مكتبات القراءة في مخيمات الشهباء.. بين قلة الإمكانات والتحديات

الشهباء/ فريدة عمر-

يعد إنشاء مكاتب القراءة في مخيمات التهجير القسري في مناطق الشهباء، خطوة فريدة وجريئة، لكسر الصورة النمطية للمخيمات، ودافع لنشر الوعي والقراءة على الرغم من قلة الإمكانات في ظل التهجير.

لعلَ أكثر ما يحتاجه شعب عندما يهجر من موطنه هو الطعام والمأوى، لكن في مقاطعة الشهباء يختلف ذلك، إذ أن مهجري عفرين يخلقون الأمل والحياة من العدم، واستطاعوا كسر النمطية المعروفة عن المخيمات. بدءا من إدارة وتنظيم أنفسهم، والتعاون ومبدأ الروح الكومينالية في الحياة اليومية، وصولا إلى تثقيف أنفسهم ومحاولة التصدي لمخططات الإبادة.

ولعل التشويق وتعزيز ثقافة القراءة عن طريق العديد من البرامج والمشاريع، هي إحدى أهم الأهداف والخطوات، التي يمكنها أن تفرغ جميع وسائل الحرب الخاصة، التي تستهدف الإرادة والمقاومة، وبالتحديد الفئة الشابة والمرأة.

استنادا لذلك، وفي خطوة تعد الأولى من نوعها، تم العمل على افتتاح مكاتب للقراءة ضمن مخيمات مهجري عفرين في مقاطعة الشهباء، وسنسلط الضوء خلال تقريرنا هذا، على مكتبة /القائد آبو/ للقراءة في مخيم برخدان، كمثال لتلك المكتبات، والتي افتتحت بتاريخ 25 كانون الثاني من العام الجاري.

خطوة نوعية وتحد لظروف التهجير

بهذا الصدد؛ التقت صحيفتنا إداري مكتبة /القائد آبو/ في مخيم برخدان بمقاطعة الشهباء، أصلان نبو، حيث أشار نبو إلى أن افتتاح المكتبة في ظل التهجير يعد خطوة نوعية وتحدياً للصعوبات التي تواجههم: “تختلف طبيعة عيش الإنسان المهجر عن الإنسان، الذي يعيش في بيته، وعلى أرضه، سواء من الناحية النفسية أو المعيشية، وبكل تأكيد يؤثر على نفسيته وصحته، وحال مهجري عفرين لا يختلف عن ذلك، إلى جانب استمرار الحصار والهجمات ومخططات الإبادة كافة، إلا أن ذلك دفعهم لانتهاج خط المقاومة بدلا من الاستسلام، وما حققه مهجرو عفرين في المخيمات خطوات تاريخية، ولعل افتتاح مكتبة للقراءة خطوة نوعية وتحد لهذه الظروف”.

نبو أضاف: “إن النطاق الجغرافي الذي يعيش ضمنه المهجرون في المخيمات ضيق، وذلك يخلق الملل والفراغ، وفي حال ترك المخيمات على حالها، سيؤثر على أمن المخيمات؛ لأنها  أكثر المناطق، التي تلعب عليها القوى الخارجية لاستغلال نفسية قاطنيها والتلاعب بها، لذلك ونتيجة لتزايد المقترحات في طرح مشاريع من شأنها تعزيز الواقع والعمل على التشويق للقراءة والمطالعة، تم افتتاح المكتبة ووضع برنامج للقراءة، وصالة مخصصة لكل من يود القراءة فيها، إلى جانب فتح المجال لاستعارة الكتب بشرط استرجاعها ضمن مدة يتم تحديدها من القارئ فور الانتهاء منها”. 

ضعف في التنوع ومحاولات لإيجاد الحلول

ونوه نبو إلى ما تحتويه المكتبة من كتب: “تحتوي المكتبة بشكل كبير على كتب ومرافعات للقائد آبو، لأننا حقيقة بحاجة ماسة إلى تنظيم أنفسنا على فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان، والعمل بكل فاعلية لنشر فكره، لأن مقاومتنا ضمن كل هذه الظروف إلى جانب ما حققناه هو بفضل التسلح بفكر القائد، علاوة على ما تحتوي المكتبة روايات وقصصاً أخرى للأطفال”.

واستكمل، بفعل الحصار لن يتمكنوا من جلب كتب أخرى: “من المتعارف بأن مقاطعة الشهباء تشهد حصارا خانقا من حكومة دمشق، وتمنع دخول العديد من المواد إلى المنطقة، حاولنا قدر الإمكان من الحصول على العديد من الكتب والتنوع فيها، إلا أن الحصار يقف عائقا أمام ذلك، لكن محاولاتنا في زيادة عدد الكتب والتنوع مستمرة، حتى ولو كان عن طريق الإهداء، ولو كتاب واحد من كل شخص ستتنوع المكتبة، إلى جانب أننا نعمل على وضع خطط وبرامج للقراءة للطلبة بشكل خاص، وخاصة أننا مقبلين على فصل الصيف”.

هل تمتلك المكتبات في المخيمات الجهوزية اللازمة لتكوين جيل جديد من القراء؟

وحول إمكانية بناء جيل جديد بذهنية وفكر متنور ومتميز، لتكون المكتبة جزءاً من ذلك، قال أصلان نبو: “إننا نعمل بكل طاقتنا، لأن تكون المكاتب منبعاً لإنشاء جيل جديد من القراء، والتشويق على نشر ثقافة القراءة مجددا، في وقت تكاد أن تذهب نحو الزوال، وفي عصر لا يحبذ فيه المرء أن يكون واعيا وقارئا، وكلنا أمل أن تكون هذه الخطوات منبعا ومنبرا للثقافة ونشر الوعي”.

سنحطم معا محاولات طمس هويتنا

وأكد أصلان نبو في ختام حديثه، على النضال في وجه مخططات الإبادة الثقافية وطمس هويتهم: “إننا على مدار أكثر من ستة أعوام نسطر مقاومة تاريخية، هذه المقاومة ليست جزءاً من الأفلام والأساطير، إنما حقيقة نعيشها كل يوم، ومقاومتنا ستنتصر وسنحطم محاولات إبادة الثقافة وطمس هويتنا”.

والجدير ذكره، بتاريخ 23 أيلول من العام 2018، تم افتتاح أول مكتبة /مكتبة سردم/ في مخيمات التهجير القسري في مخيم سردم بمقاطعة الشهباء، وجمعت الكتب من تحت الأنقاض، وتحتوي المكتبة اليوم المئات من الكتب من مختلف الأجناس، وباللغتين الكردية والعربية، لتكون مكتبة /القائد آبو/ في مخيم برخدان ثاني مكتبة يتم افتتاحها.