أمل محمد_
زينب جلاليان ربما قد يكون اسماً عابراً غير ذي أهمية للبعض، ولكنه اسم لمناضلة عاشقة للحرية للكثيرين ممن يعرفون قصة هذه البطلة، التي تقبع وراء القضبان منذ أكثر من أربعة عشر عاماً والتهمة: “العمل ضد الأمن القومي”، تهمة لا يتقبلها العقل البشري، كيف لناشطة سياسية عزلاء أن تُهدد نظاماً سياسياً لدولة كبيرة مثل إيران؟ ولكن هذا ما اعتدناه في مختلف الأنظمة الاستبدادية، التجريم والتهم واعتقالات تعسفية في وجه كل شخص تواق للحرية ومطالب بحقه.
لم تحمل السلاح يوماً سوى سلاح الفكر والثقافة، وهذا السلاح وحده كفيل في زعزعة استقرار نظام الإيراني الذي يخشى أن يعم الفكر والوعي بين شعبه ويُبصر جرائمه وانتهاكاته بحقهم، يرغب بأن يتبع هذا الشعب القطيع وهو يضع يده على عينيه ولا يُبصر شيئاً آخر، ظهرت زينب خلف السحاب المعتم مطالبة بالحرية والمساواة، هذا ما لم يرق لدولة عهدت الإجرام فأصدرت حكماً بالسجن المؤبد ضد ناشطة سياسية لم ترتكب أي جرم أو جنحة.
ضغوط نفسية تُمارس ضد زينب منذ اليوم الأول من اعتقالها، حُرمت من أبسط حقوقها كسجينة، الزيارات العائلية ممنوعة وحتى التواصل عبر الهاتف، ومعاملة وحشية وتهديدات وإهانة وحالة صحية سيئة يُرثى لها، من يستحق أن تفني عمرك لأجله؟ من أجل من تفعلين هذا؟ الكل تخلى عنك وأنت وحدك تدفعين الثمن؟ كل هذه العبارات تُقال يومياً لزينب جلاليان لتُعلن ندمها عمّا طالبت به ويتم تحريرها فوراً، ولكنها تأبى لأنها عهدت على السير في طريقها التي بدأت به منذ البداية ولا مجال للاستسلام.
ترفض المساومة لأنها تعلم بشكلٍ جيد أنها تلك المنارة التي تقتدي بها الكثير من المناضلات، وهي ذاك الرمز الخالد في نفوس المئات، قد يكون طريقها الذي سلكته معتماً بعض الشيء وعواقبه كثيرة ولكن المبدأ الذي تكفلت في الدفاع عنه والعمل به يستحق التضحية.
الشعب الذي ضحت من أجله زينب جلاليان بجسدها وحريتها لم ينسها يوماً، حملة مطالبة بحريتها بدأت على وسائل التواصل الاجتماعي شارك فيه الملايين ليس فقط الكرد بل حتى كل من سمع بقصتها البطولية ومستيقن من براءتها، الأصوات تتعالى والمطالب في تزايد والعيون تترقب لحظة الإفراج عن إنسانة مناضلة سارت على درب الكفاح بقلبٍ من حديد وعزيمة من فولاذ بجسد أنثى رقيق وعقل رجلٍ صارم.
