أحدَ عشرَ عاماً، وسوريا تتفتت، والإدارة الذاتية، تُعيد بناءها 

عصام عيسى (إعلامي)_

مضى أحد عشر عشرة عاماً، وها نحن ندخل الثانية عشرة، هكذا تتوالى سنوات الحرب والدمار في سوريا، ولايزال السوريون يدفعون ثمناً باهظاً للمطالبة بالحرية، وبالكرامة وبالتخلص من الذهنية المركزية السلطوية، والاحتلال ومرتزقته.

أمام أعين المجتمع الدولي، وصمت منظماته، وهيئاته وعجزهم العسكري والسياسي لوقف دوامة الازمة السورية، وبقاء المقترحات والتوصيات حبراً على ورق، مجرد بيانات شجب وتنديد واجتماعات قفز هنا وهناك، بين أستانا، وجنيف، وعواصم أخرى، تجلب على الذاكرة الصورة الرمزية للقرود الثلاثة التي لا ترى، ولا تسمع، ولا تتكلم، قابعة في نفق الأزمة السورية المظلم.

بهذا المشهد يمضي أحد عشر عاماً من الآلام، والمعاناة، ويسطر عنوان عريضٌ لنهاية 2021وبداية 2022 فحواه، سوريا في مناطق حكومة دمشق إمبراطورية للمخدرات، وبقعة لتصدير السوريين كمرتزقة بين جبهات (أرمينيا، اذربيجان، روسيا، أوكرانيا، وليبيا) وتتقاطع في هذه الجزئية مناطق الاحتلال التركي، ومرتزقته، الذين أفرغوا السوري من مضمونه المفعم بالحياة، والإبداع، وحولوه إلى بيدق يتنقلون به من مكان إلى آخر، حاملاً البارود على ظهره، لا يعرف في أي خندق يُقاتل وعلى أي أرض يُقتل.

كما أن انهيار الليرة السورية، وفساد السلطات الأمنية في حكومة دمشق، كانتا سبباً لاستمرار الاحتجاجات في الجنوب، بينما حاول النظام عبر مسرحيات “التسويات” رأب الصدع الكبير الذي أحدثه في جدار النسيج السوري بالإضافة إلى محاولات خلق فتنة بين الشعوب المتعايشة في كنف الادارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، والتي باءت بالفشل أمام صمود المنظومة المجتمعية، وتضحيات قوات سوريا الديمقراطية، التي تقاتل داعش، وتلاحق فلوله بيد، وتدافع عن الشعوب ضد هجمات الاحتلال التركي على نطاق الخط الحدودي باليد الأخرى.

في حين تحولت المناطق السورية، التي تحتلها تركيا، ومرتزقتها مرتعاً لجرائم ضد الإنسانية من قتل ونهب وتدمير للآثار، واختطاف وابتزاز واغتصاب، وقطع للأشجار، واستيلاء على بيوت وأراضي السكان الأصليين، وجميعها ممزوجة بسياسات التغيير الديموغرافي، والتتريك ضد السوريين في عفرين وسري كانيه، وتل أبيض (كري سبي) وجرابلس والباب، وإدلب وما حولها.

 أمام حجم الدمار الكبير الذي لحق بسوريا وبشعوبها، أصبح الانتقال السياسي عبارة فضفاضة وهدفاً بعيد المنال، وذلك لغياب الأطراف الفاعلة على الأرض المتمثلة بالإدارة الذاتية، التي لا تدخر جهداً إلا وتستغله لصالح حل الأزمة السورية عبر توسيع مفهوم الإدارة الذاتية وصياغة عقد اجتماعي توافقي وتشاركي جديد، وموسّع يستظل به الجميع بمساواة، كما أنها تُبقي الباب مفتوحاً للحوار مع جميع الأطراف السورية سعياً منها لإغلاق أبوابٍ من الأزمات المستمرة للوصول الى سوريا ديمقراطية تعددية، لامركزية يعيش فيها السوري بكل كرامة، وعدالة وحرية وتلبي تطلعات ثورته الحقيقية، التي نادى بها  قبل أحد عشر عاماً من الآن وتحقيقها له.