كروب روناهي ـ
في اليوم العالمي للطفل يتأرجح كف ميزان حياة أطفال شمال وشرق سوريا بين حضن يحتضنهم ويسعى إلى تحقيق مطالبهم واسترداد حقوقهم وبين مخالب محتل يحاول بشتى الوسائل اغتصاب حقوقهم قسراً.
تكمن أهمية اليوم العالمي للطفل الذي أُعلِن عنه عام 1954 ليُحتفل به كل عام بتاريخ 20 تشرين الثاني في أنه يوم جديد كتاريخ لتعزيز الترابط بين أطفال العالم وإذكاء الوعي بينهم وترجمة جميع النقاشات التي تحصل بشأن الأطفال على أرض الواقع لبناء جيل أفضل.
الواقع الذي يعيشه الأطفال في جميع أنحاء العالم هو مزيج بين العنف والحرية، ففي البلد الواحد هناك نماذج مختلفة من المشهد الطفولي؛ فهناك من يحتاج إلى مدافع يدافع عن قضيته وهناك من يحتاج إلى مساندته ودعمه لتحقيق المزيد من التقدم.
قتل واغتصاب واعتقالات بفعل المحتل
في شمال وشرق سوريا أيضاً تتواجد هكذا مشاهد فبعد الاستقرار الذي عززته الإدارة الذاتية والاهتمام بالشأن المجتمعي كغيره من الشؤون والذي كان للطفل حصة منه بإقامة مشاريع خاصة به سعى المحتل التركي إلى توجيه بوصلة تخريبه نحو المجتمع ذاته بتهجير أبنائه وتشريدهم وقتلهم واغتصابهم أمام مرأى العين دون أن يتواجد سامع لأنين أطفال كانوا قد رسموا لأنفسهم حياة مستقرة مقارنةً مع الحياة التي كان يعيشها الأطفال في باقي المناطق السورية بعد اندلاع الحرب فيها.
وكما وثّقه مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا، فإنه قتل 198 طفلاً، وإصابة 30 آخر منذ بدء التوغل التركي والهجوم على مدينة عفرين في 20 كانون الثاني 2018م، بما فيها احتلال سري كانيه وكري سبي/ تل أبيض في 9 أكتوبر 2019م حتى 20 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الجاري 2021م.
وأيضاً أحصى المركز مقتل 96 طفلاً دون سن الـ 16 من قبل الجندرمة التركية على الحدود السورية، كانوا برفقة عائلاتهم ويرغبون في اللجوء إلى تركيا فارين من المعارك الدائرة في بلادهم منذ أكثر من ثماني سنوات، إضافة لمقتل 67 امرأة، من أصل 511 لاجئاً قُتلوا منذ آذار 2011 من الفارين باتجاه الحدود التركية.
إلى جانب مقتل 19 طفلاً أثناء الهجوم التركي على مدينة عفرين وإصابة 35 بجروح بينها حالات بتر أطراف، إضافة لمقتل 25 طفلاً في القصف التركي على مناطق كري سبي/ تل أبيض وسري كانيه وإصابة 42 بجروح، وقتل طفل واحد في القصف التركي على بلدة تل رفعت بريف حلب وأصيب 15 بجروح، إضافة لمقتل أطفال في التفجيرات التي تستهدف المناطق التي احتلتها تركيا في شمال وشرق سوريا، بينهم أطفال قُتلوا نتيجة الاقتتال بين الفصائل نفسها.
كما كشف المركز قيام جيش الاحتلال التركي، والفصائل السوريّة الموالية باعتقال 187 طفلاً دون الـ 18 عاماً، من أصل 7971 شخصاً في المعتقلات منذ آذار 2018، ومازال مصير نصفهم مجهولاً، كما أنه ومنذ إعلان تركيا الهجوم على مناطق شمال وشرق سوريا في 9 تشرين الأول، قامت الفصائل الموالية لتركيا باعتقال 23 طفلاً.
وتضمن التقرير أيضاً توثيق 32 حالة على الأقل لتعذيب أطفال، في سجون الفصائل الموالية لتركيا في إعزاز وعفرين وكري سبي، حيث وثّق بأشرطة مصوّرة ربط لطفل في مدينة إعزاز من قدميه وتدلى رأسه للأسفل وتم ضربه بالسياط مراراً، فيما حوله أُناس يعطون تعليمات للشخص الذي يعذب الطفل.
