فكانت الأكثر فعالية ضمن ثورة شاركت في القتال في الجبهات الأمامية، وهذه الصورة لفتت أنظار العالم أجمع، بهذه الكلمات، وصفت القيادية نوبلدا مشاركة المقاتلة في الثورة، مضيفة: “واجهت الوحدات مرتزقة داعش وانتصرت عليه، في وقت كان قد نشر الذعر، والخوف في نفوس العالم أجمع، ولم يستطع أي طرف التصدي لهم، إلا أن وحدات حماية الشعب والمرأة بشكل خاص أدّيا هذه المهمة، فعلى مر التاريخ، وُجدت نساء مثلن دور القيادة وسعين إلى تغيير الذهنية، وهكذا وجدت وحدات حماية المرأة، التي أثبتت قدرتها على القتال والقيادة ضمن صفوف منتظمة، وقادرة على النصر “.

لم تميز الوحدات في مهامها بين النساء أو بين الشعوب، فطمحت إلى تحرير النساء أينما وجدنَ، وحمايتها كمهمة أساسية، وضعت على عاتقها، هذا ما ذكرته نوبلدا في حديثها عن أهداف الوحدات، مكملة حديثها: “أصبحت وحدات حماية المرأة هوية لجميع النساء، لكل امرأة بحاجة إلى دعم وحماية الذات، ومعرفة هويتها ووجودها، فالظلم الممارس بحق المرأة، كان قد جعلها تتجاهل حقيقتها، إلا أن الوحدات أظهرت القوة الكامنة المخفية لدى المرأة، وبشخص YPJ تعرفت المرأة على وجودها”.

وبتوضيح أكثر أفادت القيادية: “وحدات حماية المرأة هي قوة لحماية النساء من كرد، وعرب، وإيزيديين، وأرمن، وتركمان، وعلى هذه الأسس تشكلت الوحدات لمواجهة ذهنية التمييز والعنصرية”.

ثورة التغيير تُسند إلى قوة المرأة

واستذكرت نوبلدا ثورة روج آفا كثورة لتغيير الذهنية: “ثورة روج آفا أصبحت منبع القوة للعالم أجمع، وكان لوحدات حماية المرأة رمزية وقداسة فيها من خلال مقاومتها ونضالها”.

وتابعت قولها: “ثورة روج آفا كانت الخطوة الأولى لتغيير العالم، الذي كان يجد بأن الدولة وجيشها هما ركائز القوة وبأن الشعب موجود بوجود الدولة، وبلا دولة أو سلطة لا يستطيع أحد العيش، كما أنها زادت من آمال وثقة الشعب، فاليوم تعب 11 سنة بات يثمر، وبتنا نرى تنظيم المرأة وتقدمها بخطوات ومعرفة أكثر لتحقيق حريتها وحرية المجتمع، وعلى هذا الأساس تزيد من نشاطها دون كلل أو ملل، أو تراجع ولو بخطوة، فزادت الثقة بقوتها حتى نحن كوحدات نستمد قوتنا من تلك النسوة، لنناضل أكثر، ضمن حرب كانت قاسية، ولا أمان فيها، في البداية كانت المقاومة والكفاح ضد داعش، واليوم ضد دولة الاحتلال ومرتزقتها الذين يسعون إلى الحد من مكتسبات الثورة، مبررة هجومها على المنطقة بحجج واهية، في حين أن الهدف الأساسي هو إبادة الكرد، الذين قادوا الثورة، ومن خلالها توحدت الشعوب، الذي قدموا الآلاف من الشهداء من كرد، وعرب، وأرمن، وتركمان، وأمميين”.

وأكدت نوبلدا، بأن ثورة روج آفا ليست ثورة مجتمع واحد إنما ثورة المجتمعات كلها، لا فرق ولا تمييز بين مجتمع عن غيره، وبهذا النهج اتسعت الثورة، مكملة: “نحن على ثقة بأن هذه الثورة تتوسع أكثر لأن قوة المرأة ونضالها ضمانان لنجاح الثورة، وامتدادها أكثر، وعلى هذا الأساس سنناضل ونقاوم، وبفكر المرأة ومعرفتها سيتم تغيير ذهنية العالم، وسيباد الظلم والقمع على العالم أجمع، فهناك من حول العالم إلى جهنم، ولكن بالإمكان تحويله إلى جنة، ما يلزمنا هو فقط الثقة بقدراتنا وقوتنا”.

ضمن ثورة “Jin, Jiyan, Azadî” تتحد قوة المرأة

ولأن المرأة ولليوم تواجه الذهنية الإقصائية وتعاني من جرائم الذكورية تجاهها فالنضال والمقاومة تستمر بوتيرة عالية، ليتوحد الصف النسائي في العالم أجمع بثورة “Jin, Jiyan, Azadî” والتي تنادي بها وحدات حماية المرأة أيضاً وتدعم كل امرأة تسعى للوصول إلى الحرية.

وعلقت القيادية نوبلدا على هذا الموضوع: “من أجل أن تصبح المرأة قوة عليها حماية ذاتها، والمصدر الأساسي لهذه القوة هي فكر وفلسفة القائد، الذي طرحها لثورة Jin, Jiyan, Azadî، ومن خلالها تعود المرأة إلى جوهرها وأصلها وتتعرف على ذاتها، وربما ظهر هذا الشيء في انتفاضة روجهلات وإيران، بات الجميع ينادي بهذه الثورة، ضد نظام الرجل الواحد وسلطته، وبذلك اتسعت الثورة وانتشرت وأصبح لها صدى في أنحاء العالم”.

وكشفت، بأن هذه الثورة والشعار نفسه رفع في أول كونفراس تأسيسي لوحدات حماية المرأة، وكان أساساً في كل خطوة يتقدمن بها.

ولفتت إلى ضرورة أن تحمي المرأة ذاتها من أي شعب أو مجتمع كان، فالحماية الجوهرية حق لجميع الكائنات الحية وحق للمرأة أيضاً، ووحدات حماية المرأة تسعى لترسيخ هذه الذهنية، وهذا الفكر، في أن تحمي كل امرأة هويتها ووجودها للوصول إلى الحرية، وإن لم تصل لهذه المرحلة فإنها ستكون محط استهداف.

وسلطت الضوء على ضرورة توحيد الصف النسائي لخلق التغيير في أنحاء العالم: “هناك ضرورة لتوحيد الصف النسائي في أنحاء العالم، ودعم كل امرأة وكل تنظيم يسعى لتحقيق الحرية واسترداد الحقوق، للعيش في عالم حر تسوده المساواة والديمقراطية ليس في الشرق الأوسط فقط بل في العالم أجمع”.