بجهود 11651 معلمة أثمر التعليم بإقليم الجزيرة خلال العام الدراسي الجاري..

قامشلو/ ميديا غانم –

تزينت مدارس وجامعات إقليم الجزيرة بدرجات تفوق الطلبة خلال العام الدراسي الجاري، وأحدثت المعلمات خطوات مفصلية وتغييرات بارزة في السلك التعليمي

مع بداية الأزمة السورية والحرب الدائرة لسنوات تزعزع كل ما في البلاد بشكلٍ عام، ومنها العملية التعليمة والتربوية، فكان لمناطقنا نصيب من هذا الأمر، ولكنها سرعان ما أعادت الإدارة الذاتية لإقليم الجزيرة الاستقرار النسبي للمنطقة من خلال حماية مكتسبات ثورة روج آفا والشمال السوري بدماء أبنائها وبناتها الشهداء ومن كافة الشعوب المتواجدة، كما أعادت الثقة والاعتزاز بالعملية التربوية بشكل خاص، من خلال التشديد على القيم الإنسانية المثلى، ونشر المحبة والسلام والتسامح بين فئات المجتمع، وتعزيز ثقافة العمل الجماعي من خلال المشاركة الفعلية لكافة الشعوب في هذه العملية بقيادة المرأة المنظمة المعلمة الحرة.

منذ سنوات والإدارة الذاتية تعمل بريادة المرأة الحرة على إعداد كوادر عالية المستوى مؤهلة في جميع التخصصات العلمية والمعرفية والمهنية، حرصاً على الجَودة وإتقان وتجويد العمل التربوي والتعليمي، وكان من أول أهدافها تعزيز الحرية ومبادئ الكرامة الإنسانية والمساواة بين كافة الشعوب من خلال مناهجها.

لذا أولت بدايةً الأهمية إلى أبرز عناصر العملية التعليمية والتربوية، والمقوم الأساسي لنجاحها، ألا وهو عملية التدريب والتأهيل، حيث تؤدي هذه العملية دوراً مهماً ووظيفة أساسية في إيجاد المناخ المدرسي الملائم، لأن شخصية المعلم/ـة تؤثر بدرجة كبيرة على سلوكيات الطلبة وأخلاقهم وتصرفاتهم.

ولرفع مستوى المعلمين بالدرجة الأولى ولتطوير مستويات التعليم في مختلف المدارس بإقليم الجزيرة؛ افتتحت أكاديميتان في إقليم الجزيرة، هما أكاديمية اختصاص اللغة العربية لمنهاج اللغة العربية في مقاطعة الحسكة في 3 /4/2019 في حي الناصرة بالحسكة، والأخرى أكاديمية الشهيد عكيد للاختصاص بمنهاج اللغة الكردية في السادس من نيسان عام 2019 بمدينة قامشلو بهدف تطوير التعليم والتدريس بمختلف الاختصاصات في المقاطعة ورفع المستوى التعليمي للمعلمين والمعلمات.

لذا سارعت المرأة المعلمة بشمال وشرق سوريا إلى التدريب صيفاً وشتاءً، ولم تعرف الكلل حتى طورت من نفسها لخلق جيل متعلم ومتطور محب لثقافته ولغته الأم ومتقبل لكافة اللغات الأخرى برحابة صدر، وبذلك أحدثت تطوراً ملحوظاً في السلك التعليمي، وهاذا ليس بكثير عليها فهي لطالما كانت الدرع الحصين للغة الأم، لأنها من حمت وتحمي لغتها من الاندثار على مر السنين، هذا وقد بلغ عدد المعلمات في شمال وشرق سوريا العام الحالي 11651معلمة.

ولأنه من الضروري في العملية التعليمية بأي منطقة كانت أن تراعي لغة وثقافة كافة الشعوب المتواجدة فيها حتى تخطو صوب النجاح، ففي إقليم الجزيرة أكثر ما عزز نجاح وتألق العملية التعليمية فيها هي أنها كانت بريادة المرأة أولاً، وثانياً من خلال مراعاة لغة الشعوب المتواجدة في المنطقة، حيث تجد الطالبة السريانية والكردية والعربية كل واحدةً تتعلم لغتها، وبعد أن تبني قاعدة متينة في ترسيخ لغتها الأم تتعلم لغات الشعوب المتواجدة في المنطقة أيضاً، فيشكلن معاً لوحة متناغمة ومتكاملة ويحققن التوازن التعليمي المطلوب، حيث يبلغ عدد الطالبات بإقليم الجزيرة في المرحلة الإعدادية العام الدراسي الجاري 10466 طالبة، أما في المرحلة الثانوية فقد بلغ عدد الطالبات  3078 طالبة.

جنولوجيا.. تعريف للمرأة والحياة

ولإضفاء المعنى الحقيقي وإعادة تعريف المجتمع بالمرأة والحياة، افتُتح لأول مرة بإقليم الجزيرة قسم الجنولوجيا (علم المرأة) بداية العام الدراسي للعام 2017 ضمن جامعة روج آفا، وانضمت إليه بدايةً 25 طالبة.

