صقل المواهب بين الإرادة ورعاية المركز الثقافي بتل كوجر

تل كوجر/ المثنى المحمود ـ

ابن الثمانية عشر عاماً، يجيد عدة أنواع من الفنون، أهمها الرسم والنحت، ولديه مواهب في تصميم الأزياء وعضو ضمن فرقة المسرح في مركز تل كوجر الثقافي.

 محمد محمود الصالح فتى في الثامنة عشرة من مواليد حلب، بلدة السفيرة، مقيم حالياً في بلده تل كوجر، من أسرة ريفية تعمل في مجال الزراعة، لم يكمل دراسته بسبب عدم قدرته على التأقلم مع المدرسة والأساتذة ورغبته بالانكفاء وحيداً، وبعيداً عن التجمعات أحياناً كثيرة.

“في عامي السابع اكتشفت موهبتي”

 يتحدث محمد الصالح عن بداياته واكتشاف موهبته: “وحيداً دون أي سابق إنذار متأثر بالشخصيات الكرتونية التي حاولت أن أجسد إحداها على الورق وبعد محاولاتي الأولى لاحظ أهلي وأولهم والدي قدرتي الفريدة على تجسيد الشخصيات بكل سلاسة على الورق، فقدم الدعم الكبير من خلال التشجيع الدائم ومن خلال توفير مستلزمات الرسم، إضافة إلى والدتي وباقي الأسرة التي لم يبخل أحد منها على بكلمات الثناء، يبدو أن خالي الرسام المقيم في ليبيا كان له تأثير على شخصيتي لكن دون أن أعلم، قد تكون الموهبة التي خصني الله بها لها علاقه بالجينات والعوامل الوراثية”.

خيال واسع ورغبة فريدة

يهرب الصالح من الواقع الذي يعيشه نحو أوراقه وأقلامه، حيث يصف نفسه بالشخص الانطوائي الذي لا يجيد الاحتكاك بأقرانه فوجد في الرسم متنفساً للتعبير عن ذاته، فهو لا يرسم إلا الأشياء التي يحبها ويلمسها وتلمسه، ويبدو ذلك جلياً في نوعية الشخصيات الكرتونية التي يفضل دائماً رسمها، يبدو أنه لا يزال طفلاً يميل إلى ما يحب. يقول: “لدي رغبة كبيرة في امتهان الرسم”، وهو يسعى نحو تطوير نفسه وموهبته ويطمح للارتقاء بفنه نحو الكمال، باحثاً عن الدخول في المجال الأكاديمي لزيادة خبراته في مجال الرسم كما أنه يجيد النحت وتصميم الأزياء.

ويقول الأستاذ عبد الهادي إبراهيم المخرج المسرحي ضمن فرقة المسرح في مركز تل كوجر الثقافي: “إن محمد يحمل فكر فنان، وإن موهبته في الرسم تمنحه بعداً آخر داخل المركز وعلى خشبة المسرح فهو يحاول رسم لوحات أثناء تجسيده للشخصيات على خشبة المسرح”.

بدايته مع المركز الثقافي بتل كوجر

يقول مظلوم آرارات الإداري في مركز تل كوجر الثقافي أنه في إحدى جولاته الدائمة على المدارس في تل كوجر باحثاً عن المواهب تعرف على محمد الصالح الذي يحمل موهبة فطرية في الرسم، “وفي عام 2018 انتسب محمد للمركز الثقافي في تل كوجر كعضو لتنمية موهبته كما يحدث مع العديد من أقرانه الذين يتبناهم المركز فنياً لدفع عجلة الفن في المنطقة، التي لا تخلو من أمثال محمد ولكن كلاً في مجال موهبته”.

أضاف آرارات “إن محمد شارك في معرضين للرسم منذ عام 2018 وإن جل المعرض كان للوحات محمد وأعماله الأخرى التي لاقت اهتماماً وإعجاباً من الجمهور محققاً بذلك نجاحاً جيداً له كبداية وإضافة جيدة للمركز ونشاطاته الفنية”.

الخطط المستقبلية والتوجهات القادمة

يقدم المركز الثقافي دعماً معنوياً كبيراً لمحمد وأقرانه كما يقدم دعماً مادياً يقتصر على مستلزمات الرسم والأدوات التي يحتاجها.

وعن التوجهات التي ينتهجها المركز تجاه محمد الصالح قال مظلوم آرارات أنه بصدد إرسال الصالح إلى “أكاديمية” ليتعلم الرسم بشكل أكاديمي ويعود بعد إكمال دراسته إلى المركز كمعلم، وليستمر بتطوير نفسه ويساهم هو في دعم غيره وتعليم الأطفال، أي أن المنتظر من الصالح أن يصبح معلماً قادراً على تدريب أجيال جديدة من الموهوبين.

وعن التوقعات المستقبلية لمحمد الصالح قال آرارات إنه يرى فيه رساماً كبيراً ومعلماً للأجيال، بل صانعاً لها، لكن ذلك يحتاج إلى مزيد من التعب لزيادة قدرته في العطاء وإن مركز تل كوجر الثقافي مستمر في دعمه وأقرانه من الموهوبين، بشكل منضم بعيد عن العشوائية وبشكل أكاديمي صحيح يفتح لهم آفاق المعرفة مستقبلاً.

كما تمنى مظلوم آرارات لمحمد محمود الصالح المزيد من التألق في مجال الرسم وأن يصل إلى العالمية رافعاً بذلك لواء الفن والفنانين في البلاد.