في الثورات المرأة قيادية ومستهدفة في آن واحد

بيريفان خليل_

على مر التاريخ حتى الزمان الحاضر، تشهد الثورات التي تندلع من أجل تغيير النظام الحاكم المستبد، والفاشي، حالتين متناقضتين فيما يتعلق بالمرأة، الأولى هي أن تلك الثورات تقودها المرأة، فتلعب دور الريادة إلى جانب مهمات أخرى، تقوم بها في سبيل التقدم لتحقيق أهدافها، ولاسيما أنها تلعب الدور الجوهري والأساسي في المجتمع. فإلى جانب قيامها بمهمتها كمقاتلة تحمل السلاح في وجه السلطة المستبدة، هي مربية فاضلة تنشئ مجتمعا بأكمله.

ما شهدته المرأة على مر التاريخ يعاد اليوم ضمن الثورات الديمقراطية (ثورة المرأة المنتفضة). فثورة روج آفا، التي اندلعت شرارتها في التاسع عشر من تموز انطلقت في بقعة جغرافية صغيرة “كوباني”، ولكن في هذه البقعة نفسها حصلت أعظم البطولات، وانكسرت فيها شوكة كل من حاول المساس بها، وفي مقدمتهم مرتزقة داعش وليدة دولة الاحتلال التركي، التي كانت ولازالت تغذيها وتمولها.

انتصار كوباني كان تاريخاً هاماً في ثورة روج آفا، ولابد لنا أن نذكر شهادة المقاتلة في وحدات حماية المرأة “آرين ميركان”، التي غيرت الموازين، وأخفقت التوقعات، التي كانت تروج بأن كوباني انهزمت.

الفدائية آرين ميركان قد رسمت خط الحرية بنهجها، وعلى مسارها ثارت الكثيرات، وهذا النصر شهدته بقاع شمال وشرق سوريا، حيث تحررت من مرتزقة داعش بقيادة نسوية، ففي دير الزور والرقة، والطبقة، وعين عيسى، وكذلك منبج وغيرها، شهد واقع المرأة تحولاً جذرياً، حيث انخرطت المرأة في مجالات الحياة كافة، بعد أن كانت مقيدة بالعادات، والتقاليد المجتمعية البالية، وزادتها سابقاً قيود داعش، لدى سيطرته على المنطقة.

إن أمثال هبون عرب، وهند، وسعدة، وغيرهن الكثيرات من النسوة العربيات، استطعن مساندة المرأة الكردية في ثورة الديمقراطية، ثورة المرأة الحرة في شمال وشرق سوريا، ولأن المرأة كانت القيادية، والمحققة للانتصارات في ظل مثل هذه الثورة فقد كانت محط استهداف أيضاً، منهن من نلن الشهادة لدى تصديهن لداعش، ومنهن من اغتيلت أمثال الشهيدة “هفرين خلف” الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل، ومنهن من استهدفن من المحتل التركي، الذي لازال يمارس قوانينه واستهدافاته عبر مسيراته، بعد أن فشل في مواجهة الإرادة الشعبية، واقتطاع المزيد من الأراضي، لذا كان استهداف الشخصيات الوطنية والفاعلة في المجتمع الخيار النهائي للمحتل التركي في الحد من تقدم الثورة المرأة التي ستكون حتماً ثورة تغيير الذهنية ليس في الشرق الأوسط، وحسب، بل في العالم أجمع.

 فميراث الشهيدات جيان تولهدان ويسرى، وليمان، وغيرهن أصبح ميراثاً لجميع النساء الثائرات.

وأصبحت ثورة روج آفا أساساً لكل انتفاضة وثورة في أي مكان كان، وثورة Jin Jiyan Azadî كانت وليدة واستمراراً على طريقها، هذه الثورة التي تقودها المرأة في روجهلات كردستان وتمتد شيئا فشيئا لتكون ثورة عالمية. هذه الثورة تواجه نظاماً مستبداً وذكورياً يماثل نظام حزب العدالة والتنمية في تركيا، وما يقابله من نظام مرتزقة داعش وممارساته، وكذلك نظام طالبان في أفغانستان.

فشهادة “جينا أميني” الفتاة الكردية، التي قتلت على يد ما تسمى بشرطة الأخلاق التابعة لسلطة النظام الملالي خرجت المرأة إلى ساحة المقاومة، ولم تأبه للأساليب المتوقعة ممارستها من نظام الملالي، من قتل واعتقال ميداني. مثل هذا النضال يؤكد بأن المرأة ستنتصر بفكرها ومقاومتها مهما تعددت انتهاكات أصحاب الذهنية الذكورية ، وستحول ساحات الاستبداد إلى ساحات الحرية، ومهما استهدفت فلن تتخلى عن دورها الريادي والقيادي.