كسرت النمطية بعملها المتميز لإعالة أسرتها..

روناهي/ الحسكة – صباح الناصر “أم زينب”، كادحةٌ تعمل بمهنةٍ مضنية وغير مألوفةً عند العامّة، حيث كسرت النمطية من خلالها، امرأة تملؤها الثقة بالنفس والروح العصامية وتجتهد لتأمين الحياة الكريمة لعائلتها.

كانت تعيش المرأة في أقسى ظروف الفقر والتهميش المرتبط بسوء العادات والتقاليد والمرهون بانتقادات المجتمع، فكانت مسلوبة الحقوق على الصعيدين العام والخاص، ومع ثورة الحرية والكرامة في مناطق شمال وشرق سوريا، تغير الواقع المرير، وصحت الضمائر النائمة، فالمعلمة والمربية والمقاتلة أصبحت تشكل المرأة ثلاثيةً متناغمة، ما بين علمها وعملها وقتالها، حيث امتزج عنفوانها بعرقها الذكي ودمائها الطاهرة، ليشكل ركيزة العيش بحريةٍ وكرامة، فمنهن من تكافح قسوة الحياة بامتهان الأعمال غير المألوفةً عند مجتمعاتنا وتكسر النمطية وكذلك تذلل قسوة الحياة وتعين الزوج في بناء مستقبل أبنائها.

قصتها.. وبداية انطلاقها للعمل

بدايةً حدثتنا صباح عن كيفية اختيارها لهذا العمل بالقول: “بدأت قصتي بالعمل بهذه المهنة نتيجةً للوضع المرير والحالة الاقتصادية المتردية، ولأكون عوناً لزوجي في حمل أثقال ومتطلبات الحياة الصعبة، حيث كان زوجي يعمل كحارسٍ وفصل عن العمل من دون معرفة الأسباب، فأصبح فجأةً عاطلاً عن العمل، وبسبب ظروفهِ الصحية لا يستطيع أن يقوم بأعمال متعبة، بالإضافةِ لوالدتي المريضة التي تحتاج إلى رعاية طبية خاصة، ومن هنا عقدت العزم على العمل”.

وتابعت: “كانت انطلاقتي بالعمل على الدراجة النارية ذات الثلاث عجلات (التريزينا)، مع علمي المسبق بأنها ستكون ظاهرة غير مقبولة عند المجتمع، وسألقى الكثير من النقد والاستغراب وعدم الرضا، وبالفعل حصل ذلك، فما بين مندهشٍ ومتفهمٍ لحالتي، تلقيت الكثير من الاستهجان من الكثيرين، فقال البعض: لماذا لا تعملين ضمن المجالات النسائية، كالخياطة أو الطبخ وغيرها من الأعمال التي تخص المرأة؟ ولكنني كنت استذكر دائماً حمل النساء للسلاح وذودهن عن الوطن وعن الشعب لغايةٍ واحدة وهي حماية اعراضنا وكرامتنا، ومن هنا عقدت العزم على العمل دون النظر إلى الخلف، وبدأت فعلاً بالعمل على الدراجة، والحمد لله عملي يغنيني عن حاجة الناس”.

الصعوبات والتحديات..

 أضافت صباح مسترسلةً بالحديث عن عملها: “لقد أحببت عملي كثيراً وبات يمثل جزءاً من شخصيتي، وأعمل حالياً في بيع الثلج (البوظ) كوننا نمر بموسم الصيف. وأواجه بعض التحديات مثل العطل الفني بالدراجة، أو انفجار إحدى العجلات عندما تكون الدراجة محملة، وهنا أواجه الكثير من الإجهاد ولكنني أتمكن في النهاية من إصلاح العطل أو الضرر الذي تتعرض له دراجتي، بالإضافة لتعرضي للسخرية من بعض الناس، ولكنني لا آبه بما يقولون، فقد اعتدت على عملي وسأفرض شخصيتي واستقلالي عن العادات البالية في المجتمع، فمثلما تقبلني المنفتحون على عمل المرأة وشجعوني وأثنوا علي سيتقبلني الباقي، وقد شاركت بالكثير من المناسبات التي كان ينظمها مؤتمر ستار، وتلقيت العديد من المكافآت، وأصبحت مقصداً إعلامياً، وأنا فخورةً جداً بعملي، وأوجه عبر صحيفتكم رسالة شكرٍ وعرفان لكلِّ من وقف بجانبي وساندني ودعمني للاستمرار بعملي”.

وهكذا تمثل حالة المواطنة صباح أم زينب حجم التغيير الذي فرضته ثورة الكرامة في روج آفا في كسر الصورة النمطية والمعقدة التي كانت تعيشها المرأة، وكرست دينامية جديدة في أساس التشاركية الفعلية ما بين الرجل والمرأة، وأثبت بأن المرأة قادرة على تذليل الصعاب في طريق العيش بحريةٍ وكرامة، كجزءٍ لا يتجزأ من ثورة المرأة وتضحياتها المهيبة في بناء الوطن، ومقاومة الإرهاب الظلامي.