بيجان إبراهيم: “لا حل في سوريا بدون مشاركة جميع شعوبها في صياغة الدستور”

 حاوره/ رفيق ابراهيم –

أجرت صحيفتنا حواراً مع الرئيس المكلف لحزب الاتحاد الوطني الحر بيجان إبراهيم تمحور حول ما يجري من انتهاكات بحق أهالي عفرين من قبل الجيش التركي ومرتزقته، واتفاق إدلب والتهديدات التركية لمنبج وشمال شرقي سوريا، والدستور السوري الذي يجري الحديث عنه، حيث قال: “إن الدولة التركية ومنذ سنين طويلة تستخدم سياسة الترهيب والإقصاء والتهميش بحق شعوب المنطقة، وتتذرع دائماً بوجود وحدات حماية الشعب في منبج كي تُقدِم على احتلال المدينة”. وأشار بأن هناك خلافات حول اللجان التي ستناقش الدستور السوري.

وأكد بأن الدولة التركية توصلت إلى قناعة تامة بأن جميع المناطق السورية المحتلة بما فيها عفرين سيتم تحريرها وستخرج منها آجلاً أم عاجلاً، وأنه من غير المستبعد أن يكون الروس هم الذين دفعوا بالنظام السوري للإدلاء بمثل تلك التصريحات التي لا تخدم الحلول في سوريا.

 وإليكم نص الحوار بالكامل:

ـ تستخدم الدولة التركية ومنذ احتلالها لعفرين المرتزقة لترهيب الأهالي وبشتى الوسائل الممكنة، أين المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية عما يجري في عفرين؟

الدولة التركية ومنذ سنين طويلة تستخدم سياسة الترهيب والإقصاء والتهميش لشعوب المنطقة، وهذه ليست المرة الأولى، ونحن نعلم أن عداء الدولة التركية للكرد عداء تاريخي وهي تحاربهم أينما كانوا. وخلال الثورة السورية التي عسكرت وأفرغت من محتواها أيضاً بفعل الأتراك وبعض الدول الأخرى، كانت ثورة روج آفا وشمال سوريا هي التي نجحت وحققت الكثير بفعل انتهاجها خط السلام وعدم الانجرار وراء الإغراءات التي قُدِمت لتتبع هذا أو ذاك، ومع كل أسف سعت الدولة التركية منذ نجاح هذه الثورة لإفشال مشاريعها الديمقراطية وخطها السلمي، ووقفت صراحةً ضد شعوب الشمال السوري وخططت لاحتلال المنطقة برمتها، من خلال دعمها للإخوان المسلمين في البداية ومن ثم المجاميع المرتزقة التي دخلت سري كانيه، وبعدما فشلت مخططاتها دعمت داعش وقدمت لها تسهيلات كبيرة وأدخلتهم عبر حدودها جهاراً وفي وضح النهار، وهدفها النيل من المشروع الديمقراطي لشعوب المنطقة. وعندما فشل هذا المخطط أيضاً تدخلت بجيشها واحتلت عدداً من المدن السورية في البداية ومن ثم احتلت عفرين ليس لشيء إنما لأنها مدينة كردية وهي إحدى الأقاليم الثلاث لشمال سوريا، وتركيا هدفها كما قلت سابقاً عدم حصول الكرد على حقوقهم المغتصبة في روج آفا والأجزاء الكردستانية الأخرى، وهذه مسألة ليس هناك مجالاً للنقاش حولها وعلينا أن نفهم هذه الحقيقة، تركيا هدفها ضرب المشاريع الديمقراطية في المنطقة وبخاصة إن من يقودون هذا المشروع هم الكرد. مع كل أسف أقولها لقد انكشفت عورة المجتمع الدولي في عفرين ووقف الجميع موقف المتفرج مما جرى ويجري الآن بحق أهالي عفرين، وهم يشاهدون الانتهاكات التركية ومرتزقتها في كل دقيقة وساعة ولا يتفوهون ببنت شفة، وهذا الموقف الدولي المريب هو نتيجة التوافقات الدولية التي حدثت لتحقيق مصالحها وهي لا تهمها ما يجري في سوريا، ومتى ستنتهي الأزمة السورية هذا أيضاً مرتبط بمصالحهم وأجنداتهم، وازدواجية المعايير الدولية ظهرت عند التعامل في إدلب عندما قرر النظام الهجوم عليها، تدخلت جميع الدول بوقف هذا الهجوم والاتفاق حول المصالح مرةً أخرى. لماذا لم تتدخل في عفرين أم كان مدنيو عفرين من كوكب آخر!؟ هذا سؤال برسم الإجابة من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية وحقوق الانسان.

