بيريفان خليل_
أطفال الخدج هل هم أرواح، أم أرقام في عداد الضحايا؟ سؤال يفرض نفسه على الواقع، الذي يعيشه أطفال سوريا نتيجة الحرب الدائرة منذ أحد عشر عاماً، دون أن يكون هناك ملامح تغيير لواقع فرضته السياسة الحاكمة، وأطالته الدول الإقليمية والعالمية المتدخلة في الشأن السوري.
براءة في ظل الدموية
الحرب السورية مثل غيرها من الحروب، التي حصلت في العالم أجمع، حصدت أرواحاً كثيرة، وكان الأطفال والنساء هم أكثر الضحايا، الذين تلون واقعهم المعاش بألوان من اليأس، والحزن لتسرد قصصهم على الجدران، وعلى خراب أحدثه تعدد الداخلين في الشأن السوري.
الاختطاف، الاغتصاب، القتل، الاستشهاد، التيتم، الضياع، الفقدان لكل واحدة من هذه المصطلحات حصة في اللوحة، التي رُسمت من أجل الطفولة السورية، فمن لم يُختطف، اُغتصب، ومن لم يُغتصب قُتل، ومن لم يُقتل اُستشهد، ومن لم يُستشهد تيتم، ومن لم يتيتم ضاع، ومن لم يضع فُقد، وبهذه الطريقة ماتت البراءة في دموية الحرب السورية.
ماذا عن أطفال الخدج!
الأساليب الوحشية كلها، اُتبعت بحق الأطفال، ولا سيما في مناطق سيطرة حكومة دمشق “اختلط الحابل بالنابل” فالحكومة والمعارضة كل منها يفعل ما يشاء، وتغمض عينها عن كل ما يسببه الآخر، فالأول يلقي المسؤولية على الثاني، والثاني يفعل الشي ذاته، وهكذا حتى تضيع الملفات، أو بالأخرى يغلقونها، ويدفنونها إلى أجل لا مدة له.
في الآونة الأخيرة ولربما في السنوات الأخيرة في ظل الحرب، والمعارك الدائرة شاعت ظاهرة بحق أطفال حديثي الولادة، أو كمان يسمونهم بـ أطفال الخدج، حيث يرمى الطفل الحديث الولادة على قارعة الطريق، أو أمام المساجد، أو في الحدائق أو بجانب حاويات القمامة وغيرها من الأماكن العامة، التي تعج بالمارة، وعلى منظر رمي تلك الخدج عبارات تثير الشفقة، وتطرح تساؤلات كثيرة حول كيف استطاع ذوو الطفل أو الطفلة رمي فلذة كبدهم، وما الأسباب وراء هذه الأفعال؟
عام لا بشرى فيه للأطفال
بدخولنا العام الجديد، ظهرت ملامح المأساة لظاهرة رمي أطفال حديثي الولادة، ففي الشهر الأول من عام 2022 شهدت مناطق حكومة دمشق حالات كثيرة لهذه الظاهرة:
بتاريخ 13 كانون الثاني في مدينة حماة، عثر على طفل رضيع لا يتجاوز عمره الشهرين، عند مدخل أحد الأبنية بضاحية أبي الفداء، وإلى جانبه ورقة مكتوب عليها (ابن حلال).
وبعد تجاوز النصف من الشهر، من كانون الثاني، وبالتحديد بـالسابع عشر من الشهر، عثر على طفل مُرمى في مدخل أحد الأبنية، في حي الخضر بمدينة حمص، وحسب تقديرات الأطباء آنذاك، فقد كان عمره أربعين يوماً.
طفلة أخرى عُثر عليها مرمية عند باب أحد المستشفيات الخاصة في مدينة اللاذقية، وأُطلق عليها اسم “روح” من قبل الطبيب الذي عالجها، وقال وقتذاك الطبيب عبد القادر حربا “سميناها روح، روح بتحس، وبتشوف، وبتسمع، وبتضحك لأنو هي قطعة من أهل فقدوا الإنسانية، بحق طفلة عمرها شهور مرمية على باب المشفى، ضحكتها البريئة بتخليك تغص وتبكي بقلبك”، كان قد سبقت هذه الحادثة طفلة أخرى مرمية قرب حاوية القمامة وقد، نهشت الجرذان وجهها.
وفي شهر شباط، تم العثور على طفلة رضيعة تبلغ من العمر يوماً واحداً، داخل كيس في أحد شوارع شرقي حماة، كما وعثر في الشهر نفسه على طفلة رضيعة موضوعة داخل كرتونة.
وفي دمشق حصراً عاصمة حكومة دمشق في شهر آذار عثرت فرق الشرطة على طفلة حديثة الولادة، كانت قد تُركت داخل حرم الجامع الأموي، وكانت قد كشفت الوزارة الداخلية آنذاك بأن امرأة دخلت إلى حرم الجامع، وبحجة أنها تتوضأ، وتصلي وضعت الطفلة لدى إحدى النساء الموجودات، ضمن الحرم، ومن ثم غادرت المكان من دون عودة.
هنا التساؤلات تزداد: ما ذنب أولئك الأطفال، ليكون مصيرهم مجهولاً منذ ولادتهم، ما ذنب تلك الطفلة التي نهشت وجهها الجرذان أن تعيش حياتها بوجه مشوه؟