كما وثّق المركز إجبار 43 فتاة من الزواج من مسلحي الفصائل في منطقة عفرين، تحت تهديد وابتزاز ذويهم، وخمس حالات زواج قسري في مدينة جرابلس وأربع في كل من مدينة إعزاز والباب، منهن ثلاث دون سن الـ 18.
كما وثّق تعرّض 22 امرأة للاغتصاب منهن 3 دون سن 18، من قبل قادة وعناصر الفصائل ثلاث فقط أبلغنَ عن الحادثة، تم توثيق 7 حالات قتل تحت ذريعة “جريمة شرف” بينهم 4 من قِبل قادة الميليشيات الموالية لتركيا/ فصيل العمشات، فرقة الحمزة.
آمال أطفال مُهجّرين في يومهم العالمي
أطفال هُجّروا مع عوائلهم من بيوتهم بعد احتلال تركيا موطنهم فوجدوا في المخيمات التي أنشأتها الإدارة الذاتية كحضن تحتضن كل مُهجر ونازح لم يعد له بيت يأويه، وهنا أتى دور المنظمات الإنسانية التي تدّعي دوماً أن مهمتها ووظيفتها وهدفها الأساسي هو الإنسانية تلك المنظمات التي لم
تلعب دورها البت في تقديم المطلوب للمهجّرين وخاصةً للأطفال فبقوا في المخيمات يقاومون برد الشتاء وحر الصيف وكلهم أمل وثقة في استرجاع موطنهم وتحرريه من المحتل والمرتزقة الذين نشروا فيه جميع أشكال العنف والاستيطان والتغيير الديمغرافي. أطفال مخيم مهجري كري سبي يأملون بالعودة إلى ديارهم بعد تهجيرهم منه قسراً من قِبل المحتل التركي ومرتزقته على إثر العدوان الذي شنته في التاسع من شهر تشرين الأول من عام 2019، والذي أفضى إلى احتلال مدينتهم وقراهم.
الطفل محمد الحمود يصور مشهد الاحتلال الذي حرمه من حقوقه فيقول: “عندما احتلت تركيا ومرتزقتها مدينتنا منذ عامين كان عمري 13 عاماَ كنت أدرس في مدرسة مدينتي (كري سبي/ تل أبيض)، وأمارس حياتي الطبيعية وكافة هواياتي التي لطالما أحببتها كلعب كرة القدم، واللعب مع أصدقائي في الحي، إلا أن الاحتلال نسف كل هذه الحياة التي كنا نعيشها آمنين، ليجعل المحتل حياتنا ومستقبلنا غامضاً”.
للطفل محمد الحمود آمال رسالة يوجهها للمجتمع الدولي والمنظمات الأممية لعلهم يستجيبوا له “بمناسبة اليوم العالمي للطفل يجب على المجتمع الدولي وكافة المنظمات المعنية والأممية التي تعنى بحقوق الطفل بالتدخل والضغط على الدولة التركية المحتلة للخروج من أراضينا لتأمين عودة آمنة لنا إلى ديارنا، ونمارس حياتنا كأطفال بشكلٍ طبيعي”.
سهم المقاومة سيخرق غطرسة المحتل
![]()
طفل آخر من المخيم ذاته يرى في المقاومة والنضال الحل الأمثل لمواجهة المحتل الطفل بسام الحمد يؤكد بأن إرادة المقاومة والنضال لديهم قوية، ومعنوياتهم عالية، ولن تنال منهم ممارسات المحتل، فهو الآن يمارس أبشع الجرائم بحق من تبقّى من أطفال ونساء وأهالي آخرين في المناطق التي يحتلها، وينتهك كافة الحقوق التي يجب أن يتمتع بها أي طفل في العالم، حيث أن أغلب الأطفال في تلك المناطق محرومين من حق التعليم.
طفل آخر من المخيم ذاته يرى في المقاومة والنضال الحل الأمثل لمواجهة المحتل الطفل بسام الحمد يؤكد بأن إرادة المقاومة والنضال لديهم قوية، ومعنوياتهم عالية، ولن تنال منهم ممارسات المحتل، فهو الآن يمارس أبشع الجرائم بحق من تبقّى من أطفال ونساء وأهالي آخرين في المناطق التي يحتلها، وينتهك كافة الحقوق التي يجب أن يتمتع بها أي طفل في العالم، حيث أن أغلب الأطفال في تلك المناطق محرومين من حق التعليم.الحمد تعلم الكثير في مدرسته ومنها الثقة بإرادتهم التي لن تلين أبداً أمام غطرسة العدو والنصر سيتحقق لا محال “لدي أمل كبير في العودة إلى بلدتي المحتلة (السلوك)، لأنني ولدت في تلك المنطقة، ولن يكون لي مستقبل سوى هناك بجوار أرضي ومدرستي، لقد تعلمت من الدروس التي تلقيتها في المدرسة بأن المحتل مصيره الزوال، وإن طال الزمان”.
