معاناة الأمّ” خود” التي جابهت مصاعب الحياة بقوّة الإرادة

عين عيسى/ حسام إسماعيل ـ تجاوزت معاناة الأمّ خود العلي، حد المعنى الاصطلاحي والحرفي لهذه الكلمة، لتتحوّل الى هموم وعقباتٍ حقيقية تعيشها، وتأبى الخضوع لها، فهي تعمل على إذلالها من خلال العمل الدؤوب للوصول الى نور، قد يفضي الى فرج قريب؛ لما تحمله وتعانيه وتعيشه كلّ يوم في مخيم مهجّري، كري سبي.

وصلت الأم خود، منذ ثلاثة أشهر إلى مخيم مهجري كري سبي، بعد الإعلان عن افتتاح التوسعة الثالثة، وبعد سنتين مضت على تهجيرها، وهي وأبناؤها الثلاث إلى ريف الرقة الشمالي قضتها، وهي تناضل وتعمل لإعالة أسرتها، وتأمين ثمن علاج ابنتها، التي كانت على شَفا حفرة من الإعاقة الدائمة.

وبسبب أوضاعها الصعبة، وشبه المعدومة، اصطدمت بالأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي لا يمكن مجاراتها في الواقع الراهن؛ بسبب كثرة المتطلبات الحياتية، وقلّة فرص العمل المتاحة لأمثالها، واصرار صاحب البيت، الذي كانت تقطنه على إخراجها منه، لذلك لم تجد خياراً من اللجوء لمخيم مهجري، كري سبي، الذي يؤمّن ملاذاً آمنًا، لتلتفت الى رعاية ابنتها المريضة.

هُجّرت الأمّ وعائلتها مع دخول مرتزقة داعش إلى قريتها “المبعوجة” (الواقعة الى الشمال من مركز ناحية عين عيسى)، وبسبب الوضع المعيشي الصعب، الذي كانت تعانيه العائلة، اضطر الأب الى بيع الخبز؛ لإعالة أسرته، ثمّ فقد الأب حياته؛ بسبب أحد ألغام المرتزقة، لتفقد العائلة معيلها الوحيد.

إرادة وعزم لا يُقهران

إرادة الأم كانت أقوى، ولم تضعف؛ لذلك بدأت في العمل كعاملة مياومة في الحقول الزراعية في ريف الرقة الشمالي، لتصيب ابنتها بآلام غير معروفة، وبعد معاينة الطبيب، تبيّن أنّ الطفلة تعاني من مرض يدعى (الغيلة السحائية)، وهو مرض يحتاج الى عمل جراحي دقيق للغاية، قد يؤدّي إلى الشلل الكلّي في حال عدم نجاحه، ورغم قلّة حيلتها، وتردّي أوضاع أقاربها، غير أنّها استطاعت جمع المبلغ اللازم من الخيّرين، والمتعاطفين مع حالتها، وإجراء العملية الجراحية”. وبعد استقرار الأم خود، في مخيم المهجّرين، عملت إدارة المخيم على مساعدتها بما يتوفّر من دعم إغاثي، ومادي، ليتسنّى لها متابعة علاج ابنتها، وتوفير العمل لها ضمن المخيم، ومساعدتها لتجاوز أوضاعها الصعبة، وإعالة أفراد عائلتها.

تقول الام خود: “إدارة المخيم ساعدتني كثيراً، في تجاوز الكثير من العقبات، التي واجهتني خلال فترة تواجدي فيه، وأسعى الآن إلى تأمين عمل لي في أي مجال؛ لإعالة أسرتي، واستكمال علاج ابنتي، وتوفير مستقبل أفضل لهم”.

من جانبه أكّد الرئيس المشترك لمخيم مهجري، كري سبي “محمد الشيخ“: على إدارة المخيم أن تعمل جاهدة؛ لاستيعاب إعداد العائلات، التي أجبرتها أوضاعها المعيشية، والإنسانية الصعبة، والاستثنائية، ولكن جهود إدارة المخيم تحتاج إلى دعم على كافة المستويات، من قبل الجهات المعنية في الإدارة الذاتية، والمنظمات الإغاثية والإنسانية التي بالرغم من جهودها غير أنّها لا زالت خجولة في هذا الإطار، بالرغم من تواجد أكثر من 140 عائلة في المخيم تعاني ظروفاً صعبة، وتحتاج الى الدعم الفوري”.

وناشد الشيخ في نهاية حديثه، الجهات المعنية، والمنظمات الإنسانية والإغاثية والأممية، للتوجّه إلى مخيم المهجّرين، والمخيمات كافّة في مناطق شمال وشرق سوريا، وتوجيه الدعم بما يتناسب مع الأوضاع الإنسانية الصعبة، التي يكابدها المهجّرون.