فيدان حسكة: نضالنا الركيزة الأساسية لمقاومة صنوف العدوان كلها

روناهي/ الدرباسية –

تتسارع وتيرة الأحداث العاصفة في المنطقة والعالم، حيث نشهد تطورات مفصلية تحدث بين يوم وآخر على الصعد كافة، السياسة والاقتصادية، والعسكرية، ولا يزال النزاع العسكري في أوكرانيا يلقى بظلاله على الجوانب الاقتصادية، والسياسة العالمية، فقد سعت الكثير من الدول إلى تغيير خارطة علاقاتها الدولية لتنتقل من ضفة إلى أخرى، كما هرولت بعض الدول لتغيير قواعد الاشتباك في المنطقة، محاولة حجز مقعد في قاطرة التطورات العسكرية.

المتغيرات آنفة الذكر، تفرض على شعوب المنطقة اتخاذ تدابير من شأنها حماية نفسها في وجه المخاطر المحدقة بها، والتي تستغل العاصفة الدولية للقضاء على الشعوب التواقة للحرية.

ولمناقشة هذه التطورات، وغيرها، وكذلك للحديث عن التأثيرات، التي يمكن أن تخلفها على مناطقنا، التقت صحيفتنا مع فيدان حسكة، الإدارية في مجلس مقاطعة الحسكة، حيث قالت: “لكي نستطيع فهم ما يجري اليوم، علينا أن نلقي نظرة على التاريخ، ولا سيما تاريخ شعبنا الكردي ونضالاته، هذه النضالات، التي تعود إلى قرابة النصف قرن، دفع خلالها الشعب الكردي أثماناً باهظة؛ ليُعرّف العالم بحقيقته كشعب، النضالات التي نتحدث عنها، خاضها بالدرجة الأولى مؤسسو حركة التحرر الكردستانية، وعلى رأسهم القائد عبد الله أوجلان”.

وأضافت: “في سبعينات القرن الماضي، وتحت شعار “كردستان مستعمرة” بدأ نضال رفاقنا الأوائل، والذي انطلق نتيجة التساؤلات، التي طرحها القائد عبد الله أوجلان، والتي تمحورت بالدرجة الأولى، حول سبب ما يتعرض له الشعب الكردي من ظلم واضطهاد، كذلك عدم قدرة الكردي العيش بهويته الكردية، وعلى أرضه التاريخية، هذه التساؤلات دفعت بالقائد إلى التعمق فكرياً في الواقع، الذي يعيشه الشعب الكردي، ونتيجة هذا التعمق، وضع القائد أبجدية علم تحرر الشعب الكردي، والذي تمثل بفكر الأمة الديمقراطية، القائم على أساس أخوة الشعوب. وما يكسب فكر القائد أوجلان فرادة، أنه موجه للشعوب المستضعفة كافة، التي تهدف للخلاص، وغير محصور في قومية، أو شعب واحد، أي إنه بعيد كل البعد عن التعصب القومي، الذي كان طاغياً على المنطقة تاريخياً”.

فيدان تابعت بالقول: “نضالانا تجلى بأشكال عديدة، أهمها مقاومة سجن آمد، حيث عج ذلك السجن بالمناضلين، الذين اعتقلتهم دولة الاحتلال التركية محاولة إسكات صوت الحرية الصاخب، لذلك نستطيع القول بأن نضال رفاقنا الأوائل الركيزة الأساسية للمقاومة التي عشناها ولا نزال نقاوم حتى يومنا هذا”.

الصراع بين معسكرين

فيدان حسكة زادت بالقول: “في المراحل الأولى من نضالنا، كنا نخوض هذا النضال في آتون حرب بارة، كانت مستعرة في حينه، والتي كانت تدور رحاها بين معسكرين عالميين، الأولى هو المعسكر الإمبريالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والمعسكر الثاني كان المعسكر الاشتراكي المتمثل بالاتحاد السوفييتي آنذاك، هذه الحرب الباردة فرضت علينا التخندق مع إحدى القوتين؛ ولأننا حركة ثورية مولودة من رحم شعب مستضعف، فقد اصطفينا في حينه مع المعسكر الاشتراكي، الذي كان يهدف إلى تحرر الشعوب من أشكال الاستعمار القديم والحديث، أي أن حركة التحرر الكردستانية قامت على أساس ثوري، وبنت تنظيمها على الفكر الأممي، وقد اخترناها إيديولوجية لنا، وانطلقنا منها، وعلى هذا الأساس انضم لصفوف حزب العمال الكردستاني، وحركة التحرر الكردستانية، العديد من المناضلين غير الكرد، ومناضلون لا ينتمون إلى الشرق الأوسط”.

نضالنا بين الماضي والحاضر

فيدان حسكة استكملت حديثها بالقول: “اعتمدنا منذ البداية على قوانا الذاتية، ولم نعتمد يوماً على أي قوة دولية، وهذا الأمر استمر حتى يومنا هذا، فما تعيشه شعوب شمال وشرق سوريا هذه الأيام، وما تخوضه من نضال، تعتمد فيه بالدرجة الأولى على ذاتها، وعلى قواتها العسكرية؛ لذلك وصلنا إلى تحقيق كل هذه المكتسبات، واستطعنا بفضل قواتنا أن نُسمع العالم صوتنا، ولفتنا أنظار العالم أجمع، كما أننا وبفضل فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان، تعلمنا كيفية النضال من أجل الحصول على حقوقنا؛ لذلك نرى اليوم كل هذا الهجوم على شعوب شمال وشرق سوريا، ولا سيما من قبل دولة الاحتلال التركي، التي تخشى صوت الحرية للشعوب، فنراها تسعى دائماً إلى وأد صوت هذه الشعوب”.

واستكملت: “الهجمات التي يتعرض لها شعبنا اليوم ليست بجديدة، بل أن شعبنا يتعرض على الدوام للهجمات، والمؤامرات الساعية إلى إسكات صوته، لذلك فإننا تعودنا على التعامل مع أعدائنا، ولم يعد من الممكن هزيمتنا؛ لأننا نخوض نضالاً متواصلاً دون انقطاع يشمل كافة أجزاء كردستان، إضافة إلى أن نضالنا متزامن على الجبهات كافة، داخل السجون وخارجها، داخل الوطن وخارجه، وهذه السياسة النضالية، هي التي تكسبنا قوة في وجه الأعداء”.

فيدان حسكة اختتمت حديثها بالقول: “لسنا بعيدين عما يجري بالعالم، فإننا نتأثر به كثيراً، كما أننا نبني استراتيجيتنا بناء على التطورات العالمية، وكذلك عدونا المتمثل بدولة الاحتلال التركي، فأنه يسعى دائماً إلى الاستفادة من الوضع الدولي الناشئ، لتوسيع رقعته الاستعمارية، وتسانده في ذلك كل دول حلف الناتو، لذلك فإننا لا نقاوم دولة واحدة، بل نقاوم حلفاً عسكرياً دولياً بالكامل، بناء عليه، فإن مقاومتنا ستتصاعد يوماً بعد يوم، مع كل تصعيد جديد لعدوانية العدو، وهذا النضال يكون كفيلاً في إحباط مخططات العدو”.