محمود الصيّاح: الربابةُ جزءٌ أساسيٌّ من فولكلورِ وتراثِ الفنِّ العربيِّ الأصيلِ

الطبقة/ عمر الفارس –

تحتل الربابة مكانة الصدارة في الموسيقا العربية، وبخاصة ما يتعلق منها بموسيقا التراث، وحياة البادية، عازف الربابة العم محمود الصياح ابن مدينة الطبقة، في لقائنا معه تحدث عن آلة الربابة، التي وصفها بآلة الطرب التراثية، التي بُنيَ عليها الفنُّ التراثي العربي منذ القدم.

الربابة هي إحدى الآلات الموسيقية الأولية، التي اُبتُدعَت منذُ القرن الحادي عشر تاريخياً، ولكن تركز استعمالها في المناطق البدوية، التي تعد المصدر الأول لها، حيث تمكن الإنسان العربي البدوي من اختراع آلة الربابة الموسيقية، بتصنيع بسيط من جلد الخروف وشعر الإبل والخشب الطبيعي، ما جعل الربابة تعد على أنها الجد الشرعي لجميع ما يعرف اليوم من آلات موسيقية وترية.

ذوقٌ فنيٌّ خاصٌّ

وللحديث عن الربابة، وعن دورها في إحياء التراث الشعبي الأصيل في مدينة الطبقة، التقت صحيفتنا “روناهي” بعازف الربابة العم “محمود الصياح” وهو أحد أفراد فرقة التراث الشعبي في المركز الثقافي بالطبقة، عزف على آلة الربابة لأكثر من ثلاثين عاماً بعد أن تعلمها عام 1987م، وتدرّب على يد عدد من عازفي الربابة المميزين آنذاك.

 العم محمود الصياح يقول في حديث شيق عن الموسيقا، وعن أهميتها:” إن الطرب شيء أساسي في حياة الإنسان والوجود، وحتى لدى سائر المخلوقات، التي خلقها الله عز وجل، فالإبل تُطرَب كالإنسان للحداء، والأغنام والماعز تُطرب لأصوات الأجراس، لذلك عبر التاريخ كان للرجل البدوي إبداعهُ الخاص في صنع نوع الموسيقا، التي لازمته عبر التاريخ، حيث صنعَ آلة الربابة من جلد المواشي والخشب، التي تعطي صوتاً موسيقياً مميزاً عبر تجويفها الخشبي المغطى بالجلد، والربابة كما نعلم يترافق دوماً ذكرها مع التراث العربي الأصيل، والجلسات التراثية والفن التراثي الشعبي”.

ممَّ تتألّفُ الرَّبابةُ

وتابع العم محمودِ حديثه عن تفاصيل مكونات الربابة” تتألف الربابة من قطعة خشب ملفوفة بالجلد الطبيعي، يُربط عليها وترُ واحدُ فقط يتنوع عبره أسلوب العزف ما يصنفها كإحدى الآلات الموسيقية الوترية الأكثر صعوبة، إضافة للقوس الخشبي الذي يولد الاحتكاك مع الوتر الرئيسي معطياً صوتاً مميزاً خاصاً بآلة الربابة عن باقي الآلات الموسيقية التراثية، وتتناسب مع نمط الفن التراثي البدوي المتعارف عليهِ، والذي يعتمد على القصائد، والأشعار البدوية، وألوان المولية الحزينة منها والاحتفالية”.

ألوانٌ موسيقيّةٌ تراثيّةٌ

وتحدث الصياح عن بعض الألوان الموسيقية، التي تُستخدم مع الربابة مثل العتابا، والنايا، واللكاحي والمولية، والقصيدة البدوية التي تتناسب مع الطبقة الموسيقية الخاصة بالربابة، مبيناً أن الربابة تستخدم أيضاً في العصر الحديث مع الخامات الموسيقية المعاصرة، مثل النهاوند والحجاز، والبياتي، ولكنها تخرج قليلاً عن طابعها التراثي المعروف؛ لذلك يستحب استخدامها مع الحالات الآنفة الذكر.

مهرجاناتٌ ومشاركاتٌ تراثيّةٌ

وبين العم الصياح دور المركز الثقافي في مدينة الطبقة، الذي عمل بشكل مباشر منذ تأسيسه بعد تحرير مدينة الطبقةسيأأ على إحياء الجوانب الفنية، والتراثية في المدينة بعد حقبة التغييب، والتهميش الكلي للموسيقا، والعمل الفني، الذي عُدّ أمراً محرماً في عهد مرتزقة داعش، حيث نظمت لجنة الثقافة والفن عبر المركز الثقافي التابع لها عدة مشاركات فنية تراثية؛ لإحياء الطابع الفني التراثي الخاص بكل منطقة، مثل مهرجانات الأصالة، والتراث، التي تقام بشكل سنوي، والمهرجانات التراثية المشتركة، التي تشارك فيها فرق فولكلورية من الرقة، والطبقة، والعديد من المناطق في شمال وشرق سوريا، والتي نعرض من خلالها وصلات غنائية تراثية، مثل العتابا، والمولية، التي تترافق مع عزف الربابة، والدُّفّ والنّاي.

غيابُ الوعيِّ التّراثيِّ وقلةٌ في الإمكانات

 وأشار العم محمود الصياح عازف الربابة إلى بعض الصعوبات الحالية، التي تواجه الفرق التراثية بالطبقة منها عزوف العنصر النسائي عن المشاركة الفعلية في الجوانب الفنية بشكل عام، ما يشكل صعوبة في تأمين الروح الفنية المشتركة، التي تجمع ما بين جهود المرأة، والرجل لتمثيل الفولكلور الفني التراثي المميز، أيضاً غياب الوعي لدى أهالي المنطقة حيال تراثهم الفني، وميول أغلب الموسيقيين لتعليم الفن الجديد، الذي يترافق مع الآلات الموسيقية الحديثة، مثل الأورغ، والبيانو والآلات الموسيقية العصرية، ما يزيد من اندثار، ونسيان جوانب التراث الفني، الخاص بكل شعب.