الفنان حمود السليمان: الفن التشكيلي إبداع يخلد عراقة التاريخ ويبرز هوية المنطقة

الرقة/ حسين علي –

الفنان حمود حسن السليمان ولد عام 1963 في مدينة الرقة لأسرة متواضعة، التحق بركب الثقافة والفن يافعاً، حيث برع في فن النحت والديكور والرسم والمجسمات الأثرية، والأواني الفخارية، الرامزة للأصالة والتاريخ.

 وكغيره من الفنانين عانى ما عانوه جراء الحرب في سوريا، لكن هذه التحديات لم تثنه عن متابعة الفن الراقي (الفنون التشكيلية) التي تجسد تاريخ الشعوب، ومن المعروف عن أسرة السليمان، أن لديه ثلاثة أولاد (يزن، وحازم، ويمن) سلكوا التعليم في مجال الهندسة، والحقوق.

انطلق حمود السليمان ابن مدينة الرقة، في تناول الفنون التشكيلية (الرسم والنحت) وتجسيد الواقع، والتاريخ بطريقة الذوق الفني، والذي يساهم في شرح التاريخ وتفصيله، من خلال تلك القطع الأثرية، التي تصور التاريخ، وتراث أهالي المنطقة.

تجربة غنية محلية وخارجية

 عن تجرته، ومن خلال لقاء أجرته صحيفتنا “روناهي” يتحدث الفنان حمود السليمان: “تجربتي في مجال الفن التشكيلي لم تقتصر على مدينة الرقة وحدها، بل المواقع الأثرية السورية وفي المدن كافة، وكما قمت بمشاركات كثيرة في لبنان ومصر، وتركيا، ودول أخرى شارحا وموضحا ومحافظا على تراث وتاريخ بلادي سوريا، وخصوصا مدينة الرقة العظيمة بتاريخها”.

الفن التشكيلي خير معبر عن الهوية الثقافية

تعدُّ الرقة واحدة من أهم المدن التاريخية في سوريا، ولقد شهدت على مر العصور تطورًا ثقافيًا وفنيًا رائعًا، ومن بين الفنون، التي ازدهرت في الرقة، يأتي الفن التشكيلي واحداً من أبرز الفنون، التي تعبّر عن الهوية الثقافية والإبداع الفني للمدينة، ويعود تاريخ الفن التشكيلي في الرقة إلى العديد من الحضارات، التي سادت المنطقة على مر العصور، فقد عرفت المدينة بالفن الإسلامي، والفن العباسي، والفن الأيوبي وفنون متعددة أخرى، في مجالات النحت والرسم وغيرها، وكل من هذه الفترات ساهمت في تشكيل الفن التشكيلي الفريد الذي يميز المدينة.

يضيف السليمان في هذه النقطة: “تتميز الأعمال التشكيلية في الرقة بتنوعها، وتعدد أشكالها وتقنياتها، فهناك لوحات تشكيلية تجسد المشاهد الطبيعية الجميلة للمدينة ومحيطها، مثل نهر الفرات، الذي يعد من المعالم الطبيعية الهامة في المنطقة. كما توجد لوحات تعكس الحياة اليومية لسكان المدينة وعاداتهم وتقاليدهم، وتعتبر العمارة القديمة في الرقة مصدر إلهام للعديد من الفنانين التشكيليين، حيث يحاولون تجسيد جمالها وتفاصيلها الفريدة في لوحاتهم”

محطات فنية في مسيرة حمود السليمان التشكيلية

الجوانب الهامة في الفن التشكيلي في الرقة، هو التركيز على استخدام الألوان والتظليل بشكل متقن، فالفنانون التشكيليون يبدعون بالألوان لتجسيد المشاعر والمشاهد بشكل أكثر حيوية وواقعية، كما يستخدمون التظليل بطرق مبدعة لإبراز الأبعاد والعمق في اللوحات، وتعدُّ الألوان الزاهية والمشرقة جزءًا أساسيًا من الفن التشكيلي في الرقة، حيث تعكس حيوية المدينة وروحها الحضارية، وعلى مر العقود، شهد الفن التشكيلي في الرقة تطورًا مستمرًا، وعرف بوجود فنانين موهوبين ومبدعين، ومع تقدم التكنولوجيا، وانتشار وسائل التواصل الافتراضي، أصبحت الأعمال التشكيلية في الرقة متاحة للجميع، حيث يمكن للفنانين عرض أعمالهم ومشاركتها مع العالم.

الفنان حمود السليمان يشير إلى ذلك في أعمال عدة: “نفذت بانوراما لكافة الآثار السورية بطول 200م منفذة بصالة ارتفاع 22م. تشمل قلعة حلب، وقلعة المرقب، ونواعير حماه وقلعة تدمر، وقلعة دمشق، وبوابة اللاذقية، وباب بغداد وقصور البنات، ومواقع أثرية أخرى، وتم تنفيذها في مدينة دير عطية في سوريا، وساهمت في أغلب الديكورات للأعمال المسرحية والفنية، التي خرجت في فرق فنية كثيرة منها فرقة إسماعيل العجيلي”.

الفن التشكيلي تدوين فني للتاريخ والتراث الوطني

  يعبر الفانون التشكيليون عن الهوية الثقافية للمدينة والتواصل مع المجتمع المحلي والعالم بأسره، ويساهم الفن التشكيلي في إثراء المشهد الثقافي في الرقة وتعزيز الوعي الفني للمجتمع.

وعلى الرغم من الظروف الصعبة، التي مرت بها الرقة جراء النزاعات العسكرية في السنوات الأخيرة، وسيطرة مرتزقة داعش عليها، كفترة زمنية سوداء، إلا أن الفن التشكيلي استمر في البقاء والتطور، فقد احتضنت المدينة العديد من المعارض الفنية وورش العمل التشكيلية، وذلك بهدف إعادة إحياء الحياة الثقافية، وتشجيع الفنانين على الابتكار والتعبير عن أفكارهم، ومشاعرهم من خلال الفن وبوسائل فنية بسيطة، مصحوبة بتصميم وإصرار من الفنانون ومنهم حمود السليمان.

 وفي ختام حديثه يحدثنا حمود السليمان عن أهمية ما يمثله هذا الفن في التنوع المعرفي والفني والإرث الثقافي: “يعد الفن التشكيلي الذي أعمل من خلاله إرثًا ثقافيًا قيمًا، يجب الحفاظ عليه ودعمه، ويمكن أن يلعب الفن دورًا هامًا في إعادة بناء المدينة وتعزيز الروح المجتمعية والتقدم الثقافي، وكما يجب على اللجان المحلية والمؤسسات الثقافية دعم الفنانين، وتوفير المساحات والفرص لعرض وترويج أعمالهم، بالإضافة إلى توفير التدريب والتعليم الفني للشباب والشابات الموهوبين والموهوبات”.

 والجدير ذكره يعد الفن التشكيلي في الرقة جزءًا أساسيًا من التراث الثقافي والفني للمدينة، ويبقى الفنانون ومنهم حمود السليمان يمثل تعبيرًا فنيًا عن الهوية والثقافة المحلية، ويساهم في إثراء المشهد الثقافي والفني في المدينة، وبالرغم من التحديات، لأن الفن التشكيلي يبقى مصدر إلهام وتعبير للفنانين، ووسيلة للتواصل والتفاعل الثقافي في الرقة بثقافاتها المتنوعة.