سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الحزن في ضوء القمر

أحمد ديبو_

بأي لغة أحتفي بشاعر من طراز محمد الماغوط؟ بشاعر كهذا الشاعر “البدائي”، المكتمل اللغة منذ البداية، ذي الموهبة الرائية العارفة كعيني صقر، والجارحة كطعم العسل المكثّف، والحقيقة كصرخة اللحم الحيّ، والمغدقة بدون حساب وقواعد، والمنبجسة انبجاساً، والنازفة كما الينبوع الذي ينادم لياليه، ضائقاً ذرعاً بأسراره وبانتظارات الباطن، إلى أن يحلّ عليه فجر الخروج إلى سيولة اللذّة والشبق!.
لا أدري بأي لغة أقترب من شاعر، كهذا الشاعر الماطر المقامر، الذي يبذل روحه برمتها على الطاولة، كثروةٍ لا ضرورة لها، وتوّاً، ودفعةً واحدة، وبلا تمهيد ومقدمات، مضافة إلى حياتهن التي يريقها إراقةَ من يتلذّذ بمشاهدة أيامه مسفوحةً بكامل همجيتها، وحواسها ونزقها، وهوسها وضحكتها الساخرة ومراراتها السوداء!
لا أدري بأيّ لغة اقترب من شاعر، كهذا الوحش البريّ، الآتي من أدغاله وأعاليه إلى المدن والأوطان، بكامل فؤاده وجلافته وبربريته العذبة، ومعه لغةً جمّة، ذات صور مذهلة لا تحتاج إلى براهين؛ كي تخترق، وتمتلك، وتأسر، بل تنتظر بالتنهدات والرغبات المكبوته! ولا أدري أيضاً وراء أيّ ذهول يحتمي القارئ؛ عندما يقرأ شاعراً كهذا الشاعر المرصود لغرائزه القصوى، والمحقون بعواصفه، والمبدَّد بين نيازكه وغيومه، مبتسماً كرجل ميت، نازلاً كسيول جارفة، كجبال تمنحنا براكينها أن تسيل بلا انتباه، كجحيم مفتوحة على لعناتها من دون أن تكف، وتتراجع لحظة إلى الوراء، في ارتدادة خوف، أو في إعادة نظر!.
فأي شاعر هو هذا الشاعر، لا تحول دونه حافاتٌ ولا هاوياتٌ، ولا يبالي بتنكيل الهواجس، ولا بهول ما يجتمع بين ضلوعه وحنايا قلبه، مغمضاً عينيه؛ كي لا تفرّ منه الرؤى، برعونة طفل يرى في لحظة صعق واحدة، فيهجم بجسده ويديه وجميع حواسه، لينام على النار، ويحميها، ويحتمي بها، ويحتويها، ويصير تابعاً لها.
ومعه في هذا الهجوم الوحشي قلبه الجريح الخائن، وحدس الطفولة، وفطريتها، وعبقريتها، وسذاجتها، وبراءتها، وشرائط أحلامها وخيالاتها!
يذهب الماغوط إلى بيروت، مدججاً بغاباته ووعوله، وأنهاره كمن يحمل خياله المراق فوق بياض الصفحات، شبيهاً بسرب أفراس، وخيول تجمع، بالشعر والنثر معاً، إلى حيث لا حدود ولا حواجز، فهل من لغة تليق بمجده سوى الاعتراف، الذي يؤكد نبوغ الأشياء، واكتفاءها بذاتها!
شاعرٌ هو محمد الماغوط وكفى، فلا شيء يزداد لتجميل هذه الكلمة، أو لتكريمها والترويج لها. فمثله، شاعرا، لا يريد شيئاً، ولا يلوي على شيء.
ميزته أن يأتي إلى الكلمات، مرّة واحدة، وفي قصيدة واحدة. صحيحٌ أنه وضع أكثر من ديوان ومسرحية، وأنّه لا يزال حتى الآن يشعل حرائقه منثورة ومتأججة، وصحيح أن أعمال محمد الماغوط، صدرت عن “دار المدى” في عام 1998 في نحو من 600 صفحة، لكن شاعراً كهذا من صفاته أنه يقول كلمته ويمشي، وإذا استعدنا تلك الكلمة، فكمن يعيد التذكير بأن قصيدة واحدة تكفي.
فهو يدلق سيولة روحه، وأثقال كتفيه، كمياه الشتاء أو كثلوج الأعالي، لتتكئ على السطوح في أعالي الأنفة والكبرياء، أو لتنزل إلى الأعماق، وطيات الروح. بل أكاد أقول إنه يفعل ما يفعل، ونباهته الشعرية – الملآى جرفاً شعرياً ونثرياً، وسرداً وبلاغةً، كما الملآى عدوانية وشراسة، ورقة وجموحُ تشبيهات، وصورٍ وخيال، خلوٌ من هول الحكمة الباردة وفظاظتها، بل ومن صلف العقل معاً.
اليوم وبعد اثنين وأربعين عاماً، على صدور ديوانه الأوّل “حزن في ضوء القمر” (1959)، لا يزال الماغوط حاضراً بيننا، حتى قعر الهجسة، وجسدانيته ولذائذه وأعماق بوهيميته وصرخاته ولجلجات أنفاسه، مستخفاً بما يُراد للشاعر أن يكون، كائناً عاقلاً وأنيقاً في لغة عاقلة وأنيقة، لكن…. ميتة.
