المرأة العربية في ثورة 19 تموز: انتصار على النمطية ومشاركة فعالة في المجال المجتمعي والسياسي

روناهي / منبج – أوضحت عضوة تجمع نساء زنوبيا في منبج رابعة بكرو، أن “المرأة العربية شاركت بقوة في ثورة 19 تموز، فقاتلت جنباً إلى جنب مع الرجال من أجل الحرية والكرامة، وساهمت في تحرير منبج من قبضة داعش”. وأشارت العضوة إلى أن “المرأة العربية تواجه العديد من التحديات، مثل التمييز على أساس الجنس، والعنف ضد المرأة، والتفاضل في الحقوق والتمثيل السياسي، وصعوبة إيجاد فرص العمل”.

وجاء حديث، رابعة بكرو خلال حوار، أجرته معها صحيفتنا، ودعت رابعة من خلاله “النساء العربيات إلى الاستمرار في النضال من أجل حقوقهن وتحقيق المزيد من الإنجازات، مؤكدةً أن المرأة العربية ستستمر في النضال حتى تتمكن من تحقيق المساواة مع الرجل في المجالات كافة”.

وفيما يلي نص الحوار:

ـ ما الخطوات التي اتخذتها المرأة العربية للانضمام إلى ثورة 19 تموز والتنسيق مع المرأة الكردية والسريانية؟

شاركت المرأة العربية في ثورة روج آفا التي انطلقت في 19 تموز 2012، فقد أصبحت المقاتلات الكرديات رمزاً للشجاعة والصمود، وحملن السلاح للدفاع عن حقوقهن وكرامتهن، وأصبحن قياديات عسكريات وسياسيات وإداريات في مجتمعهن. وهذا الأمر كان جديداً وملهماً بالنسبة للمرأة العربية التي عانت من التهميش والقمع في مجتمعاتها. لذلك؛ قررت المرأة العربية الانضمام إلى ثورة روج آفا، والتضامن مع المرأة الكردية، والمشاركة في حملة تحرير منبج التي بدأت في 31 أيار 2016. كانت هذه الخطوة بمثابة تحول كبير في حياة المرأة العربية، فقد اكتسبت ثقة بنفسها ووعياً بحقوقها، وبدأت تطالب بدور فاعل في المجتمع. كما أنها تعلمت من المرأة الكردية مفهوم الأمة الديمقراطية، والذي يقوم على احترام التنوع والتسامح والحوار بين شعوب وثقافات الشرق الأوسط.

لقد حققت المرأة العربية الكثير من الإنجازات في السنوات الأخيرة، ولعبت دوراً هاماً في بناء مجتمع أكثر عدلاً وازدهاراً. إن مشاركة المرأة العربية في الحياة العامة هي أمر أساسي لتحقيق التنمية الشاملة، وبناء مستقبل أفضل للجميع.

ـ ما الدورات التدريبية والتثقيفية، التي شاركت فيها المرأة العربية لتطوير قدراتها ومهاراتها في مجالات الإدارة والقيادة والدفاع عن النفس؟

شاركت المرأة العربية في تحرير منبج، ولعبت دوراً مهماً في الإدارة المدنية الجديدة التي نشأت بعد التحرير. وقفت المرأة بجانب الرجل في قيادة مؤسسات الإدارة، رغم القيود الاجتماعية التي تحول دون دخولها في العمل الإداري.

وقد ظهرت مؤسسات نسوية متعددة، مثل مجلس المرأة، ودار المرأة، ولجنة المرأة ومنسقية المرأة وغيرها، التي ساعدت المرأة العربية على اكتشاف قدراتها، والمشاركة في الحياة العامة. وعرفت المرأة العربية فكر القائد عبد الله أوجلان حول المرأة، والذي ركز على الاستقلال الاقتصادي للمرأة.

شاركت المرأة العربية أيضاً في أكاديميات المجتمع الديمقراطي، التي لعبت دوراً هاماً في تثقيفها وتوجيهها في مختلف المجالات الفكرية والسياسية والإدارية والاجتماعية والاقتصادية. وخضعت المرأة في هذه الأكاديميات لدورات مخصصة لها، تهدف إلى كسر الحواجز بين الجنسين، وتأخذ بعين الاعتبار ظروفها كأم أو ربة منزل. فافتتحت دورات قصيرة أو طويلة، حسب رغبة المرأة في تطوير نفسها.

