أردوغان والمافيا التركية علاقة حميمة ودعم لا محدود

رفيق إبراهيم-

إذا أردنا فهم الأوضاع في تركيا علينا أن نعود قليلاً إلى الوراء وبالتحديد إلى عام 2013، لأن الوجه الحقيقي لأردوغان ظهر عندما كان رئيساً للوزراء، حيث أظهرت التحقيقات أن بعض الوزراء وأبناءهم متهمون بقضايا فساد مالي كبيرة وغسيل للأموال تقدر بملايين الدولارات ليكون من بين هؤلاء نجل أردوغان، حاولت حينذاك الحكومة التركية تحويل الأنظار عن القضية واتهمت بعض الجهات بأن هناك من يحاول ضرب الأمن والاستقرار في تركيا.

لتأتي بعدها بعدة سنوات مسرحية الانقلاب وهدفها معروف للجميع، وهو القضاء على المعارضة التركية التي كانت تقوى يوماً بعد يوم، وأيضاً إذلال وتحييد مؤسسة الجيش التركي لأنها كانت ترفض الدخول في نزاعات خارجية وبخاصة التدخل في الأزمة السورية، والمتابع الجيد للأحداث في تركيا كان يفهم كل ما يجري في تركيا بتفاصيله الدقيقة، وبخاصة تسارع الأحداث في كل ما يتعلق بالانهيار غير المسبوق اقتصادياً ليؤثر على مجمل الأوضاع الداخلية، وفي عام 2014 تم الإفراج عن زعيم المافيا التركية سادات بكر، ليعلن دعمه الصريح لأردوغان علانيةً ومن ثم ليكون له وزن وكلمة داخل مؤسسات الدولة.

في الأسابيع القليلة الماضية أصدر سادات بكر، الفار من تركيا، فيديوهات تتحدث فيها عن عمليات الفساد المالي والأخلاقي وحتى عمليات القتل العمد لأشخاص معارضين بأوامر من الاستخبارات وأجهزة الأمن التركية، وتجارة المخدرات الرائجة في تركيا تتم عبر بعض الوزراء من خلال أبنائهم وجنوا من ورائها الثروات الطائلة خلال السنوات القليلة الماضية، وآخر الفيديوهات يتهم فيها بكر أردوغان والحكومة التركية بشكل مباشر بتقديم كافة صنوف الأسلحة لجبهة النصرة المصنفة على لوائح الإرهاب العالمية، وهذا ما ينذر بأن الأيام والشهور القادمة ستحمل مفاجآت كثيرة ليتوضح بعدها الكثير عن الواقع المؤلم الذي يعيشه الشعب التركي.

ونتيجة الخلاف في توزيع الأرباح من تجارة المخدرات والنفط بين المافيا والحكومة، الشركاء في الفساد، حدثت هوة كبيرة بين طبقات الشعب التركي، وبات الإنسان التركي حائراً ومضطرباً يضرب الأخماس بالأسداس في كيفية تأمين حاجاته الرئيسية والضرورية والعيش بكرامة، وبعدما كانت تركيا تتجه بأن تكون دولة الصفر مشاكل بات الآن الوضع فيها مأساوياً لتصبح الدولة الأكثر مشاكل في المنطقة.

وكلما مرت الأيام يزداد الوضع في الداخل التركي صعوبةً، حيث تشير التقارير الرسمية حول الوضع الاقتصادي السيئ في البلاد بأنه خلال الأربعة أشهر الماضية وصل ملفات العجز إلى أرقام خيالية، حيث تجاوزت المليونين وسبعمائة ألف ملف، ما ينذر بأوضاع خطيرة وكارثية قد تؤدي إلى التدهور والانهيار في البنية الاقتصادية بخاصة أن الحلول غائبة عن تدارك هذا الأمر الخطير.

وفي النهاية باعتقادي أن الأيام القادمة ستكون حبلى بالمفاجآت غير السارة لأردوغان وأركان حكومته، وإن المشهد السياسي سيتلقى صدمات من الصعب النهوض تجاوزها بسهولة، ومع مرور الأيام تهتز ثقة الشعب التركي بمن يديرون دفة الحكم في بلادهم، والتغييرات في المشهد التركي قادمة لا بد، وبخاصة أن الانتخابات لم يبقَ لها إلا القليل والمعارضة التركية تحضر لها، ويبدو من المعطيات أنها الأقرب إلى الفوز إن لم يتم التلاعب بنتيجتها، وقد لا تتحمل الأوضاع انتظار عام 2023 لإجراء الانتخابات في وقتها المحدد.