ـ الاتفاق الأمريكي ـ التركي حول تسيير الدوريات على خطوط التماس بين مجلس منبج العسكري ومرتزقة درع الفرات سارية المفعول، والآن تحاول الدولة التركية إثارة هذه الاتفاقية من جديد، ما الهدف من ذلك؟

يحاول الأتراك دائماً إثارة هذه القضية للحصول على المزيد من المكاسب، والاتفاقية التي نصت على وجود دوريات مشتركة على خطوط التماس بين مجلس منبج العسكري ومرتزقة درع الفرات، دخلت التنفيذ منذ توقيعها، وتركيا تتذرع بوجود وحدات حماية الشعب في منبج وهذا الادعاء كاذب، والأمريكان أوضحوا هذه النقطة ولا وجود لوحدات حماية الشعب في منبج، ومن يحمي ويحافظ على الأمن في المدينة هم مجلس منبج العسكري، وهم من أبناء المدينة وهذه الادعاءات التركية عارية عن الصحة، وما هي إلا لخلق البلبلة بين الأهالي هناك. بالطبع تركيا ستحاول إثارة هذا الموضوع ولكن الأمريكان واضحون في ذلك، والافراج عن القس الأمريكي جاء من أجل التأثير على الرأي العام الأمريكي، والتقرب من البيت الأبيض وإرضاء الرئيس ترامب، لتحقيق بعض التقدم في العلاقات التركية ـ الأمريكية. ولكن؛ الوقت الذي أطلق فيه القس برانسون لم يكن بالوقت المناسب قط وأغلب الظن أن تركيا لن تستفيد من إطلاق سراحه كما كانت تتوقع. بالتأكيد تركيا ستحاول احتلال مدينة منبج وضمها للمدن المحتلة الأخرى، وهي تتخذ من هذا الأمر هدفاً رئيسياً لها وتعمل عليه، ولكن التحالفات الدولية لا تسمح الآن بالتدخل التركي في المنطقة بشكلٍ أكبر مما عليه الآن، وبخاصة أن العالم يتجه اليوم لإيجاد حلول سياسية للأزمة السورية ومن شروط الحل السياسي خروج الدول التي تحتل الأراضي السورية منها.

ـ الدستور السوري يجب ان يُكتَب بأيدي السوريين دون إقصاء لأحد، وفي هذه الأيام هناك دستور يكتب من قبل أطراف دولية وإقليمية، ما هو مأخذكم على ما يقال من كتابة دستور سوري والسوريين مغيبون عنه، وهل سيخدم ما يطمح إليه السوريون؟

إنما يقال عن كتابة دستور أو صيغة لدستور جديد لسوريا والتي كتبت بأيدي غير سورية، وعن طريق تأثير بعض القوى الدولية والإقليمية فيه لا يمكن القبول به بأي شكل من الأشكال، بالطبع نتابع ما يجري من مناقشات حول هذا الدستور وما تتداوله وسائل الإعلام حوله وما يصدر عن المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي مستورا. بالطبع حتى الآن هناك خلافات حول اللجان التي ستناقش الدستور وبخاصة حول المستقلين الذين اختارهم المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا، وحتى لو اتفقوا على مناقشة هذا الدستور لن يكون له أية معنى، لأن المغيبون عن كتابة هذا الدستور أكثر من الحاضرين فيه، فكيف سيحافظ هذا الدستور على حقوق السوريين وهم ليس لهم أي رأي فيه. وكيف بدستور أن ينجح ومجلس سوريا الديمقراطية المظلة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على ما يقارب الثلاثون بالمئة من مساحة سوريا الإجمالية ، لم يتم دعوته لمثل هذا الاستحقاق الهام. باعتقادي أن هذا الدستور لا يعني للسورين شيئاً وبخاصة نحن في شمال وشرق سوريا. وهذا الدستور الذي سيتم النقاش حوله لن يستطيع تغيير أي شيء على الأرض. ولذلك؛ على القوى الدولية والأمم المتحدة أن تأخذ هذه الأمور بعين الاعتبار، وتكون جدية في دعوة جميع الأطراف السورية ونحن في الشمال السوري جزء هام وفاعل على الأرض، بالإضافة إلى أن قواتنا قوات سوريا الديمقراطية جزء من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، ولولا وجود هذه القوات على الأرض لما تم تحرير هذه المساحات الواسعة، ومن الواجب الأخلاقي والإنساني لهذه الدول مشاركة هذه القوات متمثلة بالقوى السياسية ومجلس سوريا الديمقراطية في جميع المؤتمرات ولجان الدستور التي تخص الأزمة السورية وحلها، لأنه لا حل بدون مشاركة جميع شعوب المنطقة وعلى رأسهم الكرد ونيل حقوقهم ضمن إطار الجغرافية السورية الموحدة.

ـ قبل أيام وبعد التهديد الروسي لشمال شرقي الفرات خرج وزير الخارجية السوري وليد المعلم ليهدد تلك المناطق أيضاً، هل هناك ربط بين التصريحين ولماذا؟

في الحقيقة إنما صرح به وليد المعلم محل سخرية عندما يقول بعد أن ننتهي من إدلب سنتوجه إلى شرقي الفرات، هل معنى قوله إنهم انتهوا من إدلب بتسليمها للأتراك ومجاميعها المرتزقة، وكان الأولّى به أن يذكر المدن المحتلة من قِبل الدولة التركية وفي مقدمتها عفرين أم أن هذه المدن باعها النظام السوري في سبيل الحفاظ على كرسي الرئاسة. في ظل وجود الاحتلال التركي للأراضي السورية جاء المعلم ليتحدث عن شرقي الفرات الذي تحرر بدماء الآلاف من شهدائنا، أين كان النظام وقواته عندما كان داعش يسيطر على تلك المناطق، وكان يجب على المعلم أن يتحدث عن إخراج الاحتلال التركي من المدن السورية أولاً، وهذا التصريح ليس ببعيد عن التصريحات الروسية في الآونة الأخيرة، ومن غير المستبعد أن يكون الروس هم الذين دفعوا النظام السوري بهذا الاتجاه، لأننا نعلم جميعاً أن الروس هم من يقررون عن النظام السوري، لأن الروس يحاولون إخراج جميع القوى من سوريا لتسلم الملف السوري كاملاً إليهم.

ـ لا يمر يوم إلا أن يكون هناك تهديد من الدولة التركية لمناطق شمال سوريا وعلى لسان رئيسها أردوغان وبخاصة في الأيام الماضية، ما دلالات هذه التصريحات في مثل هذه الأوقات؟

تحاول تركيا دائماً رمي الكرة في ملعب الآخرين وهي تعلم أن الكثير من المآسي التي تعرض لها الشعب السوري كان بسبب التدخل التركي فيها، والوضع في الداخل التركي وضع حساس جداً وهي على مفترق طرق، الأزمة الاقتصادية الخانقة، غياب الديمقراطية، زج المعارضين والسياسيين والإعلاميين والحقوقيين في السجون، الذهاب باتجاه الحاكم الأوحد والمقرر والقاضي بآن واحد واستمرار الديكتاتورية والظلم والاستبداد بحق الشعب الكردي خاصة. كل هذه المشاكل في الداخل التركي يحاول أردوغان تصديرها إلى الخارج وإشغال الشارع التركي بها، وهذه التصريحات تصب في هذا الاتجاه، والآن تمرُّ تركيا بأوقات عصيبة والشارع التركي شارع محتقن ومهيأ أكثر من أي وقت مضى للتصدي للسلطات المطلقة لأردوغان. وكما هو معلوم فالتحالف الدولي بقيادة أمريكا معني أيضاً بمثل هذا التهديد، وهو لن يقف مكتوف الأيدي حيالها وباعتقادي أن هذه التصريحات ما هي إلا للاستهلاك الإعلامي ولتطبيل الشارع التركي بها ليس إلا.

ـ في إدلب وبعد الاتفاق الروسي ـ التركي حول المناطق منزوعة السلاح قامت عدة فصائل بخرق الاتفاقية، كيف ستكون الأمور هناك، وما مدى نجاحها برأيكم؟

الدولة التركية توصلت إلى قناعة تامة بأن جميع المناطق المحتلة بما فيها عفرين سيتم تحريرها وستخرج منها آجلاً أم عاجلاً، والاتفاق جاء لحفظ بعض من ماء الوجه للحكومة التركية ورئيسها أردوغان، والهدف الرئيسي لتركيا من هذا الاتفاق هو الحفاظ على ما تبقى من هؤلاء المرتزقة لتستخدمهم متى ما شاءت، وبخاصة المشاريع الديمقراطية لشعوب شمال سوريا. وهذه الاتفاقية مرحلية وتركيا ملزمة بتنفيذها وإن لم تُنفذ لن تقبل روسيا ببقاء الإرهابيين والمرتزقة هناك يسرحون ويمرحون، وهي تقول صراحة أنها لن تقبل بوجود هذا الكم الكبير من هؤلاء المتطرفين ويجب أن تعود إدلب إلى النظام السوري. ومع وجود من يرفض هذا الاتفاق من الفصائل وبخاصة جبهة النصرة، باعتقادي أن الاتفاق على المحك وقد ينهار في أي لحظة، والجميع يتحضر للاحتمال الآخر وهو هجوم النظام بمساندة الطيران الروسي على المدينة، ولهذا فمدى نجاح هذه الاتفاقية مرتبط بتطبيق بنودها من قبل الطرف التركي الضامن للمرتزقة في إدلب.

ـ في نهاية هذا الحوار حبذا لو تختمونه بكلمة أخيرة؟

أناشد جميع الأحزاب والقوى السياسية الكردية برص صفوفها ونبذ الخلافات الحزبية والشخصية فيما بينها، وبخاصة في هذه المراحل المصيرية والحساسة والتي تتطلب التضحية بالمصالح الحزبية والشخصية من أجل المصالح العليا لشعبنا، وأتمنى من القيادات الحزبية أن تأخذ بعين الاعتبار ما تحقق من مكاسب كبيرة يجب الحفاظ عليه، وعلينا جميعاً أن ندرك خطورة المرحلة وتربص الأعداء بنا فهم لا يفرقون بين كردي وآخر. كما أتوجه بنداء خاص للأحزاب الكردية المؤثرة التي بإمكانها لعب الدور الريادي في ترتيب البيت الكردي، ولملمة الصفوف فالوقت يمر مسرعاً وهو ليس في مصلحتنا ونحن مشتتون. ونحن في حزب الاتحاد الوطني الحر نمد يدنا لأي إطار عام للقوى السياسية الكردية وهناك مبادرة مشكورة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي في هذا الاتجاه وهي خطوة مباركة، وعلينا أن نطرق جميع الأبواب المغلقة. كما أوجه مناشدة لهؤلاء الذين ذهبوا باتجاه الائتلاف السوري الذين كانوا السبب في احتلال عفرين، والآن هم السبب فيما يجري بحق أهالي عفرين، ان يعودوا إلى حضن البيت الكردي وأن يفهموا أن لا بديل عن وحد الصف والكلمة الكردية.