بين الأدب والسياسة

حمزة حسين (كاتب)-

المرض الذي أصابنا في الوقت الراهن، شعوباً وأفراداً، وبشكل خاص الطبقة المثقفة وحتى الفئة السياسية نفسها، هو مصطلحات مثل “النظام العالمي الجديد” و”مشروع الشرق الأوسط الكبير” و”القطب الواحد” والعولمة وغيرها، فقد استبشرنا حينها خيراً وباتت الأحلام السرمدية تطوف في مخيلة معظمنا وتلافيف عقولنا فرسمنا أجمل الصور للقادم من الأيام.

أدركنا من خلال واقعنا، أن العالم يحكمه قطب واحد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط جدار برلين وانهيار الأنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية، والتدخل الأمريكي في العراق تحت يافطة الديمقراطية وحقوق الانسان، لتبدأ بعدها رحلة الشعوب في الكثير من الدول العربية في البحث عن سبل الخلاص، وكانت شعاراتها تتجسد في الحرية والكرامة والدعوة إلى إنهاء الأنظمة السابقة تحت يافطة ربيع الشعوب. ولكن ما الذي حدث؟ لقد تحول الربيع إلى أجواء من القتل والدمار والمجازر، وتجذرت الحركات الإرهابية هنا وهناك، وبات القتل على الهوية من سمات الواقع وأصبحت الفوضى ظاهرة عامة في الوضع الحالي، وفي كل جوانب الحياة، وهذا ما نراه الآن في واقعنا الملموس في سوريا.

 دُمرت البنية التحتية وساد الفساد في كل مفاصل الحياة، والأسوأ من كل هذا وذاك انهيار القيم الأخلاقية في المجتمع، مما أدى الى تفتت وتفكك الروابط العائلية، ولم يعد حب الوطن من الإيمان في الوقت الذي نجد فيه الآلاف مما تُسمى بـ “المعارضة” قد تحولت إلى مرتزقة من أجل المال تحت إمرة الدولة التركية، لتغزو الأراضي السورية وتقوم باحتلالها ونهب خيراتها وسرقة آثارها، أضف الى ذلك إرسالهم المرتزقة إلى ليبيا والصومال وأرمينيا. في الحقيقة, نظام الحكم القائم الان في تركيا حولها إلى محور للإرهاب العالمي أمام مرأى ومسمع كافة الأطراف المشاركة في الأزمة السورية، وهذا ما شهدناه من الموقف المخجل لكل من روسيا والولايات المتحدة؛ ففي حين تبنت روسيا سياسة الصفقات, رأينا المواقف والتصريحات المتناقضة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي النتيجة كان الاحتلال التركي لكلٍّ من سري كانيه وكري سبي، كما أننا نرى اليوم هجمات مماثلة تستهدف عين عيسى والقرى المحيطة بها في محاولة لاحتلالها.

إن التهديدات المستمرة التي يُطلقها رأس النظام التركي أردوغان ضد شعوب المنطقة, تدفعنا لتوجيه بعض الأسئلة للولايات المتحدة الأمريكية: لماذا هذه الاستراتيجية الغامضة تجاه سوريا خصوصاً؟ وهل كل ما يجري هو ضمن إطار التكتيك الذي مهد لتركيا قتل المزيد من السوريين؟ وإذا كان للقطب الواحد مشروع، “النظام العالمي الجديد” المبني على الفوضى الخلاقة ودعم الدولة التركية في محاربة الشعوب السورية، حينها سيكون لنا رد وهو المقاومة حتى تحقيق النصر، رغم الألم والمعاناة واتساع رقعة الحرب إلا إننا مستمرين في خيارنا المبني على الارادة الحرة و المقاومة ودحر الاحتلال.

ختاماً ونحن ندخل عاما جديدا بعد انتهاء عام الكورونا والازمات والحصار الخانق المفروض علينا, نأمل أن يكون العام الجديد عاما مليئا بالانتصارات وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحرير المناطق المحتلة من وطننا وأن يعم السلام سائر أرجاء الوطن و العالم اجمع ليعيش الانسان بأمان وخير وسلام.