الطبقة/ ماهر زكريا ـ
تحمل الموسيقا طابعاً خاصاً، ولحناً مميزاً تألفه الشعوب وإن اختلفت لغاتهم ولهجاتهم، في حين يعمل مكتب الموسيقا في مركز الثقافة والفن في منطقة الطبقة على تجديدها عبر تدريب المواهب للحفاظ على خصوصية الموسيقا الفراتية، التي حملت اسم منطقة الفرات لترسم صور مجتمعها المتجدد.
تتميز الشعوب والحضارات باختلاف اللغات واللهجات إلا أن الموسيقا هي لغة عالمية، تعبر عما يجول في مكنون النفس، والمشاعر، وبتميز الموسيقا تطور الفرق الموسيقية مكنونها التراثي.
ولمعرفة جوانب من الثقافة الموسيقية في منطقة الفرات، التقت صحيفتنا “روناهي” مع ممدوح الشتيوي عضو مكتب الموسيقا في مركز الثقافة والفن بمنطقة الطبقة، ومختص في قسم الموسيقا.
خاصية الموسيقا
يقول ممدوح الشتيوي في معرض حديثه عن ملازمة الموسيقا وتعبيرها عن الذات والحالة: “الموسيقا تعبر عن حزن، وغضب، ومشاعر مختلفة، تستخدم بالأغاني الثورية، أو العاطفية الوجدانية، فكانت غذاء للروح أو تعبيراً عنها، قديما وحديثا، وقد عبرت عن ظلم الاحتلال، وفرحة النصر والتحرير والأعراس، والأفراح، والأتراح”.
ويتابع: “المهم أن ندرك قيمة الموسيقا، وأن ندرك كيف يمكننا التعبير عما يدور في دواخلنا، ولأن الحاجة تكون لوجود آلات، ووسائل لنعبر عبرها عن حالنا، يوجد في مكتب الموسيقا عدة آلات مثل البزق، والأورغ، والكمان، والإيقاع، والدف، والربابة، وعدد من الموهوبين في الموسيقا، وهناك البعض من هؤلاء يتقنون العزف على أكثر من آلة واحدة، يضم مكتب الموسيقا عدداً من المواهب منهم سبعة شباب، وفتاتان، وكل منهم له خصوصية وموهبته الخاصة”.
يضيف الشتيوي في حديثه عن التطور والتجديد في الموسيقا وعمل المركز بشكل عام: “الموسيقا لها الخصوصية القابلية للتطوير والتحديث دون تغيير في مضمونها التراثي وقابلة للتجدد، ومثلها الكلمات واللحن، فالأصوات الحماسية يفرزها الوضع السياسي والشعبي والتراثي، وأيضاً موسيقا الفرات وأغاني منطقة الفرات تتأثر بالوضع المحيط، والمواهب، التي يرعاها المركز تتنوع في اهتماماتها وتميزها في لون معين، ففراس العويد متميز في لون الموليه، وممدوح الشتيوي في التراث الفراتي، وشادي زبيدي غناء مختلف، وخليل آرام متميز بالأغاني الكردية وغيرهم”.
الموسيقا الفراتية
أما عن خصوصية الموسيقا الفراتية فيقول ممدوح الشتيوي: الموسيقا الفراتية مرتبطة بالأغنية الشعبية الفراتية، موسيقا الماء وإيقاع الأمواج، حيث تعدّ تراث المجتمعات الريفية، لأنها متنفس أبنائها، وهي حافلة بالمشاعر والصور والألوان المختلفة، تنم عن المشاعر والحياة، كتدفق الفرات في أرضه، حيث تمتاز الموسيقا الفراتية باللحن العذب والفكرة الجميلة، والمقاطع اللحنية التي تحمل أصالة التراث، وهي منسجمة مع ألحانها، وايقاعها يتميز بالبساطة والتعبير والمشاعر الجياشة من حب وحزن وفرح وألم وغربة”.
وأضاف: “الموسيقا الفراتية موروث شعبي يرافق الأفراح، والأحزان وتشتهر فيها الآلات الربابة والشالوخة، في حين تصنف الموسيقا الفراتية في المقام، وهي طويلة، أو قصيرة صعبة، أو سهلة والايقاع إما الصبا أو الحجاز أو السيكاه أو البيات، وهي مقامات عربية وشجية وبهيجة”.
وأشار الشتيوي إلى أن ما يميز الموسيقا الفراتية، هو الموال، الذي يختلف باختلاف العشائر كما يرافق الأغاني الشعبية مظاهر من الدبكة والأفراح.
الموسيقا تحتاج لثقافة ولعلم
الشتيوي أشار إلى أن الموسيقا تحتاج إلى دراسة، وتعلم، وتعمق معرفي كما سائر العلوم، وإنها لا تقتصر على كونها هواية وحساً عاطفياً روحياً فقط: “الموسيقا تحتاج إلى معرفة لمفهوم المقامات الموسيقية الغنائية، التي تتعدد بتعدد المقامات، وتتنوع بمناهج تصنيفها، حيث وصل عددها إلى سبع مقامات جمعت في جملة (صنع بسحر)، أو ثماني مقامات (صنع بسحرك) كما صنفها البعض إلى تسع مقامات أساسية مختلفة”.
وعلى سبيل التذكير والمعلومة كما يقول الشتيوي: “السلم الموسيقي يتألف من سبع درجات هي/ سي، لا، صول ، فا، مي ، ري ، دو/ وأما المقام الصوتي فهو سلم موسيقي، أو سمة لحنية تسمى /ديوان/ تبدأ بالدرجة المنخفضة (القرار) أو درجة /دو/ وتنتهي بالدرجة المرتفعة (الجواب) أو درجة /سي/ تحكمها مسافات وأبعاد، والخروج عنها يسمى النشاز. أما المقامات الأساسية السبعة للموسيقا الغنائية فهي مقام الصبا، والنهاوند، والعجم، والبيات، والسيكاه، والحجاز، والراست، وتجمع في جملة (صنع بسحر). ويضاف مقام الكرد (ك) لتجمع في جملة (صنع بسحرك). وهناك مقام يعرف مقام النو اثر. كما توجد مقامات فرعية عديدة”.
المقارنة بين المقامات
وفي حديثه عن المقامات، وتشابهها واختلافها يقول الشتيوي شارحا ذلك: “المقام هو رسالة شعرية، يعبر عن مشاعر محدودة مثل الفرح، والحزن والشوق والألم والحب، واختلاف المقامات هي باختلاف الأبعاد، والمسافات الصوتية بين درجات الموسيقا. مثال مقام الحجاز مقام يبعث على الفرح والدفء معروف في موسيقا أغنية (فوق النخل) للمطرب ناظم الغزالي / فوق النخل/”.
في ختام حديثه دعا ممدوح الشتيوي عضو مكتب الموسيقا في مركز الثقافة والفن بالطبقة، مواهب الغناء، والعزف، والتلحين، والكلمات زيارة مكتب الموسيقا في المركز الثقافي في منطقة الطبقة وريفها، علماً أنه يتم العمل على إيجاد فرق أوكسترا من الأطفال، وعازفين سيتم تدريبهم لتكون هذه الحالة هي أشبه ما يكون بتأسيس معهد أكاديمي، لتخريج أوكسترا وكورال من نسيج المنطقة، وسيسعى مكتب الموسيقا لإجراء التدريبات المناسبة لإقامة حفل موسيقي بإشراف لجنة الثقافة والفن، وإدارة مكتب الموسيقا في مركز الثقافة والفن بمنطقة الطبقة، وذلك بعد الانتهاء من الاستعدادات وفق الخطة التدريبية المقررة له.
