قامشلو/ دعاء يوسف –
عائلة مكوّنة من ثلاثة أشخاص تكافح شبح ارتفاع الأسعار، وظروف الحياة الصعبة في سبيل تأمين لقمة العيش المعدومة، فمن الإعاقة والمرض إلى صعوبة تأمين عمل يسد الاحتياجات المعيشية والدوائية لعائلة شفان محمد أحمد.
أزمة اقتصادية، وارتفاع بالأسعار خلال الشهر الكريم، وضعف الدخل، ومعه ضعف القدرة الشرائية كلها أسباب تمنع الفقراء من الفرح بمائدة رمضان، فعائلة شفان كالكثير من العوائل التي لا تجد الكثير لتتناوله على مائدة الطعام، وبالرغم من ذلك تجد شفان ووالدته وأخاه الأصغر منه يستمرون بالصيام، بالرغم من مأساة تأمين لقمة العيش.
ظروف معيشيّة صعبة
مع فقدان رب الأسرة، منذ أربع سنوات، تَدهور وضع عائلة شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، والبالغ من العمر 23 عاماً، ليعيش بين السعي للبحث عن عمل، ووالدته المريضة بالربو والحساسية والتي تحتاج للعلاج بشكلٍ شهري، حيث يتجاوز سعر دوائها الـ 50 ألف ليرة سوريّة.
ففي منزلهما المؤلف من غرفتين، ومطبخ، هذا المنزل الذي تم بناءه ضمن “حوش” بيت جد شفان، والذي يعدانه مأوى لهما في رحلة الصراع مع الحياة، وبالرغم من الظروف المادية التي تقتل العائلة ببطء لا يكف شفان عن البحث عن عمل، يُعيل من خلاله والدته، ونفسه إلا أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، فبالرغم من عمله في العديد من الأماكن، يتخلى صاحب العمل عن خدماته بعد يومين لصعوبة التواصل بينه وبين زملائه، وهذا ما يجعل دوامة البحث عن العمل لا تنتهي.
وخلال زيارة صحيفتنا “روناهي” لحي الهلالية التقينا بشفان محمد أحمد، ووالدته عزيزة فرحان في منزلهما المتواضع، أخر ما تبقّى لهما بعد وفاة رب الأسرة، لنجد شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة يجابه صعوبات العيش بإعاقته الذهنية، والنطقية، وقد حدثنا بصعوبة قائلاً: “إن قلبي يتقطّع، وأنا أرى والدتي تعمل في تعديل قطع الملابس، وهي تعاني من حساسية مزمنة في جسدها، ولكن بالرغم من كل محاولاتي للبحث عن وظيفة إلا أن الأمر صعب مع إعاقتي”.
لدى والدة شفان ماكينة خياطة إلا أنها لا تُجيد الحياكة، فتستخدمها لتعديل وخياطة الملابس الممزقة، وتقصير الثياب الطويلة، فتجني مبلغاً مالياً بسيطاً يسد طلبات العائلة من الخبز، وصنف طعام واحد، وعن هذا الأمر عبّرت الأم والدمع يملئ مقلتيها: “عندما أرى ابني بهذه الحالة ولا يستطيع تأمين العمل وهو في عز شبابه ينفطر قلبي، ولكنني أحمدُّ الله على استطاعتنا تأمين خبز يومنا لنسد جوعنا به مع اللبن، أتمنى لو أنني كنت أعرف الخياطة ولكنني لا أعرف الكثير، وعدا عن كل هذا أعاني من الديسك وآلام الظهر”، لتختتم حديثها ماسحةً دموعها: “الجميع يمر بأزمة خانقة أشكر الله وأحمده دائماً وأبداً على حالنا رغم المأساة التي نعيشها كل يوم”.
الحلم بالعمل
كما أن العائلة تتلقى المساعدة من الآخرين، إلا أن هذه المساعدات لا تسد حاجة العائلة فهي قليلة جداً، وبالرغم من الظروف التي تمر بها العائلة يجد شفان أحمد ووالدته أن حالهم أفضل من حال الكثيرين، فهم يستطيعون تأمين الخبز، ولم يمدوا يدهم لأحد، بل يسعون للتغلب على هذه الظروف، وحمد شفان أحمد الله على هذه الظروف، والإعاقة النطقية التي يعاني منها، وقال: “إننا لا نتذمر على النِعم، فغيرنا وضعه مأساوي أكثر منا بكثير، والحمد الله الذي سترنا في منزل لعائلتنا، فلولا هذا المنزل لبقينا في العراء”.
تتمسك العائلة بخيوط العيش بصعوبة، وبالرغم من أن شهر رمضان شهر الخير والبركة إلا أنه تمر أيام على العائلة لا تتناول فيها إلا القليل من الطعام الذي لا يسد حاجة صائم، فأسعار المواد الغذائية والخضراوات غالية، ولا تستطيع عزيزة تأمين حاجات المنزل لوحدها، فعملها على الماكينة لا يجني تلك الأموال التي تسد طلباتها، فأعداد مائدة الفطور أصبح عبئاً يُثقل كاهلها، وهي ترى أن كل ما تجنيه لا يتجاوز الثلاث آلاف ليرة سوريّة يومياً.
ولم يطلب شفان محمد أحمد أية مساعدة في ختام حديثه بل ناشد للحصول على عمل، قائلاً: “إنني قادر على العمل، أي عمل كان، لا يهم ما صعوبته أستطيع العمل”.