آمال الأطفال المهجرين بالعودة إلى ديارهم وإكمال مشروعهم المستقبلي فيه كتبت على لائحة مطالبهم في اليوم العالمي للطفل في هذه السنة لعل أعين تراها وآذان تسمعها ويد تدعمها.
المسؤولية تجاه الأطفال
مناطق شمال وشرق سوريا كغيرها من المناطق السورية عانت من الحرب والأزمة التي لا زالت مستمرة إلا أن الإدارة التي تديرها لم تصمت حيال ما يحصل في المجتمع فكانت ثورتها ثورة نسوية مجتمعية قبل كل شيء ولعل الاهتمام بالطفولة وإبعادهم عن أجواء الحرب ومعاناتهم من المشاريع التي أولت بها الاهتمام.
ولأن للحرب تأثير على الأطفال فقد كان لهم ميل نحو الانضمام إلى المجال العسكري علهم يدعموا قواتهم العسكرية في الدفاع عن أراضهم وتحرير ما تم احتلاله، إلا أن الإدارة الذاتية لم تقبل ذلك ووجدت في عودة الأطفال إلى أحضان مدارسهم هو الحل الأفضل والأنسب فكان تأسيس مكاتب لحماية الأطفال في النزعات المسلحة دور في هذا الشأن، ففي أغلب مناطق شمال وشرق سوريا ومنها قامشلو والحسكة ومنبج مكتب خاص بهذا الشأن.
![]()
وبخصوص دور تلك المكاتب في إعادة الأطفال إلى مقاعد الدراسة لممارسهم حقهم في التعليم أفادنا الرئيس المشترك لمكتب حماية الطفل في النزاعات المسلحة في مدينة منبج عمر سعيد مشيراً حال الأطفال في فترة الحرب السورية “هذه الحرب أثرت على مناطق شمال وشرق سوريا لكل شعوبها ومكوناتها، وكان تأثيرها كبيراً على الأطفال باعتبارهم الحلقة الأضعف في المجتمع”.
وبخصوص دور تلك المكاتب في إعادة الأطفال إلى مقاعد الدراسة لممارسهم حقهم في التعليم أفادنا الرئيس المشترك لمكتب حماية الطفل في النزاعات المسلحة في مدينة منبج عمر سعيد مشيراً حال الأطفال في فترة الحرب السورية “هذه الحرب أثرت على مناطق شمال وشرق سوريا لكل شعوبها ومكوناتها، وكان تأثيرها كبيراً على الأطفال باعتبارهم الحلقة الأضعف في المجتمع”.وتابع: “نحن كمكاتب لحماية الطفل في شمال وشرق سوريا، حاولنا تقديم كل ما نملك لهم بدءاً من استقبال شكاوى الأهالي بخصوص تجنيد أطفالهم بقوات سوريا الديمقراطية ومعالجة عدد لا بأس به من الشكاوى، واستطعنا رسم البسمة والأمل لكثير من العوائل والأطفال من خلال استرجاع أطفالهم أو استبعادهم أو تسرحيهم من كل مكونات قوات سوريا الديمقراطية”.
وأضاف: “كذلك أصدر مكاتب حماية الطفل في شمال وشرق سوريا تعميم رقم /2/ الخاص بعمالة الأطفال حيث بيّن التعميم الأعمال الخطيرة والخطيرة جداً التي لا يمكن للأطفال العمل بها مما يشكل خطراً على بنياتهم وجسومهم، في المقابل أوضح الأعمال المفيدة لهم التي من الممكن العمل بها بعد الحصول على ترخيص لمزاولة هذا المجال من مكتب الطفل، وحدد مكتب حماية الطفل العديد من الشروط المشددة للعمل من ذلك؛ إذا كان الطفل أقل من عشر سنوات يمنع عمله منعاً باتاً وأن يكون عمله خارج أوقات الدوام الرسمي للمدرسة”.
