الأمير الموكرياني بوداخ سلطان.. مؤسس “مهاباد”..

يعود أصل الأمير الموكرياني بوداخ سلطان” إلى سلالة “سارم بك موكري”، وعرف كذلك بـ (بداق سلطان بن شير خان ابن شيخ حيدر)، و”سارم بك موكري” هو ابن “سيف الدين موكري” مؤسس إمارة موكريان الكردية.

حَكمَ “بوداخ سلطان” إمارته “إمارة موكريان” الكردية في البداية من بلدة ميراوا أو (ميرآباد) الواقعة قرب مدينة أورمية في شرق كردستان “روجهلات كردستان”، ومن ثم توسعت إمارة موكريان في عهده، لتشمل أراضي شاسعة تمتد من جبال قنديل إلى مدن أورمية ومراغة، بعد أن عقد السلام مع الملك الصفوي “شاه عباس الثاني” في عام 1060 هـ / 1651 م، انتقل “بوداخ سلطان” إلى موقع (ساوج بلاق ـ سابلاخ)، وأسس هناك مدينة باسم مدينة (ساوج بلاق ـ سابلاخ)، وهي مدينة (مهاباد) الحالية في إقليم موكريان ـ شرق كردستان، واتخذ من مدينة ساوج بلاق (مهاباد الحالية) عاصمة لإمارته إمارة موكريان، وكلمة (ساوج بلاق) هي كلمة مغولية، حيث اطلق المغول أسماء مغولية علی الكثير من مدن وقری، وجبال كردستان، وذلك بعد غزوهم لكردستان، ولازالت الكثير من مدن وقری وجبال كردستان، وأغلب الأماكن في إقليم موكريان تحمل أسماء مغولية، حتى أن اسم الأمير بوداخ سلطان (بوداق) هو اسم مغولي.

بعد أن استقر “بوداخ سلطان” في عاصمته الجديدة (ساوج بلاق ـ مهاباد) ، باشر في عام 1084 هـ / 1673م، ببناء جسر على نهر مهاباد، و سماه “بردي سور Pirdî Sor” أي الجسر الأحمر، وفي عام 1678 م، قام ببناء مسجد كبير في المدينة (تشير كتابات المسجد إلى أنه أكتمل بناؤه في العام 1089 هجري) ، وسماه “مزكَوتي سور Mizgewtî Sor” أي المسجد الأحمر، ويُستخدم المسجد الآن، المسمى “الجامع الكبير Mizgewtî Gewre” أيضاً للمناسبات الدينية، التي تقام في مدينة مهاباد، بما في ذلك صلاة الجمعة، أما الجسر الأحمر، ولأسباب غير معروفة، فقد تم تدميره أثناء بناء سد مهاباد، وذلك رغم إن الجسر الأحمر (Pirdî Sor) لم يكن يشكل عائقاً أمام سد مهاباد، ومن الأعمال القيمة الأخرى للأمير الكردي (بوداخ سلطان) هو بناء المكتبة الكبيرة في مدينة مهاباد، والتي خصصها لمحبي العلم والمعرفة، وكذلك بناؤه لسد على نهر (ساوج بولاق ـ مهاباد) وقناة المدينة، والعديد من مراكز استراحة القوافل (كاروانسرا) والحمامات وأعمال أخرى، والتي تم تدمير العديد منها.

ومن الأعمال الأخرى المنسوبة إلى عصر (بوداخ سلطان) هي: جسر “سلطان” علی نهر (سيمينة) في قرية (زيراندول) التابعة لمدينة بوكان. سَد (لج)، سَد (دارة لَك)، كوخ كورتَك في قرية (رفتة) علی طريق مهاباد ـ سردشت.

حظي الأمير الكردي الموكرياني “بوداخ سلطان” أو (بداق سلطان)، الذي لطالما تم الإشادة باسمه في التاريخ الاجتماعي للمنطقة، بتقدير واحترام كبير من قبل سكان إمارته، وذلك لما قدمه لهم، وللإمارة من خدمات وإنجازات يشهد عليها التاريخ، وكان للأمير “بوداخ سلطان” ستة أبناء، وهم: عبد الله بك، سهراب خان (زوراو خان)، موسى سلطان، أيوب بك، بهرام بك (بارام بك)، يحيى بك، وله خمسة بنات، وهن: نيلوفر، بريزاد Perîzad، بيكار، جوهر، ماه جهان، أما أسماء زوجاته: زلق خانم، زيرين خانم، إلهان خانم.

يعدّ أبناء عشيرة (فيض الله بكي) الكردية والتي تُعرف باسم (خانة بكي) أيضاً، أنفسهم من أحفاد بوداخ سلطان، وتسكن عشيرة (فيض الله بكي) في مدن (بوكانـ رَبَتـ سردشتـ سقز).

ومما جاء في كتاب (تاريخ مهاباد)، لـ سيد محمد صمدي، الطبعة الثانية، سنة 2002 م (باللغة الفارسية): تقول الروايات إن “بوداخ سلطان” قُتل في عام 1112 هجري، في إحدى الحروب الصفوية (شاه سلطان حسين) بالقرب من مدينة يريفان (عاصمة جمهورية أرمينيا الحالية)، ومع ذلك، وأثناء التنقيب والإشراف على إعادة بناء قبر “بوداخ سلطان” في مدينة مهاباد، تم العثور على قطعة من اللوح المكسور (هيكل القبر) مكتوب عليها بأنه قد توفي بتاريخ 1111 هجري، و بناءً على هذه الوثيقة، فإن الأمير الكردي الشهير “بوداخ سلطان” قد قُتل أو توفي في عام 1111 هـ / 1699 م، وتم إحضار جثته إلى مدينة مهاباد الجليلة الثمينة، ودفن هناك.

وكالات