مزكين .. صاحبة الصوت الأصيل

هيفيدار خالد –

عاشقة الجبال وصديقة الورود، ناعمة القوام التي طالما ركضت بين الصخور والأعشاب والمغاور، وطالما تردد صدى صوتها في الوديان، فكانت سيمفونية خالدة “لو هفالنو” وكم من المرات كانت عذوبة صوتها تنافس صوت البلابل، وفي مرات أخرى كانت تزمجر بغضب في وجه الأعداء والمرتزقة فتهتز ذرى الجبال وحافات الصخور وترتعد الوديان وكانت لبوة “غرزان” تزرع الخوف في قلوب الجبناء كما تزرع الحب والأمل في قلوب عشاق الوطن.

مزكين صاحبة الصوت الجميل، قادت مسيرتها النضالية والوطنية بأغانيها الثورية والفلكلورية التي كانت تغنيها للأمهات، كما تغنت بجمال وطنها ومقاومة الرفاق. ورغم مرور أكثر من خمسة وعشرين عاماً على شهادتها إلا أن صدى صوتها وألحان أغانيها “لوهفالنو”، “هاوار كوندينو” ما زال في وجداننا وصدى صوتها وألحان أغانيها مازال مسموعاً في قلوبنا.

ثورة حرية كردستان بقدر ما كانت ثورة خلاص للشعوب من الظلم والظلام وإخراجها إلى النور، كانت ثورة الفن الأصيل ضد سياسات الصهر العرقي والثقافي. لذا فقد ظهر الكثيرون من رواد الفن والثقافة الكردية في مسيرة الحرية ليعرِّفوا العالم بالثقافة الكردية ونضال الشعب الكردي الذي يبذله من أجل الحرية والعدالة والديمقراطية.

الشابة الكردية غربت أيدن “مزكين” من باكور كردستان إحدى المناضلات اللاتي صنعن بنضالهن وفنهن الثوري ميراثاً مهماً من الفن الثوري الكردستاني، فعملت على إحياء التراث الكردي الأصيل بصوتها الرائع.

الفنانة “مزكين” التي لقي صوتها العذب صدىً في أجزاء كردستان الأربعة كانت تمارس ثلاث مواهب في آن واحد فهي الفنانة والثورية والمناضلة من أجل حرية المرأة، وباعتبارها فنانة مناضلة مزجت فيما بين فنها ونضالها الثوري في سبيل التحرر.

مزكين صاحبة الاسم والصوت الجميل، قادت مسيرتها النضالية والوطنية بأغانيها الثورية والفلكلورية التي كانت تغنيها للأمهات وجمال كردستان ومقاومة الرفاق. والنضال الذين كانوا يبذلونه في سبيل حرية الشعوب والإنسانية. مزكين التي كرَّست كل حياتها من أجل الفن الثوري الكردي، وبطولات أبطال وطن الشمس والنار، تركت ميكرفونها والتحقت بأسخن ساحة من ساحات النضال في جبال الحرية لتصبح هذه المرة، الكريلا والفنانة والثورية والقيادية لقيادة الحرب والمقاتلين.

أغاني الحرية التي غنتها الرفيقة مزكين أصبحت سيمفونية الملايين، وقد سطرت العديد من النساء الكرديات ملاحم بطولية وأساطير النصر على خطى الشهيدة مزكين، ليقولن للجميع إن كل هذه الملاحم البطولية كانت نتيجة الجهد والدم والروح التي ضحت بها الرفيقة مزكين والآلاف من شهدائنا.

رحلت مزكين عنا إلا أنها مازالت حية تعيش في قلب كل كردي مؤمن بعراقة الفن الثوري الكردستاني، رحلت عنا إلا أن صوتها مازال في أذهاننا، وكيف سننسى الكلمات التي كانت تخرج من حنجرتها فنستمد منها القوة والإرادة والحياة. رحلت لكنها تركت لنا باقة من أغانيها الجميلة، والتي كانت تغنيها بالكردية والتركية. وبفنها وببطولتها أصبحت منبع إلهام لمَنْ أعطوا قلبهم للحرية، وعرفت كيف تدخل قلوب الملايين بمعرفة قوة التلاحم ما بين الجمال والأخلاق والفن وبروح ثورية.