عفرين… حيث تباد المرأة والإنسانية والطبيعة

 هيفيدار خالد_

تشهد مدينة عفرين السورية منذ احتلالها عام 2018 من تركيا والمرتزقة التابعة لها، انتهاكات فظيعة ووحشية لا مثيل لها في تاريخ الإنسانية، تبدأ من القتل والخطف والاعتداءات الجنسية والجسدية إلى السجن والإعدام ودفع الفدى. آخر هذه الانتهاكات كانت إصدار ما تسمى بالمحاكم التابعة للاحتلال التركي في المناطق المحتلة حكماً بالإعدام بحق امرأتين مختطفتين في معتقلاته في عفرين، والسجن المؤبّد لثمانية مختطفات أخريات، وفق تقرير نشره مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا.

يوم بعد آخر تزداد الأوضاع سوءاً في المناطق المحتلة وسط حالة من الفلتان الأمني تشهدها هذه المناطق نتيجة الانتهاكات المتواصلة بحق السكان الأصليين من قبل تركيا والمرتزقة التابعة لها. في هذه المناطق التي تحولت إلى بؤرة ومستنقعات للممارسات والجرائم الإرهابية، التي حولت حياة السكان إلى جحيم لا يطاق بفعل أولئك الغزاة الذين امتهنوا النهب والسلب والقتل والخطف، فلا شيء آمناً هناك تحت جناح الظلم والقهر والاستعباد، حتى الطبيعة هناك لم تسلم من أفعالهم ليسلم سكانها الذين باتوا شوكة في عين أعداء الإنسانية فعمدوا إلى تهجيرهم من منازلهم والسيطرة على ممتلكاتهم وأراضيهم وتغيير ديمغرافية مناطقهم.

الحياة في المناطق المحتلة تحوّلت إلى كابوس مرعب صعب النفاذ منه، وسط ظروف صعبة للغاية يعيشها السكان هناك، وخاصةً النساء وأولئك المختطفات، اللواتي يرزحن في سجون دولة الاحتلال في مشهد مأساوي يرتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقاً للقانون الجنائي الدولي واتفاقيات جنيف، بينما يصم المجتمع الدولي الآذان عما يحدث في تلك المناطق من مجازر وانتهاكات.

وكل ما تقوم به دولة الاحتلال اليوم من ممارسات وانتهاكات بحق السكان في هذه المناطق، إنما يذكرنا بالأفعال الوحشية، التي نفّذتها ومارستها مرتزقة داعش بحق النساء إبان سيطرته على العديد من المناطق في سوريا والعراق، إذ إنه من صنيعتها ويأتمر بأمرها. ولا سيما ما ارتكبه بحق النساء الإيزيديات في شنكال، وكيف أقدم على بيعهن سبايا في أسواق النخاسة ببغداد، وقتلهن والاعتداء عليهن.

من هنا فعلى المنظمات النسوية الحقوقية، التي تطالب بالإنسانية والعدالة، وحماية الشعوب المضطهدة من الحروب والمجازر، التدخل بشكل سريع للكشف عن الانتهاكات والجرائم، التي ترتكب بحق النساء في المناطق المحتلة، والتي تستهدف المرأة، والأطفال، والطبيعة، والتاريخ، وتوثيقها ونشرها في وسائل الإعلام الإقليمية والدولية، ومحاسبة مرتكبيها حسب المواثيق والأعراف الدولية.

وعلى النساء المناضلات تصعيد نضالهن بشكل قوي في الأيام القادمة أكثر فأكثر، في وجه هذه الانتهاكات، ورفع وتيرة المقاومة في شتى الساحات ولعب دورهن على أكمل وجه؛ للحد من مثل هذه الجرائم، التي ترتكب وتمارس ضد المرأة ليس في المناطق المحتلة في سوريا فحسب، بل في الأماكن والمناطق، التي تتعرض فيها النساء للعنف النفسي والجسدي.