“شيلان كوباني” بشهادتها كسرت قيود الاستبداد

ميديا غانم –

بروح المرأة الثورية والتي لم تقبل الذل والخنوع والتسلط للأحكام السلطوية المُستبدة، انخرطت شيلان كوباني ( ميساء باقي) من مواليد 1971م، بين صفوف حركة التحرر الكردستانية عام 1991م، لمناهضة العادات والتقاليد البالية وكسر الذهنية الدكتاتورية والسلطة الشوفينية.

ولدت شيلان في كوباني في عائلة وطنية مناضلة، آمنت هذه الأسرة ومن بينهم شيلان بعمرها الصغير بفكر القائد عبد الله أوجلان وارتبطت به ارتباطاً أبدياً، لتصمم منذ نعومة أظافرها بأنها ستصبح مقاتلة في صفوف الكريلا، لتثبت بذلك ولاءها لشعبها والقائد آبو الذي كان ملهمها منذ البداية.

قاومت بالرغم من التعذيب

أصبحت شيلان ما طمحت به مقاتلة في حركة التحرر الكردستانية، وكانت من أبرز المناضلات اللواتي قاتلن العدو في الصفوف الأولى، بالرغم من صغر سنها إلى إن شجاعتها فاقت عمرها بأعوام، وبالرغم من دخول شيلان السجن وتلقي التعذيب الوحشي على يد النظام البعثي، إلا إنها لم تستسلم وكافحت في سبيل القضية التي كانت تؤمن بها، لم تكتف شيلان بالعمل العسكري بل كانت إحدى مؤسسي حزب الاتحاد الديمقراطي، حيث عملت منذ البداية ضمن صفوفهم، لنشر الفكر الحر بين أبناء شعبها وبالأخص الشبيبة، وتوجيههم نحو العمل الدؤوب وتوعيتهم وتوحيد صفهم، وكذلك كانت مثالاً يحتذى بها للمرأة المنظمة العسكرية والسياسية والمثقفة، حيث كانت شيلان مُحبة للقراءة والشعر.

قاومت شيلان كوباني بكل جسارة في سبيل تحرير شعبها من الظلم والإبادات، الذي كان يمارس بحقهم من قِبل الذهنية الفاشية، النظام البعثي والنظام التركي والنظام العراقي البعثي لم يقبلوا إلا الحزب الواحد والحكم الواحد والسلطة والهيمنة على باقي شعوب المنطقة، حيث استشهدت شيلان كوباني في سبيل قضية الحرية في روج آفا مع رفاقها الأربعة: “زكريا، جوان، فؤاد وجميل”، إثر عملية غدر قامت بها الاستخبارات السورية والتركية والعراقية، لتصبح بشهادتها بتاريخ 29/11/ 2004م، قدوةً لرفيقاتها ولكل حر لا يقبل الذل.

نهضت شيلان بالمرأة الثورية

كما أصبحت شيلان بإرادتها الحرة فخر المرأة المناضلة في سبيل كسر الذهنية الذكورية التي وأدت المرأة بين طيات الزمن، وهُمِش دورها في كافة مناحي الحياة، لدفن روح المرأة الحرة التواقة للعطاء والإبداع، في مقبرة السلطة الذكورية المسترجلة، لتبرز مقاومة شيلان كعاصفة هوجاء لم يكن بحسبان العدو الغاشم بأنها ستنفض بروحها المكافحة غبار السنين، لتنهض بالمرأة الثورية من بين ركام القبر، وتبعث في نفس كل امرأة مناهضة للفاشية والاستبداد؛ الحياة الحرة وروحاً جديدة تكافح بها العبودية، ولتبقى شيلان لون المرأة التي لا تقبل الهوان، ونوراً سطعَ في سماء الشهادة، مصممةً على أن يُخلّد اسمها وتكون أساساً لنضال المرأة المطالبة بالعيش الكريم دون أغلالٍ وقيود، كي لا يتحكم بها المستبد كيفما يشاء.

نالت شيلان كوباني مرتبة الشهادة لتصبح نجمة تتلألأ في سماء كل أمرأه مُتلهفة لنيل حريتها. ليسرنَ على دربها الكثير من لبوات الحرية أمثال؛ أرين وأفيستا وبارين، وليوصلنَ بنهج شيلان وبمقاومتهن أصواتهن إلى العالم أجمع، ويثبتن إن إرادة المرأة الحرة قادرة على أن تكون ملهمة لقلوب كل النساء اللواتي اتخذنَ من درب الحرية والديمقراطية نهجهن الأساسي، فها نحن اليوم نخلّد ذكرى استشهاد شيلان كوباني بالسير على دربها وعلى خطى شهيدات الحرية، نحو مسيرة الديمقراطية التي أناروها بدمائهن الطاهرة، نحو المجد والعنفوان متشبعين بفكرهن ونهجهن الحر حتى الشهادة أو النصر.