الكيشيون

محمد عزو_

“الكاشيون أو الكاسيون”

“الكاشيون” وحسب بعض الدارسين ومواقع البحث؛ من سلالة من “الديلم” ديارهم جنوب بحر “قزوين”، هذه السلالة حكمت “العراق” من “بابل” بعد انهيار دولة “بابل” الأولى في السنوات/1531/ ق. م إلى 1155/ ق.م. ورد أول ذكر لهم أيام الملك الشهير “سامسويلونا”، خليفة “حمورابي”، وتورد منى يوسف نخلة رئيسة قسم الفنون والآثار في الجامعة اللبنانية في كتابها “علم الآثار في الوطن العربي، منشورات جروس برس، طرابلس. لبنان. ص.. 49″، (..والسنة التاسعة من حكمه تدعى “سنة الغزاة الكاشيين، الذين حاولوا مرة ثانية التوغل إلى بابل أيام “أيشوح”) وتشير المصادر التاريخية، أنهم توغلوا فيما بعد في بلاد “الرافدين” عمالا، ولكن في القرن السادس عشر ق. م أصبحوا أسياد مملكة “خانا” (Khana) الواقعة إلى الشمال من مدينة “ماري”، ومن مملكتهم “خانا” اتخذوا نقطة توسع، وحاولوا من جديد احتلال “بابل”، التي حينها كانت محاصرة من قبل ملك الحيثيين “مرسل الأول، “لكن “بابل” صمدت، ولم تسقط تحت سيطرة أحد منهما، لكنها أصبحت تحت سيطرتهم في أيام ملكهم” أرغوم الثاني” سنة/1560/ق.م.

وتشير المصادر التاريخية، آن “الكاسيين” قدموا من جبال “زاغروس”، إلا أن بعض المؤرخون يعدون منشأهم الأصلي بلاد “القوقاز”، والبعض من المؤرخين، ينسب إليهم استعمال العربات ذات العجلات المشعة، التي تجرها الأحصنة، وتم إدخالها إلى بلاد “الرافدين”.

 بقت السلالات الكاشية مسيطرة على مدينة “بابل” حتى عام/1157/ق.م عندما دحر”العيلاميون” آخر ملوكهم (أنليل – نادين -آخي) بالقرب من ضفاف نهر “دجلة”، ومن المعروف، أن “الكاشيين” أخذوا، واعتمدوا على لغة، وعادات، وتقاليد وحتى معتقدات، وآلهة شعوب “بلاد الرافدين”، وكان لهم آلهة خاصة عبدوها إلى جانب الآلهة “البابلية”، كما أنه كانت لهم بعض الميزات، آتوا بها إلى “بابل”، حيث غلبت على فنهم صناعة الأشياء الصغيرة، لاسيما تلك التي تصاغ من الطين المشوي بدرجة /1200/ مئوية، مثل رؤوس البشر والحيوانات، واشتهروا بصناعة حجر الحدود، والمساحة للأملاك الخاصة والعامة، التي كان مدون عليها نصوص مسمارية باللغة “الآكادية”، و”السومرية”، والتي تتضمن اسم المالك وحدود أرضه، واللعنة على من يمسها، أو يعتدي عليها.

اضافة إلى ذلك كانت هذه المسماريات تتضمن رموزاً دينية، وكانت هذه الحجارة مخروطية الشكل، أو على شكل مسلة ونصب تاريخي، والجدير بالذكر، أن أغلب المستفيدين من المدونات، التي هي بمثابة بيانات عقارية بالمفهوم المعاصر، أو كما نقول اليوم شهادات الملكية، هم من “الكاشيين”؛ ما حدا بالكثيرين القول، إن “الكاشيين” كانوا يجسدون مفهوم الصراع الطبقي في مجتمعهم، وأنهم كانوا يمثلون ارستقراطيي عهدهم، أي اقطاعيو زمانهم.

خلاصة الكلام، يمكن القول: إن البلاد “البابلية” في عهد “الكاشيين” شهدت تطورات مهمة، حيث كان هناك حرص على التثاقف، والتعايش السلمي، الذي أسفر عن تطور حركة ثقافية، وعلمية متميزة.