روناهي/ قامشلو –
افتتاح وتطوير المعامل الإنتاجية في شمال وشرق سوريا، هو مفتاح لرفع المستوى الاقتصادي والإنتاجي، والسبيل لتحقيق الاكتفاء الذاتي في تغطية احتياجات السوق المحلية، وتخفيف آثار الحصار وتداعياته على شعوب شمال وشرق سوريا.
رغم الظروف والتحديات الصعبة، التي تواجه شمال وشرق سوريا، من الهجمات الاحتلالية للدولة التركية ومرتزقتها، بالإضافة إلى الحصار المفروض عليها، ومحاولات ضرب أمن واستقرار المنطقة من قبل القوى الاحتلالية، التي تخطط لاحتلال المنطقة منذ بداية ثورة روج آفا وإلى هذا اليوم، استطاعت الإدارة الذاتية، التي أُسِّست عام ٢٠١٨، إدارة مناطقها بالاعتماد على إمكاناتها وطاقاتها المتوفرة، ونظمت الجانب الاقتصادي في المنطقة، كما طورت هذا الاقتصاد من أجل بناء قاعدة اقتصادية، وتحسين الطاقة الإنتاجية في المنطقة، بالإضافة إلى تأمين الاكتفاء الذاتي لشعوب المنطقة، وتشجيع الأيدي العاملة، وافتتحت العديد من المعامل والمصانع، ووفّرت الكثير من فرص العمل لأهالي شمال وشرق سوريا.
تطوير أساس الاقتصاد
وكان الهدف الرئيسي للإدارة الذاتية، هو تحقيق الاكتفاء الذاتي للمنطقة، وتطوير الأساس الاقتصادي، بالاعتماد على اليد العاملة وتطوير المهارات.
بعد الأزمة الاقتصادية، التي عصفت بسوريا نتيجة الحرب المستمرة، وإطالة عمر الأزمة التي أدت إلى انهيار قيمة الليرة السورية، بدأت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بدعم القطاعات في المنطقة، ومنها القطاع الصناعي، الذي يعدّ عصب الحياة، حيث بدأت الإدارة الذاتية بعد سلسلة من الدراسات والنقاشات، والاجتماعات، ببناء المعامل الإنتاجية، للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية في سوريا، وبفضل المشاريع والمعامل لم تتأثر مناطق شمال وشرق سوريا بالأزمة الاقتصادية بقدر المناطق السورية الأخرى.
ولهذا لجأت في مقدمة أعمالها إلى تنمية المنشآت الصناعية داخل مناطقها، والتحول من منطقة ضعيفة في الإنتاج إلى منطقة ذات مستوى أعلى من الإنتاجية، واليد العاملة، وتحقيق النمو الاقتصادي، وتحسين الإنتاجية، بالإضافة إلى تحسين الواقع المعيشي، وتدريب اليد العاملة على المهارات.
كما قامت الإدارة الذاتية بإعطاء أهمية أكبر لقسم إدارة المعامل الإنتاجية، لذلك قامت بتأسيس قسم خاص لإدارة المعامل في شهر نيسان من عام ٢٠٢٢، ويتبع هذا القسم لهيئة الاقتصاد لشمال وشرق سوريا، حيث كانت المعامل سابقاً مرتبطة بجهات وأقسام أخرى، ولم يكن لها سياسة عمل واضحة، فجاء افتتاح الإدارة العامة من أجل تحقيق نجاحات وإنتاج أفضل.
إن مرحلة تأسيس المنشآت الصناعية من أجل البدء بالعمل يستغرق سنوات عديدة، حيث أن مرحلة التصميم والتخطيط للمعامل تأخذ وقتاً طويلاً حتى تصل إلى مرحلة الإنتاج.
افتتاح معملين من منجزات عام 2022
من بين المعامل، التي افتتحت في شمال وشرق سوريا في عام ٢٠٢٢، معملان وهم معمل “روشنا” لصناعة الملح، ومعمل علف الفرات في مدينة الرقة.
أما المعامل التي لم تفتتح حالياً، وهي قيد الإنشاء وسيتم افتتاحها قريباً مطلع عام 2023، وستدخل إلى مرحلة الإنتاج، معمل جيا للكرتون، ومعمل الخراطيم الزراعية، ومعمل أعلاف الجزيرة، وبالإضافة إلى معمل النسيج، الذي أُسّس عام 2022، حيث تم الانتهاء من الكثير من أقسامه كقسم النسيج والسكولير، والمصبغة، ومشغل الخياطة، والطباعة، والتصميم، وعين له عمال بعد إخضاعهم لدورة تدريبية من أجل العمل على المكنات، حيث دعمت الإدارة الذاتية الكثير من المشاريع في شمال وشرق سوريا مالياً، وخصصت أماكن مناسبة لها، كما قامت الإدارة بترميم عدد من المعامل، وتطوير البعض الآخر، بالإضافة إلى افتتاح مشاريع، وخطوط إنتاج جديدة كانت غير متوفرة في المنطقة سابقاً.
