يوسف حمدو يبدع في صناعة الحقائب

الحسكة/ آية محمد –

مشروع إنتاجي صغير بحجمه، لكنه كبير بفكر وإرادة صاحبه، الذي حوّل موهبته بالتصميم إلى منتج على شكل حقائب متنوعة، باستخدام أدوات بسيطة.

بأفكاره البسيطة، وحبه وشغفه بالعمل نجح ابن مدينة الحسكة بتأسيس مشروع صغير لصناعة الحقائب، بما يحقق له مصدر دخل يساعده على تلبية متطلباته الحياتية، وسط الظروف الاقتصادية الراهنة.

في منزل صغير بحي العزيزية انطلق بمشروعه عام 2009 ليصنع أول حقيبة معاد تدويرها، لكنها نالت إعجاب من حوله، والذين طلبوا منه أن يصنع لهم قطع مماثلة.

حقائب معاد تدويرها

بيّن يوسف حمدو، أن فكرة مشروعه جاءت عقب تجربته بإنتاج حقيبة على ماكينة يدوية عادية في المنزل بعد أن وجد سعر مبيع مثيلاتها بالسوق مرتفعاً جداً، فكانت النتيجة على درجة من الجودة والجمالية، الأمر الذي شجعه للانطلاق على هذا الطريق وسط تشجيع من عائلته، حيث بدأ يصنع حقائب متنوعة ويوردها إلى السوق المحلية؛ فكثر الطلب عليها.

فيما استمر بمشروعه الصغير في المنزل مدة أربع سنوات، معتمداً على الحقائب القديمة، حيث كان يشتري الحقائب المستعملة من محلات (البالة) ويعمل على إعادة تدويرها، وتصميم حقائب جديدة منها، مبيناً أنه ببداية الأزمة في سوريا كانت هناك صعوبة بتأمين المواد الخام، فضلاً عن وضعه المادي، الذي لم يمكنه من البدء بمواد خام جديدة.

أما الأدوات المستخدمة في تصنيع الحقائب، ومحافظ الجلد، فأغلبها من الجلد، ومقص، وقلم تحديد، وورق جرائد، وأداة لخرم الجلد، ومسطرة، ودبابيس أمان.

وأضاف حمدو، أنه يتم رسم الشكل على الورق، ثم يفرغ الشكل الناتج باستخدام المقص، ثم قص قطعة القماش بدقة، حتى ينفذ الشكل المرسوم عليها ثم إضافة الأشرطة الملونة حسب الرغبة.

يمضي حمدو ساعات طويلة في إنجاز قطعه لافتاً إلى أن عمله صعب ويتطلب الدقة، والصبر، والخبرة ورغم أن إنتاج القطعة الواحدة يستغرق وقتاً، إلا أنه يبيع منتجاته بأسعار مقبولة؛ ما ساعده في تسويق بضاعته.

ينغمس حمدو في العمل عندما يشرع في تصميم الحقائب، ويتضايق لو أن أحداً شتت انتباهه وتركيزه. وما يحفزه كثيراً على العمل هو التقدير الذي تلقاه من المحيطين به، ويصف عمله في هذه الحرفة بأنه منظم بدقة عالية.

وبعد مضي أربع سنوات على عمله في المنزل شارك يوسف حمدو أحد الخياطين بورشة صغيرة، مدة سنة ونصف من أجل إتقان المهنة أكثر، مشيراً إلى أنه لم يكن يحصل على مردود جيد وإنما اكتفاء ذاتي فقط.

نقل الخبرة والتجربة للغير

إحساس حمدو بالمسؤولية الاجتماعية دفعه لنقل خبراته في تصنيع الحقائب إلى عدد من الشباب والشابات الباحثين عن فرصة عمل لتطوير أنفسهم، حيث قام بتدريب العشرات على هذه المهنة عن طريق إحدى الجمعيات الخيرية.

كما أن حبه للمهنة جعله يستمر بها، ليبدأ بعد كل هذه التجارب والإصرار والإرادة بفتح ورشة صغيرة خاصة به، فيها ثلاث ماكينات، ومقص كهرباء، ويحصل على مواده الأولية من مناطق عدة مثل دمشق، وحلب، والرقة، وبعض المواد الخام المتوفرة في الحسكة، وقامشلو.

وعن أنواع الحقائب التي يصممها ويصنعها حمدو قال: إنه يصنع “الحقائب الرجالية والنسائية، والحقائب السفرية، وحقائب الآلات الموسيقية، والحقائب المدرسية والرياضة، وحقائب الحاسوب، وحقائب أطفال”، مشيراً إلى أنه يجهز الآن حقائب العيد للأطفال.

وأكد حمدو أنه يصنع اليوم حقائب تماثل في نوعيتها وجودتها تلك الموجودة في الأسواق، ويبيعها بأسعار معقولة. فيما استعرض حمدو صعوبات العمل مثل تأمين المواد الأولية، وعدم توافر المال الكافي لشرائها، وحاجته لشراء ماكينات حديثة خاصة بتصنيع الحقائب.

واختتم يوسف حمدو كلامه: إن “العمل في مجال ما ليس بالأمر الصعب، شريطة اتباع بعض النصائح البسيطة، وهي أن تفعل ما تحب، وسوف تسعد كثيراً عندما تعمل في مشروعك الخاص. فقط استثمر مهاراتك، وأنفق المال في شراء الخامات والأدوات الصحيحة، وتحلَّ دائماَ بالإصرار، لأن مثل هذه المجالات تتطلب وقتاً لكي تنتعش. في النهاية أتقن أي عمل يقع تحت يدك، وسوف يمنحك ذلك إحساساً بالسكينة وراحة البال”.