ريحانة القلب

جاسم الحاجي (شاعر بحريني)-

---

– نص –

جُرحه لمّا يندمل

ظمآنٌ ذابَ فؤاده

غريبٌ داهمتهُ خطوبٌ شَتّى

حتى دَنَت من تجاعيد وقته

نزوة الظهور

ماثلاً أمامي

مُنحَني الظهر

والجامِع

يلفُّ غُصنَ رقبته النحيلة

مدَّ يديه المغلولتين

أصفاده صدأة

تحزُّ في رسغيه:

” أَبتاه

طالت المحطّات بي

أَضَاعَني وطني

وروحي المتمردة هَجَرتني

نفسي التي أبحثُ عن صِدفَتِها

وأسرارها الغائِرَة

تبعثرَت

ونَأَت عن صيرورة الصِّراط والعَبَث

عن فردوسها ونارها

خارَت أهازيج قلبي

ضِعتُ

تمرّغتُ في وَحل التّراب

حتى عُدتُ لا أدري من أكون

صِرتُ لا أعرف من هُم

من أنا

قد لَفَظتني العشيرةُ

مُذ أن كنتُ صغيراً

ألعبُ معهم تحت عَلَمٍ واحد

يُخادِعون

يفوزون

وأخسر

جريرتي

خطيئتي

أنّكم ولَدتموني

وَسَط راياتٍ سُود…. “

***

-طيفٌ-

خيالٌ أعرِفُه

يَعرفني

نجمي الثاقب

بهيئته الصُّغرى

بدرٌ منيرٌ ساطع

عيناه تتوهجان سروراً

عديلُ الرّوح مَرِحٌ

كعصفورٍ يستحمُّ بحباتِ المطر

بريقٌ باهرٌ يلوحُ أمامي

محصولٌ وافرٌ أبتاه:

“أنا قمةُ الأشياء التي تم إنجازها،

وأنا غلاف الأشياء التي يجب أن تكون ” *1

***

“عالجتُ إيّاي في غُربتي

فأمسيتُ حانقَ دارِكم

صرتُ لا أعبأ أين أًعلّق مِعطفي

فالغربة كلُّها وطني..

لن أعود

أريد فضاءً آخر

بلادٌ لا تعرف الظلام

لا الخَذَل

لا يطعنُك الغدَرُ فيها

هذا أنا أبَتاه

أبيتُ في أَلقَ الحُلم

وزهو الانتصار..

فَرَدتُ جناحيَّ

وتهيّأت

أطيرُ

أُحلّق بعيداً بعيداً..”

****

بكيتُ فرحاً

حتى احترتُ بين مُرٍّ

وعَلقمٍ

لوعةٌ جاريتُها

احتضتُها

وآوتني

هذا أنا يا صغيري

شأنُكَ شأني

خَطوكَ خَطوي

فاستمع لا أنساكَ الله

ولا دارَت بك الدوائرُ:

” أنت يا ريحانةَ القلبِ حقيقٌ بالبلاء

إنَّما الدُنيا اُعدت لبلاء النبلاء

لكن الماضي

“قليلٌ” في الذي قد أقبلَ

فاتخذ ذرعين

من صبرٍ وحسمٍ سابغين” *2

*1 الشاعر: والت ويتمان

* 2 الشاعر: حسن الدمستاني