الأضرحة الدينية بين الحقيقة التاريخية والحفاوة الشعبية

منبج/ آزاد كردي –

يتوافد إليه الآلاف من المحبين والمريدين يومياً من منبج والأرياف ومن الخارج أملاً فيما يسمى «التبرك» وقضاء وقت بجوار أحد أشهر مقامات أولياء الله الصالحين، وهو مقام الشيخ «عقيل منبجي».

ويشهد المقام منذ سنوات قليلة قبلة للسياحة الدينية من مختلف المناطق السورية، حيث تقام فيه مشيخة من الطرق الصوفية الذين يقيمون الموالد وحلقات الذكر والابتهالات كل عام إلا أن فيروس كورونا حرم المريدين والمحبين من الاحتفال بإقامة الموالد وأوراد الذكر.

بطاقة تعريفية

“الشيخ عقيل المنبجي بن الشيخ شهاب الدين البطايحي المتصل نسبه إلى الخليفة عمر بن الخطاب، والمتوفى سنة 550هـ، والمدفون في مدينة منبج من أقضية حلب”. (1)

وتتضارب الآراء حول مكان ولادة الشيخ عقيل المنبجي، فبعض المصادر تقول إنه ولد في منبج، ولكن معظم المراجع لم تشر إليه لا في تاريخ ولادته ولا تذكر الشيء الكثير عنه، غير أن البعض ذكره بقوله: “ومنهم الشيخ القدوة عقيل المنبجي رضي الله عنه كان شيخ مشايخ الشام في ذاك الوقت. سكن رضي الله عنه منبج واستوطنها تسعاً وأربعين سنة ومات بها وقد علت سنه وقبره بها ظاهر يُزار إلى الآن”. (2)

إقامته في منبج

وهذا يعني أن “علت سنه”، أي أنه توفي وهو شيخ طاعن في السن، وإذا كانت وفاته سنة 550هـ، ومدة إقامته في منبج تسعاً وأربعين سنة حتى وفاته، يعني أن الشيخ عقيل جاءها وهو في مقتبل العمر. ويذكر بعض الخطباء ومنهم الشيخ محمود القطان في إحدى خطبه المسجلة على أشرطة الكاسيت أن الشيخ عقيل المنبجي كان بدمشق ومن تلاميذه ومريديه الشيخ رسلان الدمشقي وغيره.

كما يمكن القول إن وصول الشيخ عقيل إلى منبج كان سنة 501هـ وقد عاصر فيها أحداثاً هامة. ويذكره “أبو الفداء” في تاريخه سنة 749هـ، أي بعد وفاته بـ 199 عاماً، كما سنورد ذلك في حينه.

صانع فن السماح

كلمة رقص السماح بحد ذاتها تثير بعض النفور عند البعض، خاصة وللحديث عن الشيخ عقيل المنبجي مهابة خاصة وللحديث عن الشيخ عقيل المنبجي مهابة خاصة لا سيما ونحن أقرب إليه بحكم المكان من غيرنا، ويرجع الفضل الأول له في ابتكار هذا النوع من الرقص.

ورقص السماح هو رقص إيقاعي جماعي رزين رتيب محتشم يمتاز بأصالة ظاهرة في خطواته وحركاته وتشكيلاته ووصلاته. (3)

ورقص السماح يخلو من استخدام الدف أو النأي في المساجد، وذكر آخر رقص سماح في منبج عام 1971م حيث كان المشهد آسراً. الحركات في البداية رتيبة جداً والحركات لليدين وفق رتم رتيب ويسير الإيقاع وفق تسارع يظل ليصل إلى الذروة وحينها تبلغ الرقصة أوجهها ويقوم وسط الحلقة رجل أو أكثر ويبدو أن “اسقِ العطاش” هي الأكثر شيوعاً في هذا المضمار ولا يقتصر الرقص على حركات الأيدي بل الأرجل أيضاً”.

وقد ذكره الباحث الأستاذ عدنان بن ذريل: “لقد تحقق أن مبتكر رقص السماح الجماعي هو الشيخ عقيل المنبجي، وقد دونه بوضعه الحالي المرحوم أحمد عقيل الملقب بصاحب السماح وتلقاه أهل الفن عنه في حلب”.

الحقيقة في رقص السماح ذاته، هو رقص جماعي، أي أن أهل الحال أو المريدين الذين يجتمعون لدى الشيخ لساعات طوال يحتاجون إلى الحركة، وهذه الحركة ضرورية لهم لسببين الأول طرد الخمول الناجم عن الجلوس الطويل والثاني بث روح الحركة والروحانية من خلال رقص السماح.

وصف المقام

ومن المؤكد أن من زار منبج فإنه ستقع أنظاره في القسم الجنوبي الشرقي من منبج القديمة على مقام الشيخ عقيل الذي يقع في المسجد المسمى باسمه، بل في الحي الذي يحمل ذات الاسم”.

وعندما يدخل الزائر إلى المسجد تطالعه القبة الخضراء، ويلاصق المقام جدار المسجد الشرقي، له باب مستقل، وفي الداخل وعلى اليمين يشاهد الضريح المجلل بالمخمل واللوحات القرآنية ثم إلى الجنوب منه ضريح آخر يدل على طفل أو يافع، وهناك لوحة تحمل بعض أقواله رضي الله عنه معزول بواجهة من الزجاج المحكم، وهناك محراب للصلاة يفصل بين ضريح الشيخ عقيل وضريح آخر على اليسار هو ضريح نجله: الشيخ جمعة عقيل المنبجي وبعض الأضرحة تجاور قبر الشيخ جمعة، وبين ضريح الشيخ عقيل ونجله توجد فسحة لأداء الصلاة.

يشار أن مرتزقة داعش قاموا في 6/3/2014م بتفجير مقام الشيخ “عقيل المنبجي” من خلال زرع ثلاث عبوات ناسفة بالمقام الموجود داخل مسجد الشيخ عقيل الذي يعتبر أقدم جامع تاريخي في المدينة.

المراجع

1-معجم رقص السماح: عدنان بن ذريل.

2-قلائد الجواهر: محمد بن يحيى التادفي الحنبلي.

3-منبج سيرة ومسيرة: حسين علي البكار.