الإسلام والديمقراطية ـ3ـ

محمد القادري-

ومن بعد سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام كان هناك الكثير من الأنبياء في بني إسرائيل، قال فيهم الله سبحانه وتعالى: (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) 159- الأعراف. منهم النبي الذي طلبوا منه أن يعين لهم ملكاً فقال لهم: (إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً)، ولم يقل أنا الملك ثم إنه بعد ذلك تنازل طالوت نفسه لسيدنا داوود عليه الصلاة والسلام عن الحكم والملك.

سيدنا داود عليه الصلاة والسلام: قال له الله سبحانه وتعالى: (يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله).

وذلك بعد أن دخل عليه خصمان وطلبا منه أن يحكم بينهما ونبهاه ألا يخرج عن الحق: (فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط). وعندما عرضت عليه قضية دخول الغنم في الزرع وإتلافها له شارك ابنه سيدنا سليمان في الحكم، فحكم كل منهم بحسب فهمه للقضية وكان حكم سليمان هو الأصوب.

سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام: آتاه الله سبحانه وتعالى ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده حيث كان جنوده من الجن والإنس والطير، ورغم ذلك سمع صوت فرد صغير جداً من شعب مملكته وهي النملة، وحاور الهدهد عند رجوعه من سبأ حيث قال لسيدنا سليمان: (أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين)22-النمل.

فقبل جوابه وأرسله بكتاب كريم إلى ملكة سبأ، وعند وصول الرسالة عرضتها على مستشاريها لمشاركتها في أخذ القرار بديمقراطية واضحة، فقرروا ذهابها إلى سليمان عليه الصلاة والسلام، وفي مجلس سيدنا سليمان كان يتسابق الجن والإنس على خدمته ومعاونته على حكم الدولة، وعندما دخلت عليه ملكة سبأ لم يجبرها على ترك دين قومها، وهو عبادة الشمس من دون الله، بل ناقشها في عرشها ثم قيل لها ادخلي الصرح، بعد ذلك قالت بكامل إرادتها وبدون إكراه: (قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين) 44- النمل.

سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام: لم يسعَ إلى الحكم أبداً حتى أنه لما حكموه في المرأة الزانية، رد الحكم إليهم ليحكم الشعب نفسه بنفسه ولكن بضمير حي حيث قال لهم: (فليرمها أو ليرجمها من ليست له خطيئة) آمن به محبة وطوعاً من دون إكراه اثنا عشر من أصحابه المقربين، شاركوه في حياته ونشر تعاليمه وورثوا الحكمة والبشارة من بعده، ولم يسعوا إلى الحكم والسلطة والملك، وهم الحواريون الذين طلبوا منه أن ينزل عليهم مائدة من السماء فنزلت على رغبتهم، وهم الذين أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بشريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الإسلامية أن يكون مثلهم فقال عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار فآمنت طائفة من بني اسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فاصبحوا ظاهرين).

الإسلام والديمقراطية في شريعة سيدنا محمد (ص) ارتبط اسم الإسلام ارتباطاً كاملاً وتاماً بشريعة سيدنا محمد (ص)، حتى أن أتباع الشرائع الأخرى قد لا تقبل اليوم أن توصف بالإسلام.

وفي الحقيقة أن الله سبحانه وتعالى أكمل دينه وأتم نعمته علينا بجعله الشريعة والمنهاج المحمدي آخر الشرائع الإسلامية ظهوراً. (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً)3-مائدة.

نأتي إلى مصادر التشريع في المنهاج المحمدي (ص).

القرآن الكريم: هو كلام الله سبحانه وتعالى الذي شرع هذا الدين وهو يصف نفسه فيقول: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) 23-الأنبياء.

ومع هذا خلق الخلق من غير حاجة إليهم وهو عالم ما سيكون منهم.