مقاومة مظلوم دوغان ومعصوم قورقماز.. ثورة الحرية في وجه الاستبداد

جل آغا/ أمل محمد –

مهد أسبوع المقاومة بقيادة المناضل مظلوم دوغان ومعصوم قورقماز الطريق أمام عشاق الحرية، لخوض غمار النضال والمقاومة حتى يومنا هذا.

يعد شهر آذار شهراً للمقاومة بامتياز في النضال الكردي، ولم ترافقه هذه الصفة عن عبث، بل استمد اسمه من خلال المقاومة النيرة للمناضل الثوري مظلوم دوغان ومعصوم قورقماز.

أسبوع المقاومة

تُعرف الفترة الممتدة بين الواحد والعشرين والثامن والعشرين من آذار بأسبوع المقاومة نسبة إلى نضالهما، واستشهادهما ضمن هذه الفترة، احتضن هذا التاريخ معنى النضال والمقاومة والكفاح في وجه الظلم والعبودية والإبادة.

في ذلك الأسبوع انتفض مؤسسو حزب العمال الكردستاني مظلوم ومعصوم في وجه الظلم وطالبا بالحقوق، وقاوما بأمعاء خاوية في وجه الاستبداد الذي كان يمارس بحق الشعب الكردي من قبل عدوهم الأزلي؛ دولة الاحتلال التركي، والتأكيد على أن النضال لا يكون بحمل السلاح فقط وبأن الإرادة يمكن أن تخلق المعجزات، وهذا ما لُمس في مقاومة مظلوم دوغان ومعصوم قورقماز حينما ورث منهم الشعب الكردي معنى التضحية والنضال في أصعب الظروف.

اليوم يحمل الآلاف راية النصر والنضال التي ورثوها من هؤلاء الأبطال، حيث يعد كل عاشق للحرية من أي شعب وأي عرق أن أسبوع المقاومة هو ميلاد الحرية، وكسر قيود العبودية، حيث كانت مقاومة مظلوم دوغان في سجنه الشرارة الأولى لمعنى النضال داخل الزنزانة، فيما وكانت الرصاصة الأولى التي أطلقها معصوم قورقماز ضد الجيش التركي ميلاداً للنصر والحرية.

مظلوم دوغان الفكر الحر والنضال الثوري

المناضل مظلوم دوغان التحق بالمجموعة الأيديولوجية لحزب العمال الكردستاني عام 1976 وكان أحد المؤسسين والقياديين للحزب، واعتقل من قبل السلطات الفاشية التركية عام 1979، قاوم مظلوم دوغان في سجنه وكان مصدراً لرفع معنويات زملائه في الزنزانة، أرسل مظلوم دوغان إلى سجن آمد الخامس ومنذ اليوم الأول سطر ملامح بطولية في المقاومة، دافع عن حزب العمال الكردستاني أمام المحاكم التركية دون أي خوف، تميز بشخصيته الفذة، التي كان يستمد منها الكثيرون القوة والجسارة، تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي وبالرغم من ذلك لم يستسلم ويتنازل عن قضيته ومبادئه، في ظل تلك الحقبة التي كان يعاني منها الكرد الويلات من عدة جوانب والتهميش لقضيتهم ولغتهم كان أمثال مظلوم دوغان يحملون على عاتقهم حرية بلادهم وقضيتهم من أنياب الأعداء، في تلك الفترة التي كان يحتفل الكرد خلسة بعيد النوروز احتفل مظلوم دوغان علناً في سجنه وأمام أنظار السجان بإشعال ثلاثة أعواد ثقاباً وليضرم بجسده النار احتجاجاً على سياسة الإبادة التركية ضد الشعب الكردي تحت شعار “المقاومة حياة” واستشهد إثر ذلك. وأكد الشهيد المناضل دوغان بأن النضال يمكن أن يكون حتى وأنت محاصر بين أربعة جدران، وقد سار على نهج دوغان الكثير من التواقين للحرية من أمثال فرهاد كوتاي، وأشرف آنيك، ونجمي أونر، ومحمود زنكين فقد أضرموا النيران في أجسادهم رداً على أعداء الحرية وأن القضية مستمرة بروح الأبطال، بمقاومة مظلوم دوغان عرف الشعب الكردي معنى التضحية والنضال.

