الهباري… رمز لباس المرأة التراثي، وعنوان أناقة المرأة الفراتية

روناهي/ عين عيسى ـ

وجدت” الهباري” أو عصابة الرأس كما تُطلق عليه النساء “الفراتيات” في مناطق شمال وشرق سوريا، حيث تعد هذه القطعة من اللباس النسائي، أحد أهم القطع لما تعطيه للمرأة من أناقة، وتتميز عن غيرها من النساء السوريات، ولطالما عكست التنوع الثقافي، والتميز للمرأة الفراتية عن غيرها، بما يعكس جمالها وأصالتها وتمسكها بجذورها.

وتعرف “الهباري” أنها غطاء رقيقٌ وشفافٌ، وناعم الملمس مصنوع من الحرير الخالص، وطوله نحو مترين، أما وزنه فلا يتعدى 100 غرام، ويسمى “هِبرية”، وجمعها “هباري”.

ومازال هذا اللباس موجوداً، وتتمسك به النساء الفراتيات، ويرتدينه في المناسبات والأعراس بدلاً من ألبسة أخرى، لأنها أصبحت هوية وطابعاً مميزاً لهنَّ، وتعدّ أهم لباس للمرأة في المنطقة، حيث جرت العادة بتعويد الفتاة على لبسه بعمر الـ (14 ـ 18)، في بادئ الأمر للتعود على لبسه، فيما يعد لبس المرأة من الألبسة المعقدة نوعاً ما، لكونه يتألف من عدد من القطع هي (القصيرة ـ الثوب ـ الزبون ـ العباية) ثم تأتي الهباري لتغطي شعر الرأس المجدل.

وبحكم العادات والتقاليد في منطقة الفرات بشكل عام، تتزوج المرأة باللباس الشعبي المعروف، حيث تؤلف “الهبرية” جزء مهم منه، وتغطى المرأة بعباية الرجل، ثم يتم زفها على “هودج” أو فرس الى بيت زوجها، وبالرغم من حداثة الموضة في الألبسة الدارجة في الأسواق، إلا أن هناك اهتماماً كبيراً بالزي الشعبي عند أكثر النساء الفراتيات، كونه جزءاً مهماً من ثقافتهم، وخاصة مع انطلاق “ثورة ورج آفا”، وثورة المرأة الحرة، حيث أوجبت تمسك المرأة بجذورها وعاداتها وتقاليدها التراثية.

الهبرية انعكاس لجمال المرأة

وتتميز “الهباري” بميزة خاصة، وهي أنها لا تغطي الوجه كاملاً، وتعطي منظراً جميلاً حيث تكون “الكذلة” ظاهرة ويكون متناسقاً مع أطراف الوجه، والزي الآخر من اللباس الشعبي، وكانت العادة أن تلبس المرأة في مناطق البادية السورية وحوض الفرات لباساً مؤلفاً من القماش الملون، وثوباً خارجياً والهبرية، بالإضافة إلى الزبون، وهو نوع يشبه العباءة، وحزام يتوسط الجسم.

وتكون طريقة لبس المرأة للهبرية، هو طويها ولفها على قمة الرأس، فتصل مقدمة الهبرية إلى أعلى الجبين وتغطيه، وتطوى من جانبي الرأس بشكل لولبي، ويشد طرفي العصبة إلى مؤخرة الرأس.

ويعكس شكل “الهباري” على وجه المرأة الأناقة والجمال، حيث تتدلى من تحتها الجدائل المضفورة الظاهرة، والتي ترتكز على خصلة طويلة من الشعر، وتسمى هذه الخصلة “كذلة”، ويكون للمرأة في الرقة زي متنوع غير الهبرية، ويتكون من الثوب الداخلي، ويكون من القماش الملون غير الشفاف، والثوب الخارجي، وله أكمام عريضة تُعقَد على الظهر، وأيضاً الزبون، الذي يشبه العباءة، ويلبس بأكمام يستر الظهر، ويكون مفتوحاً من الأمام، وعصابة الرأس “الهبرية”، والحزام، الذي يربط به وسط الجسم، ويكون مصنوعاً من القماش أو الجلد، والقديم منه الشعبي كان يصنع من نسيج الصوف ويسمى “الشويحي”.

الهبرية… تعود على وقع أشعار “الذخيرة”

وتلاشى لباس المرأة التراثي أثناء سيطرة المرتزقة على مناطق شمال وشرق سوريا نتيجة فرض ما يُعرف بـ “اللباس الشرعي”، والذي فُرض على جميع السكان، فكان اللون الأسود هو الوحيد المسموح به للنساء، وبعد قيام ثورة روج آفا 2012 التي عمت كامل مناطق شمال وشرق سوريا، عاد الزي الشعبي للمرأة كما كان سابقاً، وبقيت بعض النساء يحافظنَّ على لباسهنَّ التراثي.

وتغنى عدد من الشعراء الشعبيين في الرقة بالهباري، حيث ورد ذكرها في بعض نتاجهم الشعري، منهم الشاعر الشعبي محمود الذخيرة: “يا زين لبس الهباري براس غالينا…… يدنجر ويغض النظر لمّن يلاقينا”.

وسمي الهباري بهذا الاسم اشتقاقاً من نوع من ورود تنمو في بادية الرقة تدعى “الهبري”، وهو ناعم الملمس، برتقالي اللون ينبت في فصل الربيع، وللهباري أنواع أخرى، منها: “جناح الخضر”، وهو يجمع بين لوني الأخضر والأحمر. و”جناح الخضر” طائر أخضر اللون يعيش في منطقة زور الفرات في الرقة، وأيضاً “رشك الحنة”، ويجمع بين الأصفر والأسود والأبيض، وجاء تسميته من لون الحناء.