محي الدين سيبو… النجاح والتميز ثمار الموهبة والإرادة

جل آغا/ أمل محمد –

يمتلك الشاب محي الدين سيبو موهبة متأصلة في التمثيل المسرحي، ولدت معه مع نعومة أظفاره، وعمل بكل جد على إبرازها، وتقديمها للعلن بالرغم من وجود صعوبات، وعوائق كادت أن تقف بينه، وبين حلمه.

المسرح من أعرق أنواع الفنون، وهو شكل راق من أشكال الفن التعبيري، ويعود أصله إلى ما قبل الميلاد، بدأ نوعاً من الامتاع، حيث يتم فيه تحويل نص المسرحية إلى مشاهد تمثيلية، يؤديها الممثلون على خشبة المسرح، وتحول فيما بعد إلى مكان لإيصال رسائل وأهداف معينة.

 في سوريا، وبالذات مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، كانت تفتقر للمسرح؛ وذلك لإهمال حكومة دمشق تلك المناطق، فكان حضور المسرح خجولاً، ولكن مع ثورة روج آفا؛ انتعش المسرح، فوجد المهتمون والممثلون في المنطقة فرصة غنية للتعبير عن موهبتهم.

في ديرك الشاب الموهوب محي الدين سيبو، والذي تجمعه مع المسرح علاقة وطيدة لعشقه وشغفه به، حاصل على إجازة في التجارة والاقتصاد يبلغ من العمر 33 عاماً، وهذه الأعوام كانت شاهدة على مدى تعلقه، وشغفه بالتمثيل وبالذات التمثيل المسرحي.

صحيفتنا “روناهي” التقت بالشاب محي الدين سيبو للحديث عن المسرح وما يعنيه له، ودور الموهبة والإرادة في النجاح والتميز، وتطرق من خلال حديثه عن موهبته، وواقع المسرح في المنطقة: “ولدت عاشقاً للفن بالفطرة، ولم اكتسبها، تأثرت كثيراً ببعض الممثلين السوريين أمثال أيمن زيدان، كنت أتقمص بعض أدواره، وأحلم أن أكون ممثلاً يوماً ما”.

“المسرح هو شكل من أشكال التعبير عن المشاعر، والأحاسيس باستخدام فنيَّ في الحركة والكلام، هو لغة الجسد والصوت والإحساس والعيون”، هكذا وصف لنا سيبو المسرح، ويتابع: “ولدت متيماً بالفن، ولكن أول انطلاقة فعلية لي كانت بعمر تسعة أعوام في عام 2000، كان المسرح الكردي يقتصر على حفلات عيد النوروز، شاركت في تلك الفترة مع فرقة جودي بثلاثة سكيتشات، والدي كان الداعم الأول لي، وللحقيقة؛ واجهت نظرة المجتمع الدونية للمسرح وللممثلين في البدايات، ولكن استطعت تجاوزها والإيمان بموهبتي”.

شارك محي الدين سيبو في عدد كبير من العروض المسرحية، ومنها مسرحية “شجرة الحياة”، ولكن لم يتوقف عمله على المشاركة في العروض المسرحية وحسب، فقد دفعه الطموح والحب للمسرح إلى الإخراج المسرحي، فعمل على إخراج ثلاثة أعمال مسرحية ومنها “إدمان الانترنت”، و”كيف تتحرر الأم”، و”الجرح”، وعن هذا الجانب من عمله يقول سيبو: “بالإضافة إلى موهبتي في التمثيل إلا أني طرقت باب الإخراج المسرحي، فتدربت تحت إشراف عدد من المخرجين السوريين الكبار من أمثال وليد عمر لتنمية موهبتي الفنية، كما عملت تحت إشراف الممثل المسرحي عدنان عبد الجليل، والممثل المسرحي تيمور عفدكي، وغيرهم من الأساتذة، هذه الدورات التدريبية ساعدتني لتنمية موهبتي والرفع من شأنها”.

ثورة روج آفا قلبت الموازين وأتاحت الفرص الذهبية للتقدم في مجال المسرح: “من المعلوم أننا كنا نعاني من غياب المواهب الأكاديمية من خريجي المعاهد المسرحية، لذا ساهمت ثورة 19 تموز في رفع واقع المسرح في المنطقة، ولأن المسرح كان شبه غائب قبل ذلك، إلا أن ثورة روج آفا سمحت بإحياء المسرح بالرغم من افتقارها لبعض الأسس الرئيسية، بل إن النظرة، التي كان يُنظر بها للممثل، قد تغيرت تماماً، وبالذات للمرأة التي كانت مغيبة عن التمثيل في المنطقة”.

وعن الرسالة التي يطمح لإيصالها من خلال عمله كممثل ومخرج مسرحي يوضح: “أرغب أن تصل الحضارة والثقافة الكردية للجميع، أريد أن يتعرف الكل على فننا الكردي، لذا دائماً نحن نعمل ليكون العمل المسرحي من المجتمع والواقع، علاوة على ذلك فإننا في أعمالنا نستعرض هموم ومشاكل المواطنين، ونقدم الحلول لها في الوقت ذاته؛ لأن المسرح هو صورة المجتمع وصوته”.

“حينما يريد الشخص أن يجد ملاذا لهموم نفسه يتجه للأم، وأنا كذلك أجد في المسرح الأم، التي تحتضنني وترعاني وأشاركها مشاكلي والعوائق الحياتية”، هكذا يرى محي الدين سيبو المسرح ودنيا المسرح الواسعة وعوالمه، من خلال حديثه عن علاقته بالمسرح.

وعن الحلول التي يجب العمل عليها لرفع واقع المسرح يشير سيبو إلى ذلك: “علينا أن نعمل لربط الأجيال الجديدة بالمسرح، ونقدم التدريب لفئة الأطفال دون سن الثلاثة عشر عاماً، هذا التدريب وهذه الدورات تساعد في توطيد علاقة الطفل بالمسرح”.

هذا وشدد المخرج والممثل المسرحي محي الدين سيبو على ضرورة قيام المعنيين والإدارة الذاتية بالنظر لواقع الممثلين المسرحيين وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم.

على ضوء ما تقدم يتضح جليا، أن المسرح في إقليم شمال وشرق سوريا عاد للحياة بفضل ثورة روج آفا وبفضل مواهب فنية عملت وواجهت الكثير من النقد والسلبية، وآمنت بالفن المسرحي، ودوره المهم في المجتمع، من أمثال محي الدين سيبو وغيره.