ليلوى العبد الله: بات المجتمع العربي بأسره اليوم يحترم قوة المرأة وشجاعتها

 قامشلو/ رؤى النايف ـ

استطعن خوض أشرس المعارك بفكرهن ونضالهن وتحدين فكر داعش “أنزلنَ الرعب في قلوب المرتزقة”، وكسرن كل القيود وتخطين كل العقبات، فكانت وحدات حماية المرأة في صفوف خط الدفاع الأمامية في المعارك.

تخوض المرأة كفاحاً مستمراً لنيل حقوقها وأثبتت قدرتها في الوصول إلى القمة في كافة مجالات الحياة، على هذا الأساس أصبحت قادرة على الانخراط بالعمل العسكري، فالنساء في دير الزور شاركت في معارك التحرير من مرتزقة داعش، رغم أن المنطقة عشائرية ومتشددة ولكن قوتهن كانت أكبر وأقوى، ومن خلال دخولهن المجال العسكري استطعن كسر قيود المجتمع وعاداته.

تخطي العتبات الاجتماعية

عاشت المرأة الريفية عقوداً كثيرة من الاضطهاد والظلم وسلبت إرادتها، وفي الحقبة الأخيرة من السنوات الماضية تعرضت للتعنيف والعزلة والعقاب باللباس الملتف بالسواد الذي يمنع رؤيتها حتى لخطواتها، ولكن مع كل هذا الظلم كان في داخلها روح قوية مقاومة ترفض كل الألم الذي مرت به من خلال حملة عاصفة الجزيرة التي أطلقتها قوات سوريا الديمقراطية عام 2017، والتي كانت بقيادة وحدات حماية المرأة (YPJ)، واشتركت فيها أعداد كبيرة من النساء العربيات وأظهرن بطولات وتضحيات كثيرة، وقد أثرت هذه المشاركات بشكل كبير وواضح في نفوس فتيات ونساء المنطقة، وأيقنّ أن لديهن قوة للدفاع عن أنفسهن وأرضهن ووطنهن، وانطلاقاً من هذه القناعة تولدت لدى فتيات دير الزور الرغبة في الانضمام إلى وحدات حماية المرأة (YPJ).

بعد المقاومة البطولية التي أبدتها وحدات حماية المرأة بالتعاون مع العشائر العربية من أبناء المنطقة في القضاء على داعش؛ تحررت منطقة ريف دير الزور من المرتزقة بالكامل، وحول خطوات المرأة وتقدمها في هذا المجال، كان لصحيفتنا لقاء مع مسؤولة وحدات حماية المرأة في دير الزور “ليلوى العبد الله” حيث أوضحت لنا قائلة:

“اليوم وفي مناطق دير الزور أصبح هناك إرادة للنساء وشجاعة وتضحية ضد جميع أشكال العنف والاحتلال تتمثل عن طريق وحدات حماية المرأة YPJ، وشاركت النسوة في عملية تحرير دير الزور من منطقة الجزرات إلى الباغوز، ولم تثبت المرأة نفسها في المواقع العسكرية فقط، بل في كافة مجالات الحياة، وهن من بثثنَ الرعب في قلوب مرتزقة داعش بنضالهن وأصوات زغاريدهن عند تحرير كل نقطة، وشاركن بحمل كافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة”.

تنظيم النسوة في YPJ

وأضافت ليلوى: “تنضم أعداد كبيرة من النساء والفتيات من الشعب العربي لوحدات حماية المرأة في شمال وشرق سوريا التي يرين فيها فرصة لتحسين حياتهن وحياة أجيال المستقبل، بالبداية كانت المرأة غير منظمة في المنطقة، أما الآن نرى أن مكاتب وحدات حماية المرأة YPJ في إقليم دير الزور المحرر، والتي تتمثل مهمتها بتنظيم أمورهن ومساعدتهن في تطوير أنفسهن من خلال الأكاديميات التي يتلقون فيها التدريبات الفكرية والاجتماعية والعسكرية، كي يصبحن قادرات على حماية أنفسهن والدفاع عن حقوقهن وأرضهن، وأثبتت المرأة في شمال وشرق سوريا أثناء مشاركتها في حمل السلاح أنها نموذجاً يحتذى به أمام العالم، فباتت المرأة المقاتلة ضمن وحدات الحماية تتصدر ساحات القتال في مواجهة مرتزقة داعش، حيث لعبت دوراً ريادياً في حملة عاصفة الجزيرة، وتمكنت من تحرير المئات من النساء وخصوصاً الإيزيديات اللواتي اختطفن من قبل المرتزقة في شنكال”.

كيف كسرت قيود الخوف؟!

تروي لنا (هـ. أ) وهي إحدى الفتيات المنضمات لوحدات حماية المرأة في إقليم دير الزور منذ عام 2019، وهي منفصلة عن زوجها وأم لطفل: “في بداية الأمر كنت خائفة كيف سيتقبلني المجتمع والناس في منطقتي، ولكن بعد انضمامي بشهرين، انتهى كل هذا الخوف وزال حين أدركت أني خرجت من تلك القوقعة المظلمة التي لا تتيح لنا نحن بنات المناطق الريفية ذات الطابع العشائري أن نخرج ونعمل ضمن المجال العسكري، وأنا في هذا الوقت واحدة من نساء كثيرات ملتحقات بقوة مؤلّفة حصراً من نساء من مختلف الشعوب أنشئت في وقت سابق من عام 2018 كجزء من “وحدات حماية المرأة” ونحن قوة نسائية مشهود لها عالمياً والتي أصبحت كابوساً لمرتزقة داعش، ونحن المجنّدات الجديدات نتحدى حدود المنظومة الذكورية الشديدة التجذّر في المجتمعات العربية وفي مناطقنا المحررة مؤخراً”.

وفي هذا السياق أردفت ليلوى: “على الرغم من أن المجتمع العربي في البداية لم يقبل بوجود المرأة في الحياة العسكرية، ومع ظهور كفاح المرأة في هذا المجال، فإن المجتمع العربي بأسره اليوم أصبح يحترم قوة المرأة وشجاعتها، وأستطيع القول إن مشاركة النسوة في عمليات التحرير والنضال، أنارت ذهنية المجتمع العربي بأسره واستطاعت أن تخرجه من ظلمات وعقليات وفكر داعش”.

هوية المرأة عملنا ومسؤوليتنا

وفي ختام لقائنا مع مسؤولة وحدات حماية المرأة في دير الزور “ليلوى العبد الله” قالت لنا: “مهما تصاعدت الهجمات وأصبحت شرسة فإننا كنساء سنقاوم ونكافح ضد الاحتلال التركي ومرتزقته، الذي يسعى جاهداً لطمس هوية المرأة العربية والكردية والسريانية وغيرهن من الشعوب، عسكرياً وسياسياً وثقافياً وحتى اجتماعياً، وسوف نستمر بالنضال والمقاومة وسيكون جل عملنا مكافحة الإرهاب ومنعه والحد منه وتأسيس مجتمع مركزي قوي ديمقراطي للمرأة المقاتلة ويكون لها دوراً ومشاركة فعالة فيه، ويعد هذا العمل العسكري ضرورياً على المدى القصير وله أهميته بمرور الوقت لأنه يعتبر بمثابة دعامة للتخلص من التطرف والعنف والعقلية الذكورية المتسلطة”.