تحذيرات أممية الشعب بين سندان الحرب ومطرقة المجاعة

مثنى عبدالكريم-

أثار انتباهي اليوم تصريح مقلق يحمل عنوان عريض تصدر الأخبار، عنوان صادر عن تصريح مسؤول، وهذا التصريح لم يكن تصريحاً عبثياً، بل عبر دراسات وتحليلات عميقة للواقع السوري، بين حجم الاستهلاك مقارنة بالإنتاج ودخل الفرد وقراءة لواقع الأزمة السورية المعقدة وإدارة الحرب فيها، وخاصة صراع أطراف المصالح الذين يتقاربون مرة ويتباعدون مرات، وكانوا سبباً في زيادة المعاناة التي يقع بها الشعب اليوم.

 التصريح المقلق هو أن ٦٠% من الشعب السوري سيكون تحت خطر المجاعة خلال هذا العام، لم يكن تصريحكم يا سيادة الأمين العام للأمم المتحدة مفاجئاً، بل كان متوقعاً لمن يملك أدنى رؤية سياسية تحليلية للقضية السورية، وجاء أيضاً بعد ان فرضت عقوبات على أركان النظام الذي كان ولا يزال سبباً رئيسياً في المجاعة وعبر قيصر الذي لم يزد على الشعب السوري شيئاً سوى معاناة بمعاناة.

 وما يزيد الطين بلة قطع الدولة التركية لمياه الفرات واستغلالها الوضع المعيشي للشعب وضرب القطاع الزراعي، مما يساعد على انتشار المجاعة، وهذا دليل قاطع بمدى جور الفاشية التركية وانكشاريتها ولا أخلاقيتها. وهنا نتوجه بسؤال للناتو: هل ما يزال لديكم شك بمدى فظاعة الغول العثماني وافعاله ودناءة أخلاقه؟

هل ستستمرون بشراكتكم مع بني عثمان الذين تلطخت أيديهم بدماء الشعب، واليوم لم يسلم منهم حتى الشجر والحجر وانعكست مدى وحشيتهم على حيوانات الطبيعة!

اليوم تتقارب الأسباب لتؤكد حدوث الكارثة وغياب الأمطار أمر آخر يضاف للأسباب التي ستزيد من المعاناة أكثر، فما هي المجاعة وما هو خطرها وانعكاساتها السلبية وأخطارها على الشعب والمجتمع؟

المجاعة تعني الخروج الفرد عن المألوف نتيجة الجوع الذي سيتخطى كل حدود الأخلاق والحلال والحرام أمام صوت بكاء ابنه أو أمه أو أبيه أو أخوته أو حتى صوت معدته، المجاعة تعني أنه لن يكون هناك أمان أبداً بل خراب ودمار وخروج على كل القوانين والقواعد والضوابط المجتمعية، هذا التحذير لا يشمل فقط مناطق الداخل السوري أو المعارضة او الاحتلال التركي، بل سيكون لنا منه نصيب كما نعاني اليوم، رغم التطمينات السابقة من تبعيات قانون قيصر فهل قرأنا الواقع السابق وحللناه جيداً؟

إذا كان الجواب نعم فهذا يعني أننا مستعدون لمثل هذا الأمر وإن كان لا فهذا يعني أن ثورة الجياع قادمة، وهي كالسيل العرم لن يوقفه شيء، بل سيجرف أمامه كل شيء، ولن يترك أخضر ولا يابساً بل سيكون جراداً بشرياً منتشراً، وسينعكس هذا الأمر على دول الجوار بما فيها دولة الظلم والجهل، أي تركيا.

يجب على الجميع الاستعداد لهذا الأمر، فالموضوع يحتاج إلى حكمة وحسن تصرف وسرعة في التنفيذ وألا يقول أحد لا شأن لي، هذا شأن فلان، الخطر اليوم محدق بنا جميعاً، ونحن مدينون للشعب، فلنقف مع هذا الشعب ولتستعد الإدارة لتضع خططاً جاهزة مدروسة، فحين يثور الجائع لن يكون هناك أمن أو أمان، بل سينزف وطن جريح الكثير من أبنائه وثرواته..