وحدد مدّة التدريس في هذا القسم عامان، واعتمد النظام التدريبي في قسم علم المرأة على نظام التقييم والاختبارات، خلال ثلاث مراحل، للتدريب على المواد التالية: (اللغة الكردية، وتاريخ المرأة، والاقتصاد، وطرق البحث والمصطلحات).

ويجدر بالإشارة إلى أن الجنولوجيا هو علم الحياة المشتركة الحرة، يهدف لإطلاق ثورة فكرية في رؤية المرأة في مواجهة الذهنية الجنسوية المنتشرة في المجتمع، لجعل العلاقة بين الرجل والمرأة قائمة على أساس المساواة والحرية.

وبعد تخريج الدفعة الأولى منها في جامعة روج آفا، والتي يبلغ نسبة الطالبات فيها أكثر من 50 بالمئة طرأت عليها بعض التغيرات، حيث تم دمج كلية جنولوجيا ضمن قسم العلوم الاجتماعية بتاريخ 11/2/2020، بالإضافة إلى إحداث “نظام الامتحانات”، حيث كان النظام التعليمي يقوم على الاختبارات فقط، فتم تحويله إلى نظام امتحانات على مرحلتين.

ويمكن للمتخرجات من الكلية المذكورة العمل في مراكز الدراسات والأبحاث، والمجالات الدبلوماسية، ومؤسسات التعليم والتدريب والإدارة، وكافة مؤسسات المرأة ضمن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ويتم تدريس الجنولوجيا كمادة أساسية في المرحلة الثانوية ضمن مدارس الإدارة الذاتية.

خطوة دراسية مفصلية هذا العام..

وكخطوة دراسية مفصلية لتوجيه سير العملية التعليمية نحو النجاح وليكون التعليم متكاملاً في جميع مراحله، أدخلت الإدارة الذاتية الديمقراطية خلال العام الدراسي الجاري منهاج الثاني عشر الثانوي “البكلوريا” باللغتين الكردية والعربية بفرعيها الأدبي والعلمي، إلى مناهجها خلال العام الدراسي الجاري.

وجاءت هذه الخطوة بعد إجراء تدريب مكثف للمعلمين/ات، بهدف إيصال الطالب إلى جامعات ومعاهد روج آفا وهو بكامل الجهوزية، دون أن يواجه أي عقبات دراسية، وبلغ عدد المدارس التي يتم تدريس مناهج الإدارة الذاتية فيها ضمن إقليم الجزيرة 2225 مدرسة للمراحل الدراسية الثلاث، (الابتدائية والإعدادية والثانوية)، بينها 71 مدرسة للمرحلة الثانوية.

ويعتمد نجاح الطالب بالاعتماد على سلوكه وحضوره في المدرسة ومدى التزامه بإعداد واجباته، والأخذ بعين الاعتبار مشاركته ضمن الصف، هذا ويضم منهاج الفرع العلمي المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلوم واللغة الأم، أما الفرع الأدبي فيشمل المواد الأدبية كالتاريخ والجغرافية والفلسفة وعلم الاجتماع، كما أنه يتم تدريس اللغة الانكليزية في كلا الفرعين.

كورونا وما جلبه معه من تحديات..

اعتبر انتشار جائحة كورونا في شمال وشرق سوريا تحدياً كبير لأهالي المنطقة في الحفاظ على سلامتهم وبشكل خاص الأطفال، ولكن كان الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للعاملين في السلك التربوي، حيث كان لا بد أن يكونوا على قدر واعٍ من المسؤولية للحفاظ على حياة الطلبة وسلامتهم من جهة، ومتابعة مهامهم في التدريس من ناحية أخرى، فباتت المعلمات بإقليم الجزيرة يتابعن الدروس مع الطلبة عبر “الأونلاين” أثناء فترات تطبيق حظر جزئي وأحياناً كلي، وأثناء بدء الدوام الدراسي وانقضاء فترة الحظر يحملن على عاتقهن توعية الطلبة من هذه الجائحة.

لذا وفيما يتعلق بالتدابير الخاصة للوقاية من فيروس كورونا، اتخذت الإدارة الذاتية بالتنسيق مع هيئة الصحة والبلديات عدة إجراءات وقائية من تعقيم وإلزام الطلبة بارتداء الكمامات أثناء الدوام، وعقد اجتماعات توعوية للأهالي حول ضرورة التقيد بالتدابير الوقائية، كما تم تعين معلم أو معلمة في كل مدرسة لتولي مهام الرقابة الصحية ومتابعة أوضاعهم الصحية وإعلام الأهالي والمدرسة في حال صدفوا أي حالة إصابة، أو مشتبه بها، أو في حال ظهور أي وعكة صحية أخرى، وكذلك إلزام الطالب بارتداء الكمامات.

وعلى الرغم مما عانته مناطقنا بسبب هجمات المحتل التركي ومرتزقته مما تسمى بالجيش الوطني السوري، وانتشار جائحة كورنا التي أثّرت على التعليم خلال هذا العام، إلا أنها استطاعت أن تصل بالسلك التعليمي لبر النجاح والتألق لما له من دور جوهري في تحقيق درجة عالية من التعافي الاجتماعي، من خلال مراعاة ثقافة ولغة شعوب المنطقة من جهة والإعداد الجيد والمتكامل والمتين والرشيد لهذه العملية من جهة أخرى.