قفزة 15 آب ولادة مرحلة نضال جديدة

ولد المناضل معصوم قورقماز (عكيد) في العام 1956 في ناحية سيلفان التابعة لآمد، وهاجرت عائلته واستقرت في باطمان حين كان طفلاً، نمى وترعرع في باطمان وشارك في أول النشاطات الثورية من هناك، اهتم بالحركات الشبابية المثقفة بشكل عام بعد العام 1970 وتعرف على حزب العمال الكردستاني عن طريق المناضل مظلوم دوغان، وشارك معاً في المسيرة النضالية للحزب منذ البداية.

تميز معصوم قورقماز بروحه المتمردة، كان ذا شخصية قيادية محنكة، وأصبح قدوة للمناضلين، الذين استمدوا منه العزيمة والإصرار، ففي الفترة التي كانت تمر بها القضية الكردية من شتات، وعدم الاستقرار كان وجود شخصيات مثل معصوم قورقماز تعطي دفعاً معنوياً كبيراً للاستمرار والإيمان بالقضية.

وفي عام 1982 عقد حزب العمال الكردستاني مؤتمره الثاني وقد اتخذ القرار العودة إلى الوطن كردستان وبدء التحضير للقيام بمرحلة جديدة وهي مرحلة الكفاح المسلح، وقد اختير معصوم قورقماز/ عكيد قائداً عسكرياً لحركة التحرر الكردستانية وبعد عامين من ذلك وبالتحديد في الخامس عشر من شهر آب عام 1984م انطلقت الرصاصة الأولى، وكانت بمثابة إعلان للثورة ضد جيش الاحتلال التركي.

القائد العسكري معصوم قورقماز أصحبت له بصمة في التاريخ الكردي، أول رصاصة بسالة في وجه العدو جاءت من بندقيته، وكانت هذه الرصاصة كفيلة بإنارة درب النضال والكفاح للشعوب المضطهدة والوقوف بكل حزم في وجه الاستبداد والظلم والعبودية، من هنا بدأ الكفاح المسلح ضد الجيش التركي عام 1984 بقيادة معصوم قورقماز، ولم يكن ذلك مجرد حملة عسكرية بقدر ما كانت صرخة ثوار ضد العبودية، فكل من شارك في هذه القفزة كان يحمل آمال الشعوب، ويحارب في وجه عدو فاشي لا يعرف معنى التشاركية والأخوة، كان معصوم قورقماز من الشخصيات التي تكفلت بإشعال الشرارة الأولى للثورة، ثورة الشعوب المظلومة والمضطهدة.

ومن تلك اللحظة عرفت القضية الكردية أنه لا سبيل لبلوغ الحلم الأكبر سوى بالمقاومة المسلحة، هذه المقاومة التي ورثتها من روح المناضل الثوري معصوم، استشهد عكيد “معصوم قورقماز” في عام 1986 على جبل كابار تاركاً ذخراً في النضال والمقاومة.

آلاف الشبان ساروا على خطا العز والمجد التي ورثوها من فكر مظلوم دوغان وبسالة وعزيمة معصوم قورقماز، الأبطال وحدهم من يسطرون التاريخ، فقد نقش كل من معصوم ومظلوم أسماءهم بحروف من ذهب في التاريخ الكردي، وإلى يومنا هذا لا يزال الملايين يحتفون بنضالهم وبطولاتهم، اليوم القضية والتاريخ الكردي يدينان لهؤلاء الأبطال الذين أعادوا للكرد أمجادهم المسلوبة، بفكر ونضال شبان في ريعان شبابهم، وقد عرف العالم القضية الكردية حينما كان المحتل التركي يعمل بكل قوة على القضاء عليها، ما نعيشه اليوم من بطولات وانتصارات بسواعد شهدائنا ورثناها من شبان ضحوا بحياتهم في سبيل أن نحيا أحراراً على أرضنا، من مظلوم إلى معصوم مروراً بخبات وسارة وغيرهم واصلوا تضحياتهم وأصبحوا رواداً ورموزاً  وأيقونات في النضال حتى وصلت القضية الكردية لهذه المرحلة المهمة.

واليوم باستمرار الكفاح المسلح ضمن مناطق الدفاع المشروع، والنيل من عدو الشعب الكردي دولة الاحتلال التركي، ومن جانب آخر استمرار معركة الأمعاء الخاوية في المعتقلات التركية لأكثر من أربعة شهر ضد سياسة الإبادة، التي تمارسها دولة الاحتلال في شخص القائد عبد الله أوجلان، خير دليل أن نهج المناضلين الثوريين مظلوم دوغان، ومعصوم قورقماز ميراث للشعب الكردي والشعوب المضطهدة.