النهر السيّئ الحظ

 بيريفان عمر_

إن ما مر به نهر الفرات ربما لم يمر به نهر آخر خلال هذه الفترة، حيث أنه ربما من سوء حظه أنه يمر من دولة لا تُبالي بأي قوانين أو أي أخلاقيات في التعامل مع الجوار أو مع الطبيعة، فبدءاً من السدود إلى التلوث بمياه الصرف الصحي وصولاً إلى انهيار منجم في الذهب في ولاية أرذنجان شمال تركيا، والذي أسفر عن فقدان تسعة عمال من أصل 667 عاملاً، وما زالت عمليات البحث جارية في هذا المنجم المروع المعروف بـ”كوبلرو”، والذي يقع على بُعد حوالي 300 كيلومتر من نهر الفرات، حيث تثير المخاوف البيئية العديدة من احتمالية تسرب المادة الكيميائية إلى التربة والمياه، وهي مادة السيانيد التي تستخدم في استخراج الذهب وتعتبر سامة للغاية. أفادت تقارير صحفية تركية بأن الانهيار جرف معه مواداً مغسولة بالسيانيد وحمض الكبريتيك، على الرغم من نفي رئيس الوزراء السابق لهذه التقارير.

وعلى الرغم من ذلك، فإن المنظمات المدنية تُطالب بإغلاق المنجم وجميع المناجم في البلاد. وليست هذه المرة الأولى التي يتصدّر فيها المنجم الأخبار السيئة، حيث تسبّب في تسرّب نحو 20 طناً من محلول يحتوي على السيانيد في عام 2022، مما أثار مخاوف من تلوث نهر الفرات. اضطرت السلطات آنذاك إلى تعليق العمل في المنجم لفترة قصيرة قبل أن يتم إعادة فتحه مرة أخرى.

هذه الحوادث المتكررة في المنجم تجعل الجمهور يشعر بالقلق الكبير بشأن سلامة العمال والتأثيرات البيئية الخطيرة لعمليات الاستخراج. تُعتبر بحاجة إلى تدابير صارمة للحد من مخاطر هذه الصناعة أمراً ضرورياً، بما في ذلك تقديم المعايير البيئية الصارمة وتعزيز الرقابة والمراقبة المستمرة. من المهم أيضًا زيادة الوعي بأهمية ضمان سلامة العمال في الصناعات الخطرة وتوفير التدريب المناسب لهم.

على المستوى الحكومي، يجب أن تأخذ السلطات المسؤولة إجراءات صارمة للتحقيق في أسباب هذه الحوادث ومحاسبة المسؤولين عنها. ينبغي أن يكون الأمن والسلامة البشرية والبيئية في مقدمة الأولويات في صناعة التعدين، ويجب أن يكون هناك رقابة صارمة لضمان الامتثال للمعايير الدولية.

لحماية الحياة البشرية والبيئة، يجب أن نتخذ إجراءات حاسمة لتحسين سلامة مناجم الذهب وتطبيق إجراءات الوقاية والتدابير البيئية. يجب أن تكون هناك مراجعات دورية للمناجم وفحوصات فنية منتظمة لضمان سلامتها. يجب أن يتم توفير التدريب المهني والتوعية للعمال حول مخاطر العمل في المناجم والطرق السليمة للتعامل مع المواد الكيميائية الخطرة.

علاوةً على ذلك، يجب أن تعزز الحكومة الرقابة وتوفر المزيد من الموارد للهيئات البيئية والجهات الرقابية لضمان الامتثال وتطبيق القوانين والتشريعات البيئية. يجب أن يتم معاقبة المخالفين وفرض عقوبات رادعة على الشركات التي تتجاهل سلامة العمال وتسبب في تلوث البيئة.