ظهرت حالة من التنافس بين المرأة العربية والكردية، حيث أرادت المرأة العربية أن تحذو حذو المرأة الكردية في تحقيق النجاحات في كل المجالات، بفضل الدورات التدريبية والفكرية التي خضعت لها.

لقد حققت المرأة العربية الكثير من الإنجازات في السنوات الأخيرة، ولعبت دوراً مهماً في بناء مجتمع أكثر عدلاً وازدهاراً. إن مشاركة المرأة العربية في الحياة العامة هي أمر أساسي لتحقيق التنمية الشاملة، وبناء مستقبل أفضل للجميع.

– كيف تتغلب المرأة العربية على العادات والتقاليد التي تحد من دورها في إدارة منطقتها؟

على الرغم من مرور الزمن، إلا أن بعض النساء ما زلن يواجهن تحديات كبيرة في مجتمعاتنا العربية. يعتقد بعض الأهالي أن مكان المرأة هو المنزل، وأنها يجب أن تكون خاضعة للرجل. ويرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك الظروف الاقتصادية التي تجعل الكثير من النساء يعتمدن على الرجال كمعيلين، والأفكار المتخلفة التي ترى المرأة ضعيفة وعاجزة.

ومع ذلك، هناك أيضاً العديد من النساء اللاتي يطمحن إلى إثبات قدراتهن وإمكاناتهن في سوق العمل. ويظهر ذلك من خلال اللقاءات التي يعقدها مكتب تجمع نساء زنوبيا، الذي يسعى لمواجهة فكر الرجل المتشدد الذي يحمل ذهنية سلطوية ورثها عن أجداده.

لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار العادات والتقاليد التي نحن كنساء عربيات تدربنا على احترامها والتي لا شك أنها تقوي شخصياتنا. ومع ذلك، يجب ألا نسمح لهذه العادات والتقاليد أن تقف في طريق تحقيق أهدافنا. كل امرأة يجب أن تضع هدفاً لحياتها وتسعى لتحقيقه وأن تكون عاملاً فعالاً في مجتمعها.

للأسف الشديد، فإن العادات والتقاليد ما زالت تعارض هذا التوجه. ولكننا يجب أن نستمر في الكفاح من أجل حقوقنا، ونسعى إلى إحداث التغيير في مجتمعاتنا.

نحن، النساء العربيات، قادرات على تحقيق أي شيء. لدينا القدرات والإمكانات، ونحن فقط بحاجة إلى الإرادة. فلنتحد ونقاتل من أجل حقوقنا، ونسعى إلى بناء مستقبل أفضل لنا ولأطفالنا.

ـ كيف واجهت المرأة العربية المخططات والمؤامرات ضد شعبها؟

المرأة ركيزة المجتمع، التي تبني الأسرة. إذا كانت الأسرة مبنيةً بشكل صحيح، فإن ذلك يقود إلى بناء مجتمع صحيح. وإذا تم تجاهل دور المرأة في الأسرة، فإن ذلك يؤدي إلى تفكك المجتمع.

جميع الجماعات المرتزقة ومرتزقة داعش ظلمت المرأة وحاولت القضاء على دورها في المجالات كلها. جعلوها رقيقة وبذلك يستولون على سيطرة الرجل أيضاً.

المرأة تسير بخطا متزامنة مع الرجل لبناء أسرة سوية لتخلق مجتمعاً سوياً. رأينا في زمن داعش كيف أخضعوا المرأة بالغطاء وصلبوها في الشارع ووجهوا تحذيراً للرجل عبر المرأة. صار الرجل ينكر حق المرأة في أن تكون زوجته في هذه المرحلة، التي وصل إليها، وتم تخليص مدينة منبج على يد نساء مناضلات.

المرأة هي الأم والأخت والزوجة والابنة. هي التي تربي الأطفال وترعاهم وتعلمهم. هي التي تحافظ على الأسرة وتحميها. هي التي تبني المجتمع وتساهم في ازدهاره.

نحن بحاجة إلى تحرير المرأة عقلياً وجسدياً ومجتمعياً. نحن بحاجة إلى أن نمنحها الفرصة للتعلم والعمل والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية. نحن بحاجة إلى أن نحترمها ونقدرها ونكرمها.

المرأة هي نصف المجتمع، وهي التي تصنع المستقبل. لن نتمكن من بناء مجتمع عادل ومزدهر دون المساواة بين المرأة والرجل.

