قُبيل الجولة الثانية… الإبادة السياسية تصل ذروتَها

بيريفان خليل_

---

في الوقت الذي ينتظر العالم، وليس الشعب في باكور كردستان وتركيا فقط، نتائج حسم المنافسة بين المعارضة؛ كليجدار أوغلو، وأردوغان، الذي يحلم بالاستيلاء على المنصب مرة ثالثة على التوالي، تزداد مساعي الأخير بإسكات صوت المعارضة، خاصة من خلال ممارسة الإبادة السياسية باعتقال العشرات من المواطنين، وفي مناطق مختلفة، وضمن فترة زمنية قصيرة.

 يسعى الشعب، وكذلك المعارضة في باكور كردستان تركيا تلقين سلطة أردوغان وحزبه؛ العدالة والتنمية درساً بأنه آن الأوان لهزيمتهما وإفشال مخططاتهما في التربع على العرش مرة أخرى، وإن كانت غير قانونية، وفي ظل هذه المساعي يتمادى المتسلط وحزبه بإخماد الشعلة، التي تتأجج نيرانها شيئاً فشيئاً، والتي تهدد وجودهما في الساحة الرئاسية.

وفي ظل الأوضاع الحاسمة، اعتقلت سلطة أردوغان العشرات من المواطنين، ممن يعارضون فوزه مرة ثالثة في الحكم، في سعيه لكم أفواه منافسيه، وفي التخلص منهم، الذين يسببون على الأغلب خسارته الانتخابية.

حملة مداهمات كبيرة ضد منافسي أردوغان

وعبر حملة مداهمات استهدفت عدة مدن، اعتقلت السلطة الأردوغانية عشرات المعارضين، ففي أنقرة وماردين، وأضنة، وإزمير، ومرسين، وأنطاليا، وغيرها من المدن اعتقلت سبعة وستين شخصاً بينهم أعضاء في حزب الشعوب الديمقراطي المعارض، المستهدف دوماً من قبل أردوغان وحزبه، كما أكدته وسائل إعلام المعارضة.

ومن جهة أخرى كشفت وسائل الإعلام التركية اعتقال ثلاثين شخصاً في مدينة جناق قلعة، بينهم الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطي عمر فاروق كرج، وأعضاء في الحزب، والرئيس المشترك السابق لحزب الأقاليم الديمقراطي فيصل كوتلواي بالتزامن مع اعتقال عدد من الإداريين في حزب إعادة الإعمار الاشتراكي بمطقة أدرنة.

والوسائل الإعلامية التركية، أكدت أيضاً، أن السلطات التابعة لحكومة العدالة والتنمية، قد اعتقلت ثلاثة عشر معارضاً، وسياسياً في نواحي ماردين بالتزامن مع اعتقال أربعة وعشرين شخصاً في مناطق أنطاليا وأضنة، وإزمير، تحت ذريعة إرسال أموال إلى جمعية دعم ومساندة عائلات المعتقلين، والمحكومين.

اعتقال 24 شخصاً في يوم واحد

وقد سبق تلك الحملة اعتقالات أخرى وفي مناطق مغايرة استمراراً لحملة الإبادة السياسية، حيث تم توقيف 24 شخصاً من قبل الشرطة التركية في مداهمات للمنازل في العديد من المدن، بتاريخ 23 أيار، جزء من تحقيق أجراه مكتب المدعي العام في تكيرداغ، حيث اُقتيد 24 شخصاً من أعضاء، وإداريي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني التابعين لمؤتمر الشعب الديمقراطي (HDK)، والذين تم توقيفهم، إلى مقر شرطة تكيرداغ.

واُتهم المعتقلون “بعضوية التنظيم”. وبعد الإفادة في مقر الشرطة، أحال مكتب المدعي العام 21 شخصاً إلى المحكمة، واُطلق سراح ثلاثة أشخاص.

أسماء المعتقلين: “سروت تاشكين، رحمي ديرن، جزمي يامان، تورغوت هاسكان، تورغوت غوكجه، جتين كاله، عدنان كورت، جيلان دنيز أديامان، سنم أوزباي، زبيدة كاراوغلان، محمد أكيورك، آيلا إروغلو، عمر فاروق كرنج، أيتكن بولوت، عائشة يولكسن، حلمي كاراوغلان، سزا بويوكلج، سنان غوكسل، وشخصان لم تعرف أسماؤهما”.

تزايد المعتقلين قبل الجولة الثانية

كما كان لمنطقة جولة، وبالتحديد ناحية آغري، وكاني رش، نصيباً من حملة الاعتقالات، التي بدأها حزب العدالة والتنمية برئاسة فاشيته أردوغان خلال السنوات الأخيرة، واشتدت بوتيرة عالية قبيل الجولة الأولى، وما تبعها من حملات اعتقال قبل الجولة الثانية.

