ضفاف المعرفة.. قصة الحضارة

تقرير/عبد الباري أحمه –

الكتاب: قصة الحضارة، المؤلف: ول ديورانت 1885ـ 1981م.
يعتبر كتاب قصة الحضارة من أكبر وأعظم المؤلفات التي ترجمت إلى لغات عدة، وهو من تأليف الكاتب والمؤرخ الفيلسوف الامريكي «ول ديورانت» والذي شاركته زوجته في الأجزاء الأخيرة منه، وديورانت درس في جامعة كولومبيا وتخرَّج منها وأصبح أستاذاً فيها، نال درجة الدكتوراه عام 1917م بعدها بعشر سنوات بدأ بجولته الأولى حول أوروبا، ولأنه كان يميل نحو المغامرة ترك التدريس في الجامعة، وقام في عام 1930م بالتطواف في العالم للبحث عن المعرفة، وبعدها بسنتين جدَّد رحلته الثانية حول العالم.
ولديورانت مجموعة مؤلفات منها «مباهج الفلسفة، قصة الفلسفة، الفلسفة والمسألة الاجتماعية، تفسير الحياة، أبطال من التاريخ» وغيرها من الأعمال المميزة.
لكن مؤلفه قصة الحضارة لاقى رواجاً أكبر وأوسع في العالم، ورغم شهرته العالمية، وإنهائه المهمة بشكل جيد، إلا أنه تعرَّض للنقد الشديد في بعض الأحيان، ففي أماكن عدة يمثل لسان السلطة، لأن الأمم القوية لا تعتمد دائماً على قوتها كي تنتصر، بل على قوة الكوادر والعقلاء والمواهب، كي يكتشفوا ويستغلوا نقاط الضعف عند الشعوب، من جهة أخرى يحاول «ديورانت» أن يقنعنا بأن التاريخ بدأ من سومر قبل 3500 عام قبل الميلاد، والأولى به أن يتحدث لنا عن حضارة ثقافة الأم الآلهة والثورة الزراعية في أعالي ميزوبوناميا قبل عشرة آلاف سنة قبل الميلاد. قصة الحضارة رحلة ممتعة تتألف من 42 محطة (جزء) و11500 كلمة من الفضة المطعمة بالذهب، يحكي لنا عن قصة الإنسان وصراعه مع الحياة والبيئة، وكيف انتصر عليها، وبنى أولى الحضارات الثقافية، لا ننكر بأن سومر من الحضارات التي دونت تاريخها، لأنها اكتشفت الكتابة، ومنها ينتقل بنا ديورانت من مكاناً لأخر من الصين وجنوب شرقي آسيا ومن ثم يعرفنا على شعوب وأديان الهند، ويحط بنا في مهد الحضارات في ميزوبوتاميا (بلاد ما بين النهرين) وينتقل إلى الفراعنة واللوتس والنيل، ولا يمكن أن تكتمل الرحلة إلا بالمرور على جبل أولمب وإزيس وهيلانة، ويعرفنا على سوفكليس الذي خلق المسرح بكل جماله، ويلقي علينا من أشعار ديوجين أعذبها، ويسمعنا من الثلاثي أفلاطون وأرسطو وسقراط لبَّ الحكمة.وينطلق بنا حتى نتجاوز الأطلسي ويحط بنا فوق مرتفعات ومدرجات المايا والازتك، وكيف كانت تتواصل أهراماتها بأهرامات الجيزة، ثم يردنا ثانية إلى ضيافة العجوز(أوروبا) التي أعلنت عن ثورتها بوجه الطاغية (لويس السادس عشر) وسقوط الباستيل، وجان دارك التي كتبت مبادئ الحرية، وحررت السجناء من دهليز الظلمة، ليعيشوا أول كومونة في العصر الحديث، ومن برج إيفل يودعنا ديورانت وزوجه بعد أن عشنا معهما رحلة ممتعة تعرفنا على أجمل وأفضل الأماكن والأرقام والأسماء في التاريخ وإنْ كان ناقصاً بعض الشي.