ـ كيف تساهم المرأة العربية في كسر النمطية وتغيير الذهنية التي تقيدها وتقصيها في المجتمع، سواء على المستوى الأسري، أو الاجتماعي، أو السياسي؟

أنا أم وموظفة، وأرغب في توفير التوازن بين عملي وأسرتي. أحب عملي، لكنني لا أريد أن أهمل أطفالي أو زوجي. كيف يمكنني أن أكون أماً ومهنية ناجحة في آن واحد؟!

أعتقد أن المرأة العربية قد أثبتت قدرتها على القيام بذلك، بفضل مشاركتها الفعالة في مجالات الحياة كافة. فهي لا تقتصر على دورها التقليدي كزوجة وأم، بل تسعى إلى تحقيق ذاتها وإسهامها في تطور مجتمعها. ولكن هذا لا يعني أنها تتخلى عن مسؤولياتها الأسرية، بل تجد طرقاً للتنسيق والتخطيط والتفاهم مع شريك حياتها وأطفالها.

في المستوى الشخصي، تحتاج المرأة إلى تنظيم وقتها بحكمة، وتحديد أولوياتها، والحفاظ على صحتها وعافيتها. كما تحتاج إلى التعلم المستمر، والابتكار، والإبداع في عملها. وفوق كل ذلك، تحتاج إلى الثقة بنفسها وبقدراتها.

في المستوى الاجتماعي، تحتاج المرأة إلى التواصل بشكل فعال مع من حولها، سواءً في منزلها أو في عملها. تحترم آراء الآخرين، وتستمع إلى احتياجاتهم، وتسعى إلى حل المشكلات بطريقة إيجابية. كما تشارك في الأنشطة التطوعية والخيرية التي تخدم مصالح مجتمعها.

في المستوى السياسي، تحتاج المرأة إلى ممارسة حقوقها المدنية والسياسية، والانخراط في الحركات الديمقراطية التي تطالب بالعدالة والحرية. تشارك في صنع القرارات التي تؤثر على مستقبل بلدها، سواءً في الأحزاب أو في المجالس أو في المؤسسات. تستفيد من التدريبات والبرامج التي تزودها بالمعارف والمهارات اللازمة لذلك.

أنا فخورة بانتمائي لحزب سوريا المستقبل، الذي يعبر عن رؤية شاملة لبناء سوريا جديدة، قائمة على التعددية والديمقراطية. هذا الحزب يضم نساء من مختلف الخلفيات والشعوب، ويمنحهن دوراً ريادياً في العمل السياسي. أنا مشاركة في الحزب، وأسعى إلى تمثيل مصالح المرأة والدفاع عن حقوقها.

ـ كيف تصف المرأة العربية دورها كمقاتلة ومدافعة وصاحبة الحل في المجتمع، وما أبرز النجاحات والإنجازات التي حققتها في هذا المجال؟

في بداية تحرير منبج، كانت عدد النساء المشاركات في القتال قليلاً. لكن عندما رأت النساء العربيات كيف كانت النساء الكرديات يقاتلن من أجل تحرير مجتمعهن، شعرن بدورهن في المشاركة في القتال. شاركت النساء العربيات في علاج المرضى وتقديم الطعام، إن إظهار الشجاعة والإقدام من النساء العربيات، قد دفع الرجال إلى المشاركة في القتال أيضاً.

بعد تحرير منبج، تم تأسيس مجلس المرأة العسكري، الذي يضم نساء من الشعوب الموجودة. الذي يهدف إلى تعزيز المشاركة السياسية والاجتماعية للمرأة، وإلى ضمان حقوق المرأة في المجالات كلها.

لقد حققت المرأة العربية الكثير من الإنجازات في تحرير منبج. لقد قاتلت جنباً إلى جنب مع الرجال، وساعدت في تحرير المدينة من داعش. لقد أظهرت المرأة العربية الشجاعة والإقدام، ودافعت عن أرضها وشعبها. إن مساهمات المرأة العربية في تحرير منبج لا يمكن حصرها، وستبقى ذكراها خالدة في تاريخ المدينة.

إن مساهمات المرأة العربية في تحرير منبج، مصدر إلهام للنساء في أنحاء العالم. إنها تُظهر أن النساء قادرات على تحقيق التوازن السياسي، وأنهن يمكن أن يلعبن دوراً فعالاً في بناء مجتمعات أكثر عدلاً وازدهاراً.