مئذنة “أبو هريرة”: صرح تاريخي يزين مدينة الطبقة

الطبقة/ عمر الفارس-تقع مئذنة جامع أبي هريرة في وسط مدينة الطبقة، وهي إحدى المعالم الأثرية، التي كانت تُزين منطقة التل التاريخية في منطقة الكرين قرب الطبقة، وهي مصنوعة من الطوب والجص بأسلوب بنائي مميز يُعتقد بأنهُ يعود إلى فترة الزنكيين وفق فن العمارة الإسلامية، وتم نقلها إلى مدينة الطبقة، بعد أن غُمرت منطقة التل في مياه بحيرة سد الفرات.

ازدهرت الحضارات الإسلامية عبر التاريخ، وتزينت فيها المعالم العمرانية، وفق كل حقبة تاريخية مرت، إذ تنوعت فيها المساجد والمعالم الأثرية الإسلامية، منها المآذن، التي ازدهرت في العديد من المناطق، وتميزت منطقة الرقة مهد الحضارة العباسية باحتوائها عدة مآذن، ومساجد تعود تاريخياً للعصر العباسي والأموي.

منطقة التل الأثرية وأصلها التاريخي

 وفي السياق ذاته أجرت صحيفتنا “روناهي” بحثاً عن أحد المعالم الأثرية المميزة في مدينة الطبقة “برج أبي هريرة الأثري” وللحديث عن هذا البرج، أو المئذنة التاريخية تحدث لنا الباحث التاريخي في مديرية الأثار بالطبقة “زردشت عيسو” مبتدئاً بقولهِ:” تعود مئذنة “أبو هريرة “إلى أحد مساجد منطقة تل” أبو هريرة الأثري” الذي يقع في ريف مدينة الطبقة، الذي اكتشفتهُ مديرية الأثار في التنقيبات الأثرية، التي جرت عام 1973م، ضمت بحوثاً تاريخية على منطقة التل استمرت عدة أيام، وتبينَ أنها منطقة أثرية تعود لمراحل العصور الحجرية، وتعاقبت عليها الحضارات لاحتوائها على أثار، ومعالم تعود للعصور القديمة، بدءاً من الاستيطان الإنساني، الذي جرى في منطقة الهلال الخصيب، وسميت بتل” أبو هريرة” وفقاً لقربها من قرية صغيرة تعرف بقرية” أبو هريرة” بعد أن تم اكتشافها”.

ووفقاً للدراسات والبحوث التاريخية عن منطقة التل، فإن برج” أبو هريرة” الموجود حالياً في مدينة الطبقة أصلهُ مئذنة تعود لأحد المساجد الأثرية الموجودة في منطقة تل” أبو هريرة”، ويرجح بأنهُ شُيدَ في عهد الإمارة الإسلامية الزنكية على يد نور الدين الزنكي، ضمن منطقة التل الأثرية بمنطقة الكرين قرب الطبقة.

نمط عمراني أثري

 وتابع عيسو حديثهُ “المئذنة مبنية ومصنوعة من الطوب، والجص بطراز العمران البناء الإسلامي، الذي انتشر بشكل كبير في حقبتي العهد الأموي والعباسي، والذي يعرف بنمطهِ العمراني، والأسطواني الشكل، وتعدّ هذه المآذن مميزة لدى علماء البحث الأثري، وتتشابه في طريقة بنائها مع كل من مئذنة مسجد مسكنة، ومسجد جعبر الأثري، حيث يبلغ طول الواحدة منها حوالي 28 متراً، وبقطر ثلاثة أمتار”.

 نقل المئذنة

 وأوضحَ الباحث التاريخي، والأثري زردشت عيسو، أن المئذنة تم نقلها من منطقة تل” أبو هريرة” الأثرية بعد إقرار بدء مشروع بناء سد الفرات في الطبقة سنة 1968م، بعد أن خُشيَ على هذا الصرح التاريخي من الزوال، فباشرت مديرية الأثار بنقل المعالم الأثرية، ومن ضمنها المئذنة، التي نُقلت إلى مدينة الطبقة، وتم تثبيتها على الضفة اليمنى لنهر الفرات في منطقة الحباري القريبة من البحيرة وفق خطة عمل، استمرت حوالي تسعة أشهر، ولم يتم نقل المسجد بالكامل بسبب أسلوب بنائهِ.

غمر منطقة التل

 واختتم عيسو حديثهُ قائلاً: “بعد تشييد سد الفرات غُمرت منطقة التل الأثرية في المياه التخزينية للنهر، وفقدان هذهِ المنطقة يعدّ من أكبر الخسائر، التي ضحى فيها مشروع سد الفرات في المنطقة”.

ويذكر أنهُ تم نقل العديد من المعالم الأثرية قبل غمر منطقة تل” أبو هريرة ” منها مئذنة جعبر الأثرية، التي نقلت بإشراف منظمة اليونسكو إلى جوار قلعة جعبر الأثرية، وكما هو الحال في المدافن الأثرية الموجودة في منطقة قرى “بنات أبو هريرة”.