أيضاً تم تفعيل نظام المحاسبة الإلكتروني لجميع المعامل، من أجل سهولة الحصول على البيانات والتقارير، التي تساعد في تطوير العمل.
11 معملاً بصناعات مختلفة
يوجد في مناطق شمال وشرق سوريا ١١ معملاً تابعاً لإدارة المعامل الإنتاجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، منها معمل زوزان للألبان والأجبان في ديرك، معمل علف الجزيرة واحد، معمل علف الجزيرة اثنان في قامشلو، معمل العلف في الرقة، معمل الزيوت النباتية في قامشلو، معمل الغزل في الحسكة، معمل النسيج المؤلف من عدة أقسام “السكولير، والنسج، والطباعة والصباغة، وتتبعه عدة مشاغل للخياطة”، معمل صناعة الكرتون في الحسكة، معمل صناعة الخراطيم الزراعية في الحسكة، ومعمل الملح في الحسكة بالإضافة إلى محلج القطن في الحسكة.
أكثر من 2000 عامل
يعمل 2335 عاملاً في المعامل التابعة لإدارة المعامل الإنتاجية في مناطق شمال وشرق سوريا، حيث يعمل كل عامل حسب اختصاصاته، وتركز الإدارة الذاتية، وإدارة المعامل على إنتاج المنتجات الأساسية والاستراتيجية، التي تستورد من الخارج بأسعار باهظة مثل المنتجات الغذائية والملبوسات.
وقامت إدارة المعامل الإنتاجية إلى تفعيل إدارة جودة المنتج من أجل الحصول على نخب ذات جودة عالية وبمقاييس عالمية، ومنافسة للمنتجات الخارجية، وذلك من أجل تصديرها إلى دول العالم، حيث ستؤثر جودة المنتج على ارتفاع سعر السلع، ولكن سيتم مراعاة القدرة الشرائية لأهالي شمال وشرق سوريا.
الصعوبات والتحديات
أما الصعوبات والعراقيل الأساسية، التي تواجه إدارة معامل الإنتاج التابعة للإدارة الذاتية، هي الحصار المفروض على المنطقة من الاتجاهات، والهجمات الأخيرة التي شنها الاحتلال التركي ضد مناطق شمال وشرق سوريا، وتم استهداف المنشآت الحيوية الاقتصادية، حيث أعاقت العملية الإنتاجية لإدارة المعامل الإنتاجية في القطاع الحكومي والخاص، بالإضافة إلى عدم وجود بيئة استثمارية مستقرة.
ومن بعض الصعوبات الأخرى هي التلاعب بالمواد الأولية، التي يتم استيرادها من الخارج، وصعوبة تأمين بعض قطع التبديل للمكنات والآلات الصناعية، وتلاقي صعوبة في تأمين المواد الأساسية أو الخام، التي لا تتوفر في المنطقة، بالإضافة إلى السياسة العدائية الممنهجة، التي تتبعها دول الجوار من أجل ضرب وإفشال العملية الإنتاجية، وضعف الإنتاج المحلي لمناطق شمال وشرق سوريا، من أجل أن تكون المنطقة سوق لتصريف منتجات هذه الدول.
المشاريع والخطط المستقبليةش
وفيما يخص المشاريع والخطط المستقبلية لتطوير عمل إدارة المعامل الإنتاجية في عام 2023، تسعى الإدارة إلى تطوير العمل من حيث الإنتاجية والجودة والإدارة، بالإضافة إلى متابعة الأعمال في المعامل بشكل عام، وذلك لزيادة الإنتاج المحلي بأقل التكاليف، وتأمين المواد اللازمة التي يتم إنتاجها لأهالي شمال وشرق سوريا وبأسعار منافسة. أيضاً من ضمن مشاريعهم أنه سيتم العمل من أجل تفعيل قسم أساسي في إدارة المعامل الإنتاجية، وهي قسم تفعيل محاسبة المواد وإدارة المستودعات المركزية. بالإضافة إلى المعامل التابعة للإدارة الذاتية، ساعدت الإدارة على دعم وتشجيع افتتاح معامل أخرى ضمن القطاع الخاص، تعنى بالصناعات الغذائية والدوائية والألبسة في شمال وشرق سوريا.