وتم مداهمة العديد من المنازل في ناحية كاني رش التابعة لمنطقة جوليك، كما أنهم أجروا بحثاً في جميع المنازل في قرية خشوك عن شخص يبلغ من العمر 21 عاماً، وأفادت المعلومات حسب ما حصلت عليه بعض الوكالات، أن الجنود والشرطة أقدما على اعتقال العديد من الأشخاص خلال حملة المداهمات هذه.

كما داهمت شرطة، وجنود العدالة والتنمية منازل المدنيين في حيين تابعين لمنطقة آغري، وأفادت المعلومات الواردة، بأنه تم اعتقال 35 شخصاً، وأغلبهم شبان، بحجة “الدعاية لحزب العمال الكردستاني”.

وأسماء بعض المعتقلين، هي: نوزت داغ، جلال الدين كاراتاش، صادق رشاد إيي، أحمد أوزتاش، بكين بولات، محمد أوجار، إبراهيم أوزتاش، آدم بالتا، جميل فورال، جلال آلتون، قاسم يلدرم، آيدن بورسوك.

مشاهد مماثلة من الاعتقالات

كما وشهدت رها مشهداً مماثلاً من الاعتقال، حيث تعرض كل من عبد الرحمن بولات، ودنيز كارايوراك، للاعتقال أثناء مداهمة الشرطة التابعة للعدالة والتنمية، دون أن يتم الكشف عن سبب الاعتقال.

كما جرى اعتقال 30 شخصاً على الأقل أثناء المداهمات في مدينة جولميرك، ويشار أيضاً إلى أن 30 شخصاً قد تعرضوا للاعتقال في 24 أيار الجاري، بينهم 12 موسيقياً بسبب مشاركتهم في افتتاح مكتب انتخابي لحزب الخضر اليساري، وفي 23 أيار أيضاً اعتقل 70 شخصاً.

وفي أيله الكردستاني نفذت شرطة العدالة والتنمية حملة مداهمات على منازل المدنيين، حيث اعتقلت خلالها عدنان فورال، وداد أوزر، ومظلوم إيتمز، حيث أقدمت على تحطيم أبواب المنازل، وتعذيب العديد من الأشخاص خلال المداهمة واقتادتهم إلى مديرية الشرطة في المدنية.

تهديدات تتجاوز الحدود القانونية

وفي بعض المناطق، تم اعتقال 24 شخصاً في إطار تحقيق النيابة العامة في الحملة، التي بدأتها بتهمة مشاركاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وتم اعتقال شقيق أحد الصحفيين، الذي فضح سياسة الاعتقالات، وخاصة ما فعلوه بشقيقه بالتعذيب والتنكيل.

وتم اعتقال أوزكان يلجين شقيق الصحفي هاكان يلجين في إطار تحقيق النيابة العامة أيضاً في مرسين، حيث هددت الشرطة أثناء الاعتقال هاكان يلجين بالقتل، وقد عذبوا والديه أثناء مداهماتهم المنزل ومن ثم اعتقاله.

وقد صرح يلجين: إنه خلال مداهمة منزله هدده رئيس الشرطة وقال له: “إن سحبت السلاح فسأستخدمه، وسأضعه في رأسك”.

وأفادت الأنباء أيضاً، أثناء مداهمة المنزل قام رجال الشرطة بالإساءة لوالدة يلجين، وصرخوا بوجه والده الذي هو من ذوي الاحتياجات الخاصة، والبالغ 70 عاماً من العمر، والذي يعاني من مرض الزهايمر.

تحقيق النيابة العامة وسيلة أخرى للاعتقال

من الطبيعي أن يكون الإعلام الحر في مواجهة الاستهداف والعاملين في هذا السلك على القائمة دوماً، وعلى هذا الأساس يستمر عناصر حزب العدالة والتنمية باعتقال أصحاب الرأي الحر، حيث تم اعتقال صاحب الامتياز في وكالة ميزوبوتاميا MA فرحات جليك، الذي ذهب إلى مخفر هوزورفيل للإدلاء بإفادته، في إطار تحقيق النيابة العامة، فمن خلال هذه الحجة تم مداهمة المنازل في 25 نيسان في 21 مدينة، واعتقل 191 شخصاً، بينهم 50 صحفياً، ومحامٍ، وسياسي.

كما وتم اعتقال منسق وكالة ميزبوتاميا الموسيقي شيركو كانيوار (أصلان آيدوغان) في مطار آمد في إطار التحقيق أثناء عودته من ألمانيا إلى آمد.

ويجدر بالذكر، تم تمديد حجز الأشخاص، الذين تم اعتقالهم من قبل شرطة العدالة والتنمية خلال احتفالات أعياد نوروز في أنقرة من بينهم عضو مجلس حزب الشعوب الديمقراطي، بدرية إرماك، كورقة أخرى يتلاعب بها أردوغان للتقليل من الأصوات، التي تنتخب معارضه.