كل امرأة منهنّ دونت تاريخاً

سوزان علي_

دونت المرأة في شمال وشرق سوريا تاريخاً جديداً من المقاومة والنضال، وسعت بنضالها هذا إلى إحياء العصر الأمومي في المجتمع من خلال نبذ العادات البالية، والتصدي للهيمنة، والذهنية السلطوية الذكورية، التي فرضتها الأنظمة الاستبدادية على المجتمعات الشرق أوسطية على مرّ العصور.

وما ميز هذه المقاومة هو رفض الانصياع للاستبداد؛ ذلك أن المرأة بنضالها دونت تاريخاً جديداً، ويزداد صمود المرأة في شمال وشرق سوريا يوماً وراء آخر، أمام هجمات دولة الاحتلال التركي على المرأة الريادية لثورة التاسع عشر من تموز، والتي كثفت هجماتها في الآونة الأخيرة بالطائرات المسيرة على المرأة القيادية، وكان آخرها استهداف القيادية في وحدات حماية المرأة شرفين سردار، ومقاتلتين من وحدات حماية المرأة، وهما نوجان أوجلان، وجاندا جودي في الخامس عشر من شهر أيلول الجاري في منبج، وبالتزامن مع الذكرى السنوية التاسعة لهجمات داعش على كوباني؛ ذلك أن المرأة في شمال وشرق سوريا لم تصنع التاريخ وحسب، بل كشفت النقاب عن مساعي الأنظمة الاستبدادية لإبادة المرأة، وفرض هيمنتها على المجتمعات في مسعى منها لإبادة الشعوب عن طريق استهداف المرأة القيادية لتسد الدرب أمام النساء الأخريات في الاقتداء بالنساء الثوريات المقاومات، اللواتي استنشقن عبق الحرية.

وما انتصار المرأة في مقاومة كوباني إلا جزء من هذه المقاومة، حيث غيرت مقاومة وحدات حماية المرأة المعادلة، وكسرت رهان المحتل التركي ومرتزقة داعش في سقوط كوباني، وأنارت العملية الفدائية للشهيدة آرين ميركان في الخامس من شهر تشرين الأول عام 2014م شعاع الحياة في كوباني، فانتصرت كوباني بمقاومة أبنائها، وبقيادة المرأة، وكسرت شوكة داعش للمرة الأولى، وبثت إرادة المرأة الرعب في قلبه، حيث لا يزال داعش يخشى قوة المرأة منذ ذلك الوقت.

وما تمثيل المرأة السياسية اليوم في المحافل الدولية، ومساعيها في إنهاء الاحتلال التركي للأراضي السورية، والذي يهاجم إرادة المرأة بالمسيرات، والقذائف، ويمارس الحرب الخاصة عليها، إلا نوع من أنواع مقاومتها وصمودها، فتسلحت بالوعي وأصبحت الرّد الأمثل أمام هذه الهجمات، حتى اقتدت بها نساء روجهلات كردستان، وإيران في استمرار انتفاضة “Jin.. Jiyan.. Azadî” والتصدي لانتهاكات النظام الإيراني المناهض لحرية المرأة، وتقييد حريتها، وفرض قيود الموت عليها؛ حتى بات شعار هذه الانتفاضة فلسفة لسائر النساء في الشرق الأوسط، والعالم اللواتي تضامنَّ مع انتفاضة الجدائل.

أدركت المرأة في شمال وشرق سوريا، أن الردّ على انتهاكات المحتل التركي وممارساته البعيدة عن الإنسانية سواء بممارسة الحرب الخاصة، أو بشن الهجمات المباشرة بالمسيرات والقذائف عليها لا يكون إلا بالمقاومة، والنضال، والتسلح بالوعي.