وهو حاضرٌ فيما كتب آنذاك، إذ يكفي أنّه كتب ليكون فحسب، فشعره لا يحتاج إلى براهين دائمة ومتجددة، فبرهان واحد يكفي؛ لأنه شاعر تلتهمه روحه ويلتهمها، لتروح تبدّد نفسها فوق بياضٍ كريمٍ، لا يوازيه في نصاعته إلا بياض كلماته وأنينها، وإن محمولةً أحياناً على تبليغ وتوضيح وإنشاء وبحبوحة ألفاظ، وإضافات، وإفاضات.
إنه من عهد الينابيع وبياض القمر، فلا يأس إذا كان شعره هادراً وفوّاراً وهاجماً بشراسة وحش جريح.
لماذا أتحدّث عن محمد الماغوط بهذه اللغة؟، عن هذا الشاعر الذي يقول: “عيناي زرقاوان من كثرة ما نظرتُ إلى السماء وبكيت”؟، عن هذا الذي يصرخ ” آه كم أود أن أكون عبداً حقيقياً بلا حب ولا مال ولا وطن”؟، عن حارس الليل هذا، عن هذا الطفل الكبير البدائي، الشرس، العاشق، الرقيق، الشبح، الغريب، المجهول، الساهر، المتسكّع، المسافر، المهرّج، المعربد، الشتّام، الصارخ، المعترف، السكّير، المتشرد، الحزين، اليائس، المدخّن، الباحث عن الحرية، العاهر، الحقيقي، العاري، المستعير لغة اللحم الحي، الشرقي البدوي، الوحيد، القاسي، الفاشل، الخائب، الثائر، المتمرد، والمتألم كالماء حول السفينة….؟.
لأن تجربته الشعرية، منذ زمن الستينات الباهر، هو، وأنسي الحاج (على ما لدى الثاني من وهج شعريّ كياني، يرتبط بتجربته، ومن خصوصية كاملة في الهجس، والرؤيا، واللغة، والثقافة، وابتعاد المرمى)، – أكثر من أيّ شعر لبناني أو عربي، حديث، آخر – التجربتان اللتان جعلتاني أؤمن (وقبلهما، زمناً، بدر شاكر السياب من موقع شعري آخر ومختلف، موزون ومفعّل)، بأنَّ الشعر العربي “الحديث”، وقصيدة النثر تحديداً- جديرٌ إلى هذا “النوع” من شعر الحداثة العربية بالذات، شعر التجربة الذاتية حصراً، متمثلاً، هنا، بشعر الماغوط، هو، في العربية، الشعر، الذي أراه يخرج من البئر الأشدّ ارتباطاً بالأنا، والأكثر ذهاباً في جوهر التجربة الذاتية، وتجذّراً فيها.
أي أنه شعرٌ ينبع في طبقات العتمة الداخلية، وينبجس فيها، ممسكاً بتلابيب البداهات الروحية القصوى، آتياً من فرادة الأماكن، التي تجتمع فيها “حقائق” الباطن والأسرار واللقى والدهشات.
 ثمة تجارب شعرية عربية كبرى، وأخرى، مختلفة، كثيفة ومتنوعة، لكن هذا النوع “من الشعر يؤتى له، أن يكتب، مرّة، أو مراراً، وأن يُكتب مجدداً على أيدي رواده، وأن ينتظر جديده في السبعينات، والثمانينات، والتسعينات…، والى ما شاء الشعر، على أيدي شعراء آخرين وجدد أيضاً، بلا تكرار، ليصيب.
في رأيي الشخصي، في مكمن مختلف عن غيره، مقتل “الحقائق” التي أحبّ أن يقترن بها التعريف بالشعر، والتعرّف إليه.
وهي “حقائق” الشعر الكوني في كلّ لغة وفي كل مكان وزمان. يقول الماغوط:
“ولدت عارياً، وشببتُ عارياً كالرمح كالإنسان البدائي”، وأيضاً “يخيَّل إليَّ أنني أكثر الأموات كلاماً/ لقد جئت متأخراً إلى هذا العالم/ كزائر غريب بعد منتصف الليل”، و”لا شيء يربطني بهذه الأرض سوى الحذاء”، ف “أيها المارة/ أخلو الشوارع من العذارى/ والنساء المحجبات…./ سأخرج من بيتي عارياً/ وأعود إلى غابتي”.
فبمثل نزف هاتين الوحشية والبدائية، وبمثل هذا العدوان الزاخر بغريزة الشعر، يكتب الماغوط حياته ونثره وشعره، وقد صعقني ما يكتبه؛ فأحببته عندما قرأته للمرة الأولى، أوان كنت في الصفوف الثانوية، ولا أزال أحبه.
فهذا الذي قال يوماً: “سئمتك أيها الشعر، أيها الجيفة الخالدة/ لبنان يحترق/ يثب كفرس جريحة عند مدخل الصحراء”، “ضمَّني بقوة يا لبنان/ أحبك أكثر من التبغ والحدائق”، ” لا أشعار بعد اليوم/ إذا صرعوك يا لبنان/ وانتهت ليالي الشعر والتسكع/ سأطلق الرصاص على حنجرتي”، مثله، شاعراً، لا يحتاج أن أحد يدل عليه بصفة شاعر، لأن حياته بقضها وقضيضها هي المغامرة الشعرية والحريّة.

kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle