بريادة المرأة مقاومة العصر مستمرة حتى تحرير عفرين

قامشلو/ ميديا غانم –

هاجم المحتل التركي ومرتزقته مما تسمى بالجيش الوطني السوري عفرين في الـ 20 من كانون الأول 2018، أدى إلى احتلالها في الـ 18 من آذار من العام ذاته، ارتكب على إثر ذلك أفظع الانتهاكات بحق الأهالي عموماً والنساء على وجه الخصوص، والتي جوبهت بمقاومة غير اعتيادية من قبل شعبها بريادة المرأة.

وبمناسبة مرور العام الثالث على احتلال مدينة الزيتون؛ أجرت صحيفتنا حواراً حول مقاومة المرأة في عفرين وما يتطلب منها للرفع من وتيرة النضال مع نائبة الرئاسة المشتركة للعلاقات الخارجية بعفرين والشهباء سابقاً، وحالياً عضوة مكتب المرأة بمجلس سوريا الديمقراطية – فرع حلب جيهان محمد على الشكل التالي:

– بحسب الجرائم التي تظهر على العلن؛ نجد أن المحتل التركي ومرتزقته يستهدفون المرأة بشكل خاص، فما السبب برأيكم؟

في البداية أبارك مرور اليوم العالمي للمرأة في هذا الشهر على جميع نساء العالم وبشكل خاص نساء عفرين، كما أبارك عليهن قدوم عيد نوروز المتمثل بشعلة الحرية بالنسبة لنا نحن الكرد، والذي سعى المحتل إلى تحويله ليوم سلب إرادة الإنسان الآمن بعد هجوم أردوغان ومرتزقته مما تسمى بالجيش الوطني السوري على عفرين الحرة للقضاء على إرادة كل عفريني، وبشكل خاص المرأة التي كانت الريادية في كل المجالات أثناء تأسيس الإدارة الذاتية بعفرين، فعلى سبيل المثال في المجال العسكري هرعت المرأة للانضمام إلى صفوف وحدات حماية المرأة للدفاع عن أرضها بكل بسالة وحفظ كرامتها، مما زاد من وحشية المحتل ومرتزقته لأنها استطاعت الوقوف في وجهه وقيادة ثورة حرة ضد همجيته، فارتكبوا أبشع الجرائم بحقها كالتمثيل بجثة الشهيدة بارين كوباني على مرأى ومسمع العالم، وصوروا وحشيتهم وهم مفتخرون بذكوريتهم وبثوها على وسائل التواصل ومواقع الإعلام، لتكون بمثابة رسالة لكل امرأة حرة مفادها بأن هذا سيكون مصير كل امرأة تشارك بالثورة ضدهم، لذا يتبين أن السبب الرئيسي لاستهداف المرأة في عفرين وكل مكان يعلو فيه صوتها هو أنهم لا يريدون إلا أن تكون خنوعة وسبية ترضي ملذاتهم الشخصية، حيث وجدنا كيف سبوا نساء شنكال للسبب ذاته، فهم مرتزقة جاؤوا بدعم تركي وهم جناح من مرتزقة داعش وذهنيتهم الذكورية هي ذاتها.

– هل من الممكن أن توضحي لنا وضع المرأة العفرينية قبل وبعد الاحتلال؟

كانت المرأة في عفرين بعد ثورة روج آفا ومرحلة تأسيس الإدارة الذاتية تتمتع بأسمى معاني الحرية والديمقراطية وفي جميع المجالات، حيث شاركت الرجل جنباً إلى جنب في كل الساحات، وعبرت عن صوتها بحرية وتبوأت رئاسات المجالس، وتخلصت نوعاً ما من رواسب الذهنية الذكورية التي عانت منها منذ خمسة آلاف سنة وصولاً لحقبة سيطرة النظام البعثي الذي أدخلها المعتقلات، وإلى يومنا هذا هناك معتقلات رأي لدى النظام ولا يعرف مصيرهن مثل “نظلية كجل”، لذا فإن وصول المرأة العفرينية إلى درجة عالية من حرية الفكر والمساواة بين الجنسين بعد تأسيس الإدارة الذاتية أرعب المحتل التركي، فعمد إلى الانتقام من المرأة العفرينية الحرة التي استطاعت أن ترفع صوتها عالياً بوجه جبروتهم فهاجم عفرين بكل قوته، ففي اليوم الأول وحده غزا عفرين بأكثر من 70 طائرة.

أما بعد الاحتلال التركي لعفرين هجر معظم أهلها قسراً، ومن لم يستطع الخروج من عفرين يتعرضون حتى الآن لأبشع أنواع الجرائم من قتل واعتقال وتنكيل، وبشكل خاص النساء اللواتي يتعرضن للاغتصاب والانتهاك والاعتقال على يد المحتل ومرتزقته، حيث وجدنا كيف ظهر على الإعلام نساء عفرينيات عاريات في سجون المحتل التركي في مشهد جسد أبشع أنواع العنف والانتهاكات.

– لماذا هذا الصمت الدولي تجاه الجرائم بحق الشعب العفريني والمرأة بشكل خاص على يد المحتل التركي ومرتزقته؟

لم يتوقف المحتل التركي عند القتل والسبي والاختطاف والتنكيل بحق الشعب العفريني، بل تخطى ذلك، حيث عمد إلى التغيير الديمغرافي للمنطقة، فهو يقوم بتتريك عفرين على العلن وأمام مرأى العالم أجمع، ولم نجد أي جهة حقوقية أو دولية سعت لوضع حد لهذه الجرائم التي طالت حتى الحجر والشجر بعفرين، والسبب هو تواطؤ بعض الدول نتيجة وجود مصالح مشتركة بينهم والتي يجدونها أهم من حياة الإنسان وكرامته.

– على ماذا يدل مقاومة المرأة في الشهباء؟ وما يميزها؟

رغم كل الجرائم التي يرتكبها المحتل التركي ومرتزقته لتثبيط عزيمة المرأة العفرينية التي هجرها قسراً من منزلها، إلا أنها بمقاومتها في الشهباء أثبتت إرادتها الحرة بوجه هؤلاء الوحوش البشرية، حيث لم تتوانَ للحظة عن الدفاع عن أرضها، وتجلى ذلك في مقاومة العصر التي كانت من أسمى معاني المقاومة، ولا تزال مستمرة إلى الآن في الشهباء، سواءً من يحملن السلاح أو الأمهات اللواتي يناصرن أولادهن، ويزغردن في الساحات لتشجيع المقاومين، ومن يستشهد ابنها تحمل نعشه بكل فخر وتزف نعشه كأنه يوم زفافه، فهي فخورة به لأنه ضحى في سبيل أرض الزيتون، وحتى بعد تهجيرهن إلى الشهباء أقسمن بمتابعة النضال لحين العودة إلى عفرين وطرد المحتل ومتابعة عملهن بالالتفاف حول الإدارة الذاتية وتنظيم صفوفهن وحث أبنائهن بالانضمام إلى صفوف قوات تحرير عفرين.

– هل وثقتم ملفات خاصة بانتهاكات المحتل التركي بحق المرأة لتقدم إلى المنظمات الحقوقية أو الإنسانية الدولية؟

دخلت المرأة في عفرين التاريخ من أوسع أبوابه في المقاومة والنضال في عفرين، ولكن في الوقت ذاته تعرضت للعنف والتهجير وأبشع الانتهاكات على يد المحتل فلم نجد إلا صمتاً دولياً مخزياً بحقهن، فقد وثقت الآلاف من جرائم المحتل ومرتزقته بحق نساء عفرين ولكن العالم في صمتٍ مطبق.

– ماذا يتطلب منا كنساء بشكل خاص لتحرير عفرين وعودة أهلها إليها آمنين؟

يتطلب منا نحن النساء السوريات بشكل عام ونساء عفرين بشكل خاص تصعيد النضال وتوحيد صفوفنا حتى نصل لحل للأزمة السورية وبالتالي ستتحرر كافة المناطق المحتلة، وأيضاً علينا العمل من أجل سوريا تعددية لا مركزية يتعايش فيها الكردي والعربي والسرياني والآشوري والشركسي والتركماني وجميع شعوب المنطقة معاً، والسعي لبناء سوريا ديمقراطية فيها مساواة بين الرجل والمرأة.

ويجدر بالذكر أن مركز الأبحاث وحماية حقوق المرأة في سوريا وثق مقتل 66 وخطْف أكثر من 149 امرأة في عفرين، على يد الاحتلال التركي ومرتزقته، فيما بلغ عدد الإصابات 178 حالة إصابة واعتداء.