في الثلاثينَ من حزيران من كلِّ عام، تتعهدُ النساء الكرديات المناضلات، بتجديدِ نضالهنَّ من أجلِ تحقيق حريتهن، على النهج، الذي رسمته المناضلةُ والشخصية التاريخيّةُ الكردية، التي غيّرت مسار نضالِ المرأة الكردية بشكلٍ كامل، وتمكَّنت من رسم مسارٍ نضاليٍّ حقيقيّ بالتضحيات الجسيمة، التي حققتها على الأرض، زيلان اسمُ المناضلةِ الثورية، التي رُسخت في أذهان ونفوس جميع مَن سمع بعمليتها الفدائية، التي نفّذتها في قلبِ العدوِّ الفاشي، بعد أن شعرت بأن حركةَ الحريّةِ، التي تناضل من أجل الإنسانية تتعرّضُ لهجمات من العدو.
زيلان … واسمُها الحقيقي زينب كناجي تنحدرُ من مدينة ملاطيا بباكور كردستان، خريجةُ جامعة “اينونو” قسم “علم النفس” سطَّرت اسمَها في تاريخ نضالِ حركة الحرية، بأحرفٍ من ذهب، وتركت أثراً كبيراً ورائها.
اختارت طريقَ النضال والانخراط ضمن صفوف حركةِ حرية كردستان، بمحضِ إرادتها، وعلى الرغم من أنَّها كانت صاحبَة مهنة، لكنها لم تقبلِ الحياةَ الفردية، بينما وطنها وأرضها يرزحان تحتَ وطأة الاحتلال والعبوديّة، وشعبها يعاني من سياساتِ الاستبداد، والقمع.
فأصرّت على تنفيذِ عمليتها الفدائية بكلِّ صبرٍ وجسارة، بعد فترةٍ قصيرةٍ من بقائها بين صفوف قوات الكريلا في جبال كردستان.
وأهمَّ ما يميّز عمليةُ الرفيقة زيلان هي المعرفةُ العميقةُ للتاريخ الإنساني، بشكلٍ عامٍّ، ولتاريخ المرأة على وجه الخصوص.
وقالت بعبارة واضحة للجميع: “لو كانت هناك حياة، يجب أن تُعاش على أسس الحرية” أي لا حياةَ بدون الحرية.
وقيامها بتفجير نفسها في مخفر للجنود الأتراك، كان في الحقيقة تفجيراً ضد مبادئ الحياة التقليدية، والبالية التي كان العدو يفرضُها على الشَّعبِ الكرديِّ آنذاك، والتي تمنعُ العيشَ على أرضِ الوطن بهويةٍ حرّةٍ.
وبعد أن نفذت عمليتها، ادّعت الدولةُ التركية، أنَّ زيلان كانت تعاني من أمراضٍ نفسية، لذا أقدمت على عمليةٍ كهذه. إلا أنَّ الأمرَ لم يكن كما ادّعت الدولة التركية، فزيلان شعرت بحساسيّةِ المرحلة، التي كانت تمرُّ بها حركةُ الحرية، وأدركت تماماً المؤامرات الخطيرة، التي كانت تُحاك ضدها، لذا خطّطت بنفسها، لأن تكونَ الثوريةَ، التي يجب أن تجيد التكتيكَ والطريقة المناسبة للردِّ على هذه المؤامراتٍ والسياسات التي تُمارس من قبل دوائرِ الحرب الخاصَّةِ، ضد شعبِها وقائدِها.
الشهيدةُ زيلان قبل تنفيذِها لعمليتها كتبت رسالةً معبّرة للشعِب الكرديّ خاصّة، وللإنسانية جمعاء، وأفردت في رسالتها زاويةً للقائد آبو أيضاً، بكلمات عبّرت من خلالها عن مدى ارتباطها بفكرِه وأيديولوجيّته، ومنها العبارة التي تقولُ: “أريد أن أكون صاحبةَ حياة، ذات معانٍ كبيرة، وعملية عظيمة”.
وفي عمليتها هذه أيضاً حاولت زيلان الردَّ على سياسات القوى الإمبريالية، التي تحاولُ استهدافَ المرأة، ونضالها الحرّ، عندما قالت في رسالتها وأنا بدوري أريدُ أن أعبّر عن حريّة شعبي، وأفجّر القنبلةَ في جسدِي، ضدَّ السياساتِ الإمبرياليّة التي تستعبدُ المرأة؛ لأعّبر عن غضبي الكبير ضدّها، وأصبحَ رمزاً لمقاومةِ المرأة الكردية، إنني صاحبةُ إصرارٍ كبير في الحياة، أريد أن أكون صاحبةً لحياةٍ، وعملية تحمل معانيَ كبيرة “.
لذا في الثلاثين من شهر حزيران من كلِّ عام، تتعهد النساء المناضلات السائرات على دربِ المناضلة زيلان، والمئات من رفيقاتها، بتصعيدِ وتيرة نضالهنَّ ضد سياساتِ العدو، والنظامِ الذكوري، الذي يستهدفُ نضال المرأة الحر، التي كافحت الثورية زيلان من أجله، ورسمت مساراً جديداً للنساء في العالم كافة.
