حراك ثقافي لافت في منبج بين التطور وبين الحفاظ على التنوع

منبج/ آزاد كردي ـ

من أنقاض الحرب على الإرهاب، تابع أهالي منبج حراكهم الثقافي، وأعادوا إليه رونقه وحيويته بأنشطة فنية وثقافية وأدبية، أظهرت جمالاً فريداً، يعكس مدى الإصرار في تطوير هذا الحراك، الذي أثبت أهمية التنوع الثقافي والتعاون بين الشعوب لخدمة المصلحة العامة عبر الحوار البنّاء والأنشطة المشتركة.

وأهالي منبج -المعروف عنهم حبهم للأدب وعشقهم للفن- دأبوا على ممارسة أنشطة ثقافية متعددة منذ تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، تعبيراً عن عزيمة متواصلة في الانتقال إلى حراك ثقافي أكثر تطوراً يتسع للجميع دون استثناء لأحد.

الحراك الثقافي النشط في الفترة الأخيرة يبرز في الأغاني الرائعة والقصائد الشعرية، مع تنظيم المعارض ونشر الكتب لتعريف العالم بثقافتهم، في بلد لم يشهد قبل تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا هذا الحضور الثقافي اللافت كما هو الحال الآن.

في هذا الصدد، التقت صحيفتنا “روناهي” عدداً من الرؤساء المشتركين لمؤسسات ثقافية في مقاطعة منبج لاستطلاع آرائهم حول تطور الحراك الثقافي الذي شهدته مقاطعة منبج منذ تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، وكيف تجلى هذا التطور بمظاهره وانعكاسه على النشاط الثقافي المتنوع فنياً وأدبياً؟

الإدارة الذاتية مهدت للحراك الثقافي الخصب

حول ذلك، أشار الرئيس المشترك لمركز الثقافة والفن في مقاطعة منبج، عمر محمود إلى أن: “هناك تفاعلاً متزايد بين الشعوب المختلفة في مقاطعة منبج، قد أثمر عن الحراك الثقافي في السنوات الأخيرة بين الشعوب، وهذا ما حدث بين العرب، الكرد، الشركس، والتركمان”.

محمود أشار إلى الدور البارز للإدارة في دفع هذا الحراك للأمام: “هذه الثقافات في الماضي كانت معزولة إلى حد ما، مع قليل من التفاعل بينها، حيث شدد أن هذا التطور لمع بريقه في ظل الإدارة الذاتية ليس فقط في اللغة، ولكن أيضاً في الفنون والعادات والتقاليد”.

 يضيف عمر محمود: “حيث بدأ الوضع يتطور ويتغير مع الاهتمام بهذه الثقافات واللغات والترويج لها ودعمها، وهذا يعكس التقدم الذي تحققه منبج في تطوير ثقافتها المحلية التشاركية”.

وتابع محمود: “الحراك الثقافي في مقاطعة منبج ازداد تطوراً من خلال المحاضرات، والندوات التي تتطلب جهوداً مستمرة وتعاونا بين الشعوب. فقط من خلال هذا التعاون والتفاعل، يمكن لمنبج أن تستمر في تطوير ثقافتها وتعزيز تنوعها”.

الحراك الثقافي يخدم المصلحة العامة

بدوره، لفت عضو الجمعية الشركسية في مقاطعة منبج، سامر حباق إلى أهمية دعم سبل الثقافة المجتمعية وأهميتها: “الحراك الثقافي هو ما يميز كل مجتمع عن الآخر بثقافته، حيث لعب الشركس في منبج دوراً كبيراً في ترسيخ الثقافة المجتمعية. وحافظوا على عاداتهم وتقاليدهم، ولكنهم أظهروا أيضاً التزاماً قوياً بالانتماء للمجتمع الأوسع والعيش بسلام مع الشعوب الأخرى”.

وشدد على أن: “الثقافة المجتمعية ليست مجرد مسألة تحقيق الوحدة بين أخوة الشعوب، بل هي أيضاً العمل معاً لخدمة المصلحة العامة، حيث يعمل الشركس في منبج مع أي حراك ثقافي لنشر العادات والتقاليد والإسهام في بناء مجتمع متماسك ومتناغم”.

واختتم عمر محمود حديثه: “الثقافة المجتمعية تعبر عن الانتماء للأرض التي يعيشون عليها، وهي جزء أساسي من هذا الالتزام. الشركس في منبج ليسوا فقط مواطنين، بل يعتبرون الأرض مكاناً للحياة والعمل والاحتفال بالثقافة حيث كان للفرقة الشركسية العديد من المشاركات في المهرجانات والاحتفالات”.

الحراك الثقافي يعزز التماسك المجتمعي

في هذا السياق، قال الرئيس المشترك لاتحاد المثقفين في مقاطعة منبج، أحمد اليوسف: “الحراك الثقافي في منبج أدى إلى بناء جسور من التواصل والتعاون بين مختلف أفراد المجتمع، بغض النظر عن اختلاف الأعراق والثقافات والمعتقدات، بهدف الوصول إلى مجتمع مترابط يعمل معاً لتحقيق التقدم والازدهار، ويسود فيه الاحترام المتبادل والتسامح“.

اليوسف تابع: “الحراك الثقافي أضفى نسيجاً اجتماعياً متميزاً متعايشاً منذ زمن طويل، لدينا شعوب مختلفة وثقافات متعددة، متعايشة عبر مراحل تاريخية في منبج، لا سيما في عهد الإدارة الذاتية حيث عزز الحراك الثقافي هذا التماسك بحصول الشعوب على حقوقها في المشاركة السياسية والاجتماعية والثقافية”.

واختتم الرئيس المشترك لاتحاد المثقفين في مقاطعة منبج، أحمد اليوسف حديثه: “التماسك المجتمعي في منبج جيد جداً حالياً، ويمكن تعزيزه من خلال تشجيع الحوار البناء والاستماع المستمر لآراء واقتراحات أفراد المجتمع، وتنظيم فعاليات وأنشطة مشتركة تجمع بين أفراد المجتمع لزيادة التواصل وتعزيز التفاهم بينهم مثل المحاضرات والندوات، والأمسيات الشعرية وتبني المواهب الأدبية”.