يد واحدة لا تُصفِّق
![]()
وكشف أيضاً بأن الهدف من القيام بإحصاء عدد الأطفال العاملين إحصاءً دقيقاً هو من أجل معالجة عمالة الأطفال والحد منها والقضاء عليها مستقبلاً والحد من ابتزاز واستغلال أصحاب أرباب العمل وجعلهم عمالة رخيصة. مبيناً بأن الغاية من القانون أن يكون هناك سنداً قانونياً يحمي الطفولة والأطفال في هذا المجال بشكلٍ عام.
وكشف أيضاً بأن الهدف من القيام بإحصاء عدد الأطفال العاملين إحصاءً دقيقاً هو من أجل معالجة عمالة الأطفال والحد منها والقضاء عليها مستقبلاً والحد من ابتزاز واستغلال أصحاب أرباب العمل وجعلهم عمالة رخيصة. مبيناً بأن الغاية من القانون أن يكون هناك سنداً قانونياً يحمي الطفولة والأطفال في هذا المجال بشكلٍ عام.وفي ختام حديثه يرى الرئيس المشترك في مكتب حماية الطفل في النزاعات المسلحة بمنبج عمر سعيد بأنه يجب أن يكون هناك تعاون بين جميع المراكز المعنية بالشأن الطفولي لتحقيق مكتسبات أفضل لعالم الطفولة: “نحن كمكاتب حماية الطفل لن نستطيع القيام بكل المجهود لوحدنا فحسب لذلك ينبغي أن نتكاتف كمجتمع بأكمله؛ كإدارات ومؤسسات ولجان ومنظمات محلية ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمات مجتمع مدني؛ لنتمكن من رسم السعادة والبسمة على وجوه أطفالنا باعتبارهم هم مستقبل شعوب شمال وشرق سوريا”.
الطفولة في حضن الإدارة
في مناطق شمال وشرق سوريا هناك الكثير من الهيئات التي تُعنى بشأن الأطفال كهيئة التربية والتعليم التي أنشأت الكثير من الروضات والحضانات كخطوة لدعم الأطفال والأمهات العاملة معاً إلى جانب ذلك هناك هيئة مسؤولة عن الشؤون الاجتماعية تُعنى بالأطفال وبالمجتمع ككل باسم هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل فقد كان لهم مشاريع أنجزوها كدعم للأطفال وفي اليوم العالمي للطفل يمكن تسليط الضوء عليها، بالإضافة إلى الخطة المستقبلية التي من خلالها سيضفون السعادة والبسمة على وجوه جميع الأطفال.
وكانت قد كشفت الهيئة عن الأعمال المنجزة خلال عام 2021 على موقعها الرسمي والتي كان قد تركزت العمل على المخيمات بتوسعة عدد من المخيمات كالمحمودلي وكري سبي/ تل أبيض، وواشو كاني، بالإضافة إلى افتتاح دار لرعاية أطفال الشهداء ودار لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في إقليم الجزيرة، ناهيك عن دعمها لمشاريع لجانها في الإدارات كمشاريع ذوي الاحتياجات الخاصة كمركز ذوي الاحتياجات الخاصة في منبج، ومركز رنكين في الحسكة ومركز الشهيد بشير الهويدي في الرقة، ومركز نودم في إقليم الجزية وجميع تيريج في كوباني، حيث كان الدعم مادياً إلى جانب تأمين جميع المستلزمات لها.
أما عن مخطط الهيئة لعام 2022 فأنها تتضمن استكمال المشاريع التي لم تُنجز في عام 2021 فهناك أعمال أخرى يجب أن تنجز في المخيمات فبعد التوسعة مازال قاطنوها بحاجة إلى مدارس ومراكز صحية. كما أن مشروع افتتاح مركز رعاية أطفال الشهداء ممن لا معيل لهم من عمر يوم واحد حتى 15 ربيعاً ليضمن لهم الغذاء والإقامة والمدارس والروضات والأنشطة الترفيهية إلى جانب الرعاية الصحية.
وتبقى النقاشات التي تحصل بشأن الأطفال من أجل تتويجها في اليوم العالمي للطفولة برنامج يجب أن يُطبق على أرض الواقع فصرخات الأطفال المعنفين في الحرب ودموعهم لدى تهجيريهم قسراً وراية المقاومة التي يحملونها لاسترجاع ديارهم، وبسمة الأمل على وجههم كلها ملامح يجب رؤيتها والعمل على إيجاد حل لمطالبهم.
