مسيرة سعدة وهند مستمرة

هيفيدار خالد-

تتعرّض النساء بشكل متواصلٍ وممنهجٍ لكافّة أنواع العنف، الأمرُ الذي حلّله البعضُ على أنه حربٌ غيرُ معلنةٍ بحقهنَّ، فمنذ بداية التاريخ وحتى يومنا هذا، إذا ما تبحّرنا في مراحل تاريخ الإنسانية جميعها فإننا نشهدُ تعرّضَ المرأة للتمييز الجنسي والديني والعلمي، فحتى في الدول التي تدّعي النموَ والتطورَ السريع، نلاحظ كيف تتعرّضُ المرأةُ للعنف والتنمر والاغتصاب والتحرش والضرب… إلخ.

السياساتُ التي تستهدفُ المرأةَ وحقيقتَها التاريخيَّةَ متواصلةٌ وبكل حِدَّتْها، فهي تتعرّضُ للاستغلال الثقافي والإيديولوجي والاجتماعي والجسدي، وباختصار فالمرأة في كوكبنا هذا، معرّضةٌ أربعةً وعشرينَ ساعةً، لكافَّة أنواع الإبادة الجنسية والنفسية.

هذه الإبادةُ المستمرّةُ والتي تزاولُها السلطة الأبوية المهيمنة على المرأة بمختلف أشكالها، تُنفَّذُ على هيئة أحداثٍ فرديَّةٍ وممارساتٍ جماعيَّة.

جميعُ هذه الانتهاكات والاعتداءات التي تُدَار وتُطبَّقُ بحقِّ المرأة في المناطق التي تشهد الصراعات، هي في الحقيقة تعبيرٌ صارخٌ عن حربٍ غيرِ معلنةٍ ضدَّها وضدَّ وجودها الحياتي.

النظامُ الذكوريُّ المهيمنُ على العالم اليومَ، يتَّخذُ من إبادة المرأة مبدأً أساسيّاً في سياسته ولبنة شوهاء في تشييد استراتيجيته، ويتّخذ من الشعار الواهن: “اضربوا المرأة أولاً” ليستهدفَ المرأةَ أولاً في الحروب المعادية للشعوب والمطالبة بالحرية والديمقراطية، التي تطالب بحقوقها.

النظامُ الذكوريُّ يعتبرُ القضاءَ على نضال وكفاح المرأة الحُرَّة من أهدافه البنيوية، إذ إنَّه يستهدف بذلك القضاءَ على المجتمع بأكمله وقتل روحِ المجتمعية التي تقودها المرأة؛ حيث إنَّ التحكّمَ في إرادة المرأة يعني التحكمَ في ثنايا المجتمع كافة وخاصة في مِنْطَقةٍ كمنطقتنا التي تحكمها أنظمةٌ شمولية تُقصِي دورَ المرأة في معظم الأوقات.

ولن نذهبَ بعيداً أكثر، فحادثةُ اغتيالِ الإداريَّتَين سعدة الهرماس وهند الخضير في مجلس المرأة والمجلس العام في منطقة الشدادي، كانَ استهدافًا لروح المرأة المناضلة المطالبة بالحياة الحرة والكريمة والساعية لترسيخ مبادئ الديمقراطية الحقيقية، وأخوّة الشعوب بين المكونات الأصلية في المِنْطَقة من الكرد والعرب والسُّريان والأشوريين.

عمليَّةُ اغتيال هؤلاء النساء المناضلات، كانتْ دليلاً على استهداف جهود المرأة المنظمة الواعية والساعية إلى خلاص المرأة وتحريرها من كافة أشكال الإبادة التي تتعرّض لها، والحد من الذهنية التي تقلص دورَ المرأة في المجال التنظيمي والسياسي والاجتماعي، هذه العملية كانت استهدافاً لدور المرأة العربية التي أعلنتِ الحربَ والنضالَ معاً ضدَّ الذهنية الرجعية المتمثلة بذهنية تنظيم داعش الإرهابي الذي يتَّخذ من سبي النساء أساساً له.

برحيل هؤلاء النسوة اللواتي شكّلنَ نبراساً للمرأة، معلناتٍ للجميع برحيلهنَّ أنَّ نضالَ المرأة لن يتوقّف، بل سيزداد زَخماً وعنفواناً، ومسيرةُ سعدة وهند مستمرّةٌ بسواعد شقيقاتِها من الكرد والعرب وسيُحقّقنَ حُلمَهُنَّ في الحرية والحياة الكريمة التي كُنَّ يرِدْنَ الوصول إليها. نضال المرأة مستمر لن يتوقف مهما اعترض طريقها من الصعوبات والمعوقات.