صبراً يا آل عفرين

فوزي سليمان-

علينا قبل أي شيء آخر إدراك هذه الحقيقة عن العدو، ويجب أن لا تغيب عن بالنا قيد أنملة وألا ندخل الغفلة القاتلة التي لطالما كانت ولا زالت تهددنا بوجودنا أرضا وشعبا، فالعدو لا يهدأ له بال ويدمج ليله بنهاره ولا يغمض له جفن ويعيش لأول مرة منذ تاريخ هيمنته فوبيا الكرد التي تؤرق كيانه، ويخوض أشرس وأقذر الحروب التي قد تعرفها البشرية للحفاظ على هذه الهيمنة التي تتجه نحو السقوط والانهيار، ولكن يبقى أخطر تلك الحروب على الإطلاق وأشدها فتكاً بالشعوب هي تلك التي تدغدغ مشاعر الإنسان وتخاطبه بشكلٍ مباشر وناعم تتلاعب بالألفاظ وتنتقي من الكلمات والجمل التي تجعل الإنسان يقف عندها، ويجد نفسه بهذا الشكل أو ذاك فيها لأنها تحاكي آلامه ومعاناته التي هي بالأساس من صنع العدو.

 نعم إنها الحرب الخاصة الحرب التي دمرت البلاد والعباد ولها من التجارب والأساليب التي تجعل شعوب بأكملها تحت هيمنتها وفي خدمتها أو على الأقل إفراغ محتوى آمالها في يوم حر آمن، ولنا من التاريخ القديم والحديث أمثلة لا تُعد ولا تحصى، وأقربها ثورة الطناجر في تشيلي وكيف استُنهضَ الشعب الذي جُوعَ بحصار أعداءه ضد من يمثله ويعمل في خدمته ولمصلحته ليس هذا فحسب بل إعدامه السلفادور الليندي، وهكذا فإن عدم امتلاك الوعي والمعرفة بما يضمره الأعداء يجعل من الإنسان يعمل بالضد من مصلحته ولمصلحة عدوه اللدود.

في الآونة الأخيرة نشطت وبشكل ملفت خطابات أقل ما يمكن وصفها بأنها مسمومة وملغومة وانتشرت كما ينتشر النار في الهشيم، والأنكى من ذلك هو مشاركة العديد ممن يُحسبون على (المثقفين والوطنيين) …؟! على نشر تلك الخطابات والدعايات والذين ينطبق عليهم المثل الكردي XÈRA BAVE  أي وبما معناه خدمة الأعداء بالمجان، ونتناول هنا على سبيل المثال وليس الحصر انتشار دعايات حول العودة إلى عفرين وتطبيل وتزمير الأبواق المأجورة لذلك، وكيف تحول العدو الفاشي المجرم بين ليلة وضحاها إلى حمامة سلام، وكيف أضحى المرتزقة القتلة الناهبون هاتِكي أعراض الناس وحرمة المقدسات والأوابد ونابشو القبور إلى ملائكة، في هذه النقطة أستعيد مقولة لينين الشهيرة  التي وجهها إلى شعب روسيا المتوجه إلى قصر قيصر لتقديم لائحة مطالبه: “لا تحقروا أنفسكم أمام عدوكم اللدود”.

كلنا نذوب شوقاً إلى عفرين المحتلة أربعة أعوام ولا زالت عفرين هنا في قلب كل إنسان شريف، ولكن عفرين لن تكون عفرين وفيها طوراني ومرتزق لطوراني، وإنني على يقين بأننا سنعود إلى عفرين مادام هنا على الأرض في الشهباء وشيروا رجال نذروا أثمن ما يملكون في سبيل عفرين، ورغم كل شيء الصعوبات والعراقيل والحصار لا زال؛ شعبنا قوي الإرادة والإيمان وهذا بالضبط ما يستهدفه العدو، الإرادة والإيمان اللتان ستُلحقان الهزيمة بكل قوى الشر، فصبراً يا أهل عفرين؛ فإن موعدكم مع عفرين لقريب.