شاهد على العصر.. قفزة الخامس عشر من آب جعلت الخيال واقعاً

روناهي/ الدرباسية –

أكد أحد معاصري قفزة الخامس عشر من آب “محمد تل كرم”، أن القفزة لم تكن لحظية، ولم تكن آنية، بل أنها كانت فاتحة لمشروع نهضوي يؤسسه الشعب الكردي، ويقوده مع باقي شعوب الشرق الأوسط.

إن طلقة الحرية الأولى في تاريخ كردستان، والتي صُعق بها العدو الفاشي التركي، كانت قد أُطلقت في الخامس عشر من آب عام 1984، وكان مُطلقها الشهيد عكيد “معصوم قورقماز” والتي كانت شرارة لبركان خامد تحت الركام، لتنطلق تلك الشرارة، وتوصل نورها إلى قمم جبال كردستان، معلنةً فجراً جديداً، وشمساً جديدة، تنذر بالحرية للشعب الكردي.

اليوم، وبعد مُضي أكثر من ثلاثة عقود على هذه الشرارة، نرى بأنها أتت في توقيتها المناسب، حيث انطلق منها الشعب الكردي، لينفض عن نفسه براثين العبودية والذل، معتمداً على ذاته في تأسيس قواته العسكرية، المعنية بحمايته وحماية أرضه.

                                          جسدت حلم أجيال الكرد

15 آب 1984، تلك القفزة التاريخية جسدت حلم أجيال الكرد، وحولته إلى واقع معاش في متناول أيدي الكرد، هذا ما أكده المواطن “محمد تل كرم” في حديثه مع صحيفتنا “روناهي” وهو أحد الاشخاص، الذين عايشوا قفزة 15 آب في مرحلة شبابه.

محمد تل كرم من مواليد ناحية الدرباسية 1970، أشار في حديثه قائلاً: “في 15 آب 1984، ظهر في كردستان مصطلح جديد، لم يألف الشعب الكردستاني على سماعه، وهو مصطلح “الكريلا”، ذلك الاسم الذي يعني في جوهره “الفداء والنضال في سبيل الوطن وحرية الشعوب”، كان هذا الاسم غير مألوف، يبعث نوعاً من الاستغراب”.

وتابع: “ولكن مع إطلاق الرصاصات الأولى، أدرك الشعب الكردستاني، أن هذا الاسم هو السبيل الوحيد لتخليصه من عهود العبودية والتبعية، لذلك سرعان ما تشكلت الحاضنة الشعبية لهذه القوة، وسرعان ما احتضنها الشعب في بيوته، كما لم يتوانوا بعدها للحظة عن الالتحاق بصفوفها”.

وأوضح تل كرم أن هذه القفزة أكدت للشعب الكردي، بأنه قادر على لعب دور القيادة في مرحلة تحرر الشعوب: “لذلك نرى بأن قفزة 15 آب لم تكن قفزة قومية، بل أنها احتضنت كافة شعوب الشرق الأوسط، وقادتهم على درب النضال للوصول إلى الحرية”.

نتاج باع طويل من البحث

وأردف تل كرم: “أن الشعب الكردي منذ الأزل، يعيش في رحلة شاقة من البحث عن الخلاص والانعتاق نحو الحرية، إلا أن هذا البحث استغرق قروناً طوالاً، لكي يعطي نتائج مثمرة، تلك النتائج التي تجسدت في 15 آب وفي حركة التحرر الكردستانية، لذلك فإن هذا التاريخ ليس بتاريخ عادي، بل إنه تاريخ ذات معاني، ودلالات بالنسبة للشعوب الشرق أوسطية عامةً، والشعب الكردي على وجه الخصوص، حيث أن هذا التاريخ كان كفيلاً بإعادة ربط أجزاء كردستان الأربعة، بعد زمن طول من تقطع أوصاله على يد أعداء الشعب الكردي، وحدة كردستان تجسدت في وحدة نضال الشعب الكردي في الأجزاء الأربع، حيث لاحظنا كيف انتشرت تلك الشرارة لتشمل أجزاء كردستان الأربع، ولم تبقَ محصورة في باكور كردستان، ولن ننسى يوماً ذلك الأمل، الذي بعثته قفزة 15 آب في نفوس الشعب الكردي، والذي بات يتطلع من خلالها إلى مستقبل مشرق خالٍ من الاستعباد”.

وأضاف: “إن المكتسبات التي حققتها شعوب شمال وشرق سوريا، والتي تتجسد اليوم بالإدارة الذاتية الديمقراطية، هي استكمال لقفزة 15 آب، وتتويج لها، وذلك لأن تلك القفزة زرعت في نفوس الشعوب إمكانية التحرر والقدرة على الوصول لهذا التحرر”.

واختتم “محمد تل كرم” أحد معاصري قفزة 15 آب حديثه قائلاً: “لن تنطفئ شرارة تلك القفرة، بل ستبقى متقدة، تنير للأجيال القادمة دروبهم، وترشدهم إلى طريق الحرية، وذلك بفضل فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان، الذي مد روح الفدائيين الأوائل بالعزيمة والإصرار على الخلاص والتحرر”.